الفصل الثالث

752 58 17
                                    

الفصل الثالث:

قد مرت عليها ليلة لم تري مثلها منذ وفاة والديها..وقتها فقدتهم وها هي الآن قد خسرت أهم من في حياتها وعادت لوحدتها وألمها مرة أخري ..لم تتمكن من مواجهته فلم يكن لديها القوة الكافية.. مخزونها من الطاقة قد انتهي بعدما سمعته وعادت جسدًا بلا روح مرة أخري ..

كان "أحمد" قد شعر أنه بها خطبٌ ما لأنها لم تنتظره مرة أخري وعندما أيقظها أخبرته أنها متعبة وتريد النوم ولم تسأله حتي إن كان يحتاج لشئ ما وهذه ليست عادتها وغير ذلك هو استطاع تمييز أنها قد أمضت ليلتها باكية بسبب شئ يجهله ..أو يعلمه ..مايثق به هو أنه إما والدته أو زوجة أخيه قد آذوها مرةً أخري..

عندما استيقظ لصلاة الفجر لم يجدها في الفراش إلي جواره ..اكتسي وجهه بالتعجب لكنه برر ذلك أنها ربما قامت لتصلي هي الأخري وعندما خرج ليبحث عنها وجدها في تبكي بقوة في الخارج وجسدها يهتز لكثرة بكائها ..

ذهب إليها مسرعًا وحاوط وجهها بكفيه وهو يقول بقلق:

ـ ما الذي حدث مرة أخري يا "مريم" ؟! أخبريني.. لماذا تبكين بهذه القوة؟!

عندما أبصرته اشتدت وتيرة بكائها ولم تعقب فأكمل هو بخوف أكبر :

ـ "مريم" أرجوك أخبريني ماذا حدث ولا تجعلي قلبي يقف

هم أن يمسد علي رأسها لكنها ابتعدت عنه فقال بصدمة:

ـ هل الأمر له علاقة بي ؟! هل ضايقتُكِ في شئ دون أن أعلم ؟! "مريم" أقسم أنه مهما كان الأمر لم أكن أقصد أبدًا أن أضايقك ..ثم حاول تهدئتها قائلًا بحنان :

ـ ما الأمر يا عزيزتي أخبريني لأوضح لك سوء الفهم وينتهي الأمر ..فقط توقفي عن البكاء

لم تستطع أن تتمالك نفسها وألقت نفسها بين ذراعيه وهي تقول بين شهقاتها:

ـ هل ستتزوج بأخري؟! أنا أعلم أني قبيحة ومشوهة وأنت قد مللتَ مني ..حقك الزواج بأخري ولكن أنا فقط ..توقفت قليلًا لتبتلع الغصة التي في حلقها ثم أكملت:

ـ أنا فقط لا أستطيع تحمل فقدانك ..أقسم أنك كل حياتي وإذا فقدتك سأموت ولا يمكنني تحمل أن تشاركني فيك أخري سترجح كفتها بالتأكيد وسرعان ما ستنساني وتطلقني

كان مشدوهًا بشدة مما يسمع فقال بنبرة مرتفعة:

ـ بالله عليك من أخبركِ بهذا الهراء .. أقسم بالله العظيم الذي لم أقسم به كذب يومًا أني لم أفكر قط في الزواج بأخري !!

توقفت عن البكاء ثم قالت بأعين متسعة :

ـ لماذا إذن اشتريت شقةً أخري ولم تخبرني عن الأمر؟!

أستغفر الله في داخله ثم صمت قليلًا ليتنفس ويهدأ وبعدها قال :

ـ انظري يا "مريم".. نعم الله قد أحلَّ للرجل الزواج بأربع ولكن لهذا الأمر شروط.. أولًا أن يكون هناك سببٌ كافٍ لزواجه وأنا لا أملك سببًا كافيًا بالمرة للزواج عليكِ أنت زوجة صالحة تتقي الله في بيتها وفي زوجها وفي ابنتها ويكفي أخلاقك الحميدة التي ما عاد لها مثيل.. أنت لا تجعلين حياتي جحيمًا وخلافات لا معني لها بل أنتِ دومًا متفهمة وتحولين إسعادي قدر استطاعتك ما حُجتي إذن ؟! وغير ذلك يجب أن آخذ موافقتك قبل أن أتزوج أخري لا يمكن أن يتم الأمر دون موافقتكِ .. هل أنا فعلت ؟!

هُنَّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن