البارت السابع ♥️.

3.4K 78 2
                                    



قبل عشر سنوات ..

لم يتمكن عايض من تحمل الأمر أكثر , كل ما اضطر للذهاب إلى عمه لسبب أو آخر , قابلها بالصدفة .
كانت تبدوا مختلفة كل مرة .
البريق في عينيها , اختفى تماما .
ليحلّ محله غموض لم يتمكن من فهمه إطلاقا .
حتى النور غاب عن وجهها .
بعد أن كانت تقابله بابتسامة واسعة , صارت لا تبتسم إلا قليلا .
من فتاة تحب التحدث كثيرا , والبوح عما تشعر به .
صارت فتاة انطوائية , صامتة .
تشغل نفسها بأعمال المنزل .
بالرغم من كونها طفلة !
أصبح عاجزا , وبين نارين .
لا يستطيع أن يمنحها المزيد من الاهتمام , كي لا تتعلق به .
فهو لم يقتنع يوما , بفكرة الزواج بها .. أبدا .
ولا يستطيع أيضا أن يتجاهل هذا الحزن العميق بعينيها .
لذا ..
قرر أن يبتعد .
عنها , وعن المشاعر المضطربة التي تراوده كل ما لمح ظلها .
ليستقر في المدينة .
بعد أن كان يذهب إليها يوميا ويعود منها , من أجل الجامعة .

لم يخبر يمنى بالأمر , ولم يكن لديها أي معرفة .
حتى غاب أسبوعا كاملا , ولم يمر من أجل مساعد حتى .
استغربت ذلك , وظلت مرتبكة .
حتى أتت نجد ذات يوم , وسألتها عنه
لتجيبها وهي مستغربة / تمزحين يُمنى ؟ عايض له أكثر من أسبوع راح للمدينة ولا رجع , استقر هناك خلاص , ما راح يرجع إلا بعد ما يتخرج إن شاء الله .
نظرت إليها يُمنى بذهول , بعينين متسعتين , لتزدرد نجد ريقها بخوف من هذه الملامح / لا صدق ما تعرفين ؟
هزت يُمنى رأسها نفيا , وأكملت ما بيدها بصمت , حيث كانت تصنع شيئا ما بالصوف .
دون أن تعلق على ما سمعت .
تنهدت نجد بضيق وأمسكت بكف يُمنى / معليش يمنى , هو أساسا راح مستعجل , وما قرر إلا قبل لا يروح بكم ساعة , تدرين الطريق من المدينة للديرة قد إيش يخوف ومو ممهد أبد , يعني صعب يجي و ......
قاطعتها يُمنى / طيب خلاص يسوي اللي يبيه بكفيه , ليش قاعدة تبررين نجد ؟
نجد باستغراب / يعني مو زعلانة ؟
هزت كتفيها بلا مبالاة / لا .
نجد براحة / كويس أجل .
ساد الصمت لفترة , قبل أن تسأل يُمنى بهدوء .
بعد أن حاولت أن ترغم نفسها على السكوت ولم تتمكن / ما راح يجي حتى بالإجازات ؟
نجد / إلا أكيد راح يجي .
ابتلعت يُمنى الغصة الحارقة بحلقها , وأرغمت نفسها على التحمل .
ولا تبكي .
نجحت في ذلك .
لدرجة أنها فقدت القدرة على الشعور بأي ألم .
الصدمات بسنها الصغير , كانت كافية لجعلها تفهم الأمور بوعي أكثر .
وتصبح أكثر نضجا من عمرها الحقيقي .
حتى أنها كلما قدِم عايض من المدينة , تختفي تماما .
تحبس نفسها في حجرتها , ولا تنزل منها أبدا .
حتى تسمع عن مغادرته .
لم يكن ذلك الشيء جيدا بالنسبة لعايض بالتأكيد , كان يبحث عنها دائما ولا يجدها .
حتى أصبح يتضايق من ذلك الشيء .
إلا أنه لم يسأل عنها أبدا .
يُمنى كانت أكثر قوة منه , لم تفكر يوما بالنظر إليه ولو من بعيد .
لم تكن تلك المصيبة العظمى بالنسبة لعايض .
بل معرفته بحقيقة أحرقته قهرا وغيظا .
لم تكن تلك الحقيقة سوى تكرار سلمان الذهاب إلى منزل عمه , وعلى الدوام .
حتى أنه يلازمهم لأوقات وساعات طويلة ..
ويُمنى بالتأكيد , تأمن جانبه !
فهو بطلها , ومنقذها من مصيبتها العظمى !

رواية | وبي شوقٌ إليك أعّل قلبي.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن