الفصل الخامس.

1.4K 144 22
                                    



صباح اليوم التالي:
في صباح اليوم التالي، تآوة نايل من مكانِه ويده على رأسه، اصابعه تعبث بخصلات شعرِه. أغمض عينيه لوهله محاولًا تذكّر أحداث الأمس وهو ينظر إلى هاري المُستلقي على الأرض نائمًا بعمق، آلام رأسه تزيد شيئًا فشيئًا.. مدّ يده نحو صديقه ليوقِظه.. لم يكن مُدركًا كيف وصل للمنزل.. آخِر ذكرياته كانت فصل الكهرباء عن القصر. إلهي حتمًا أفسدت الزفاف! فكرّ وهو يلعن نفسه على تهوره اللا مُبرر.
"هاري استيقظ لديك حبة مهدء؟"

"لا أملك شيء.."
خرجت الأحرف متزاحمة مِن فمه بالكاد مفهومة، وهو يدفن رأسه أكثر بالوِسادة.. تأفف نايل بضيق

خرج نايل من الغرفه قاصدًا المطبخ لعله يجد بعضًا منها بالثلاجة، دخل وهو يفرك عينه بنعاس، ويتثائب بِكسل. وجد روز تسكب الماء داخل إبريق وتضعه فوق النار، اشاح بنظره على ملابسها من قميص قطني رُماديّ اللون وبنطال أزرق .. ابتسم على منظرها وأردف:
"صباح الخير."

التفتت روز بِسرعة ناحيته، ابتسمت بالمقابل وردّت:
"أهلًا، صباح الخير. تُريد قهوة؟"

هزّ رأسه بمعنى لا، وجلس على الكرسي مقابل الطاولة ووضع رأسه عليها، كان الصداع يقتله:
"هل هناك دواء للصداع؟"

"امم لا اعلم حقيقةً، لست متأكدة أنه لدي.."
عضّت على شفتيها بتفكير وهي تمد يدها لتصل إلى كوب من الدرج العلويّ. قاطعها نايل القائِم من مكانه وهو يلصق صدره بظهرها بنيه احظاره لها، بلعت ريقها بتوتر والفراشات تعبث به، كان جريئًا بالنسبةِ لها.

ابستم بخفه وهو يضع كوبين بين يديها ثم اردف:
"حسنًا اذًا حظري لي القهوة معكِ."

"سأفعل.."
ابتسامة شاسعه تربعت على شفتيها القُرمزيّة. بينما ذهب هو ليحظر الإفطار.

وبينما هو يُخرِج المربى والزبدة من الثلاجة الأفكار لم تبارحه،
أعني مشاعره إتجاه سكارلت، كان شيئًا لم يستطع تفسيره، وكأن الحب الذي امتلكهُ نحوها يبدأ بالتبخر يومًا بعد يوم، كيف سمِح لنفسه أن يقع بحب مُراهقِه؟ والذي كان من الواضح جدًا لم تكن بوضعٍ يسمح لها بالإستقرار. كما أراد هو.

وضع الخبز أخيرًا على الطاولة وجلس, افكاره لا تزال بوادٍ آخر.

افاق من سرحانِة على صوت روز وهي تأشر بيدها أمام وجهه، وضعت القهوه على الطاولة امامه وبدأ كل منهما بالأكل بهدوء.

"ما رأيك بنزهه؟"
تفوّه من غير تفكير، أراد أن يغير من جوّه العكِر قليلًا.

"نايل انها الرابعه صباحًا.."
قالتها بإبتسامه وهي ترتشف قهوتها. 

"أنتظرُكِ في الأسفل، لا تتأخري كثيرًا."
ابتسم هو الآخر وقام مِن مقعده ليخرج من المطبخ إلى الطابق السفلي، ما إن جلس على الأريكة واضعًا رأسه بين يديه، حتى بعد القهوة لازال الصداع ينخر عقله. تأفأف بضيق. وقبل أن يستطيع رفعه أحس بيدين دقيقتين تحاوطان عنقه. عقد حاجبيه باِستفهام. روزي لن تفعل هذا؟

"هل فاجئتك؟"
قفزت سكارلت لتجلس بجانبه، ابتسامه خفيفه على شفتيها.

"نوعًا ما أجل؟"
هز كتفيه بعدم اهتمام. جفل عندما احس بيدها فوق يده، عينيها لا تُبشّر بشيءٍ جيد.

"نايل، أُريد أن اطلب منكَ شيئًا.."
سحبت يدها من يده ووضعتها بحضنها، تفركها بتفكير قبل أن تُكمِل:
"لا أريدك أن تخبر أيًا من والديّ عن جايس.. أنا اعلم انك صُدِمت لكن لا يمكن أن يعلم أحد!"

"لا تقلقي كُنت مخمورًا بعض الشيء، أنا نفسي لا أذكر شيئًا.."
ابتسم لها بِفتور وأبعد عنها، رفع نفسه بتثاقل وسحب خطواته حتى وصل للباب، أرتدى مِعطفه المُعلق وخرج ليجلس على درجات السُلم مُنتظرًا

بينما روز لم تعلم لِم وافقت مِن البداية، جزءٌ من نفسِها أراد أن يكتشف المكان بعيدًا عن أبويها، حتى تسنح لها الفرصة لترى المدينة بحق.
أنهت إرتداء ملابسها ونزلت للطابق السفلي، خطاها متوازِنة على نغمٍ واحد حتى وقفت بمنتصف الصالة، عينيها تمسح المكان لترى نايل، لكن لا وجود لأحدٍ سوى من سكارلت المشغولة على الهاتف.. بلعت ريقها بتوتر خوفًا من أنه خرج حقًا ولم ينتظرها. أخذت معطفها وفتحت الباب لترى نايل الجالس على الدرج، انشرحَ قلبها وابتسمت بخفّه على أفكارها ونزلت لتقف أمامه:
"إذًا إلى أين ستأخذني؟"
نظرت إليه بعينين ضحوكتين، اللَّعب يشع من زُمردتيها..

"سترين حالًا.."
تلاعب بحاجبيه وهو يمد يده لتأخذها، وقف بجانِبها وأشار برأسهِ بمعنى لنذهب..

أخذوا يتنقلون من بين حافلةٍ إلى أخرى، وروز حتى الآن لا تعلم إلى أين كان الهدف الأخير، عينيها كانت تحفظ صور المدينة.. الشوارع القديمة والأشجار التي تعانقها، المشاة مطأطئين رؤوسهم في طريقهم إلى عملهم. كلٌ لديه قِصة أُخرى في رأسه..

حتى آخر محطة، نزل كِلًا منهما وأكملا المشي.. الصمت يسيطر على الجوّ لكن لم يتذمر أحد منه، كان مريحًا

"إلهي أنت تمزح بالتأكيد"
إبتسامتها أتسعت وهي تنظر إليه. كان واقفًا أمام منتزهٍ صغير، وألعاب الأطفال على الجانب. جلسا على العشب
وأخذ يدها بيده، أبتسم هو الآخر لها وأردف:
"ما هو هدفك بالحياة روزي؟"

- تم التعديل
شكرًا جزيلًا لكل من يقرأ 💕

وطني أنتِ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن