الفصل الثاني:
قد تظل أياماً وشهورًا وسنينًا تبني في عالم آخر ..عالم يختلف كليًا عن عالمك الحالي يتخلص من جميع قيوده..تجد وتكدح وهدفك أمام عينيك واضحٌ يقترب يومًا بعد يوم وفي لحظة واحدة ينهار كل شئ لتجد نفسك قد عدت لما قبل البداية ..ذليلًا كسيرًا فاقدًا لكل ما يتمتع به إنسانٌ من كرامة وعزة.. وهذا هو ما حدث معها..
لكم لبثت سنوات تحلم بالتخلص من كل قيود حياتها وتحقيق جميع أحلامها..تقريبًا طفولتها كلها أنقضت داخل حلمها بأن تصبح مهندسة مشهورة وتتخلص من لقب "ابنة الخادمة" ..
لطالما كان يؤذيها أن ينعتها الجميع بهذا اللقب الذي يشعرها بالوضاعة والنقص ..لم تكن يومًا ممن يحملون ضغينة علي آبائهم بسبب حالتهم المادية بل هي كانت تُدرك جيدًا أن هذا شئٌ ليس بأيديهم ولكن هل يرحم الناس ؟!
علي الرغم من أنهم في الأساس يعيشون في حي شعبي ليس بالغني بتاتًا وأغلب من فيه ليسوا أفضل حالًا منهم كثيرًا ولكن هذه هي حالة البشر بما أنهم الأقل لذا فليتعرضوا للسخرية بالصورة المباشرة والغير مباشرة ..لماذا؟!
لأن أمها تعمل خادمة وأباها يعمل سائقًا أما إن كانا يعملان في أشياء غير مشروعة كان ليقدرهم الناس فقط لأنهم يملكون أموالًا طائلة..
في صغرها أقسمت أن تغير ذلك ..أن تحقق نجاحها علي الرغم من إفتقارها للكثير ..علي الرغم من أن تعلمها لم يكن أمرًا سهلًا فكم تعرضت للضرب بسبب والدها حتي تترك التعليم لعدم إمتلاكهم المال الكافي ولكنها كانت تتمسك به بإستماتة وكانت والدتها تساعدها في ذلك فهي لم ترد أبدًا أن يكون مصير ابنتها مثلها بل حرصت أن تحقق كل ما عجزت هي عن تحقيقه ..كانت دومًا من المتفوقين الأوائل ..تعمل بجد بجانب دراستها كي توفر المال الازم لها لأن والدها أقسم ألا ينفق قرش علي تعليمها ولكنها لم تستسلم يومًا.. تذاكر باجتهاد وهي تعلم أن الله لن يتركها أبدًا وسيحقق لها حلمها .."الجزاء من جنس العمل" لذا حرصت أن يكون عملها أفضل ما تستطيع وفعلًا أكرمها الله وتمكنت من دخول كلية الهندسة وفي الأربع سنوات المنصرمة كانت من أوائل دفعتها وها هي الآن في سنتها الأخيرة ولم يكن يشغل بالها سوي أن تنهيها لتبحث عن عمل جيد سيكون الخطوة الأولي في إثباتها لذاتها وخروجها من عباءة "ابنة الخادمة" ولكن هل تأتي الرياح بما تشتهي السفن ؟!
تحطم كل شئ علي صخرة الواقع المريرة ..هل كانت تري أن وصف "ابنة الخادمة" هو المهانة ؟! ماذا يقال إذن عن "آلة الإنجاب" ؟!
مسحت الدماء التي كانت تسيل من أنفها وفمها بسبب ضرب والدها المبرح لها وأمسكت هاتفها وهي لا تعلم كيف نقرت علي أسم "مريم" التي أجابتها ضاحكة :
ـ هل تذكرتينا الآن يا سيادة المهندسة العظيمة
لفظت أنفاسها بصعوبة ثم قالت:
أنت تقرأ
هُنَّ
Storie d'amore#كاملة❤ لازلتِ بين الضياع والمواجهة تتخبطين.. أُذيتِ وتألمتِ وتهشم قلبُك لمئات القطع.. فقدت أعز ما تملكين..ثقتُك وإيمانُك بذاتك.. سهيتِ عن مكنون نفسك ورأيتها بأعينهم العمياء.. والنهايةُ دربٌ من خطأ.. اختيار.. وسيلة.. قرار .. يلتقون في ضلالِ مسعاهم...