الفصل الثامن

5.4K 90 7
                                    

في هدوء شديد أنغمس في حوض الماء الذي يندفع منه الماء الدافئ من خلال فتحات الجاكوزي الكبير.. الترف يحيط به وخاصة بعد أن كاد يحصل على مبتغاه من الحياة.. إذلال تلك الحقيرة التي بسببها ضاع في الكون.. ولم يعد ينظر إليه أباه.. بل لم يبحث عنه وعن والدته.. أرسل عينيه للامكان.. يحدق في نقطة وهمية في الفراغ فتتراقص أمامه صورة أمه التي كانت واهنة بضعفها ومرضها.. تتسربل داخل خوفها أن يجدوها فما عادت قادرة على العودة لعملها الأصلي وإنما فضلت البقاء على هامش الدنيا.. سيدة عاملة تعمل في أحد معارض الثياب تكدح من أجل توفير ما يجعلها تقتات هي وولدها.. الذي كانت تجمع من أجله كل ما تستطيع ليكمل تعليمه.. ولكنها لم تحظ برؤيته كما أرادت..

صوت نسائي ناعم خارج غرفة الجاكوزي جعله يدرك أنه أطال المكوث في عزلة المكان.. "فيتو".. "هل نسيتني؟!!.. أم تراك سأمت ؟!!". كان صوتها المغناج يقتات من الدلال الأنثوي الذي لم تعرف كيف؟!!. وأين عانقت أنوثتها التي كانت تنكرها؟!!.. هي الشخصية العملية الحادة التي لا تهتم إلا لطموحها وتحقيق أحلامها بالوصول لأعلى..

الأمس بعد ساعة ونصف كانت تقف داخل المصعد الموصل لجناحه بثوب بلون الشمبانيا درجته الذهبية الشحيحة أضفت عليها رونق وكأنها خلقت من أجلها.. وبعد نصف ساعة درسا فيها كل الإجراءات فلم تدرك موافقتها السهلة عندما عرض عليها الإنضمام إليه لمائدة الطعام للعشاء معه مدلالاً إياه بصوت خشن حريري اللمسة أثر فيها :" لا يمكن لرجل أن يضيع على نفسه فرصة العشاء مع امرأة جميلة مثيرة.. لذا لن ترفضي صوفيا العشاء ". كانت تعلم بالعشاء مسبقاً فلم تفكر في كلماته إلا بالموافقة الكلية والاستلام لكل ما يريده.. رقصا معاً كان محترف في كل شيء.. من هذا النوع الذي تشعله جمرة التحدي فيتلذذ بطعم النجاح وتكون النشوة هي دافعه للمغامرة..

وقف متأففاً محدثاُ صخب بالماء حوله.. سحب منشفته الكبيرة يحيط بها خصره ليواجهها والغضب يعصف بعينيه محرق لأعصابه هتف بضيق محطماً لكبريائها الصاخب:" لا تجعلي آمالك ترتفع خارج حدود رأسك.. وإلا ستخسرين كثيراً".

كم يسعده النظر إليها والصدمة تقتحم ملامحها ولا تستطيع الرد عليه.. كان يتلذذ بفكرة تحطيم كل من كانت ترتدي ثوب الرجال وتمارس أعمالها بجدية.. مثل من كسرت أمه وجعلتها تفقد بهاءها رويداً رويداً..

عشق ملامح صوفيا في هذه اللحظة التي لم تجرؤ على حتى النظر وتحركت تأخذ ثوبها من على الأرض.. سحبته لتهرول داخل الحمام العادي خلف باب من زجاج المرايا.. هناك خلعت مئزرها القطني الأبيض الذي كان له وأرتدت ثوبها على عجل.. لم يفتها ان تزفر انفاسها عدة مرات وتمحي عن عينيها أي أثر لدمعة إذلال تكون قد خانتها.. تدرك أنها سعت لذلك أكثر منه.. أخيراً خرجت من الحمام لتسحب حقيبتها تتحدث بكل جدية كمروؤس جاد يدرك حدوده مع رئيسه :" سيدي يتوجب الحصول على توقيعك هنا حتي نبدأ بتنفيذ جميع الخطوات التي ناقشناها بالأمس ".

ويحسدونني[الجزء الثالث من سلسلة حد العشق]!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن