لم يكف عايض عن الضحك منذ الأمس .
ينشغل قليلا , ثم ما إن يتذكر ما حصل ليلة الأمس , يعاود الضحك .
يشعر بروحه ترفرف من شدة السعادة .
كيف لا , وهو قد رآها بالأمس ولو لعدة دقائق قليلة .
وسمع صوتها .
يشعر أنه أسعد إنسان في الكون .
دخل إلى الاستديو بعد أن فتح الباب بمفتاحه , شغّل الأنوار وجلس على المقعد .
فتح جهاز الحاسب , يبحث عن أبيات تليق بيُمنى , ليلحنها ويغنيها لها .
بالأمس وقبل أن ينتهي تماما من تركيب الطاولة , واستمر بالغناء .
أتاه صوت صراخ يُمنى من الداخل وهي تقول بغضب ( بنام يا ببغاء اسكت ) .
انفجر ضاحكا هو ونجد وحتى حسناء اللاتي وصل صوتها إليهن .
رفع هو صوته ( ابشري خلاص ما عاد بغني , بعتزل الغناء ) .
أتاه ردها ( أحسن , تريح البشر وكل الكائنات الحية من صوتك الخايس ) .رفع رأسه حين دخل طراد ونظر إليه بإستغراب / مع مين تضحك .
عايض بابتسامة / الناس تسلم أول .
طراد / مو أنا كنت بسلم أصلا , انفجعت من شفتك تضحك لوحدك .
وقف عايض واقترب منه وهو يضحك ويعانقه / حبيبي يا طراد , عندنا تسجيل بس شيء خاص مو طلب .
أبعده طراد بقوة / لا والله انقلع , انت حتى من فلوس الطلبات يا الله يا الله تعطيني حقي .
أمسك بكفه / تكفى يا طراد يا صديقي الحنون والله بعطيك أكثر من حق الطلبات , بس سجل .
استغرب طراد أكثر , ليرفع كفه ويلمس جبين عايض / انت بخير ؟ اليوم مزاجك عال العال ما شاء الله , غير طول الأسبوع كنت كأنك عانس .
عايض بابتسامة / أف لا تقول , صار اللي نساني كل الهموم , يلا عاد سجل لا تخيليني أترجاك كأنك انت مديري وأنا موظف عندك .
طراد بمكر / تعلمني إيش صار وخلاك مبسوط لهالدرجة ؟ أسجل لك ببلاش .
ضربه عايض بحنق / من متى ياخي صاير كذا ؟ خلاص ما أبي .
طراد / أنا صديقك ليش تخبي عني ؟ ولا خايف أحسدك .
عايض بغيظ / خلاص بعلمك , شفت حبيبتي أمس بالصدفة .
ضحك طراد / ههههههههه وهذا اللي مطيرك من الفرح ؟ طبعا مو أبوك يبي يزوجك بالغصب عشانها ؟ خلاص بسجل .
اقترب من الكرسي ليجلس , إلا أنه عاد والتفت مرة أخرى / لحظة تحب وحدة ثانية غير طليقتك ؟
ضربه عايض على كتفه مرة أخرى / ياخي بلاه هالتسجيل لو يخليني أقول لك أسراري كلها , لا يا ملقوف ما عندي وحدة ثانية , هي نفسها .
عقد طراد حاجبيه / ومتأكد إنها بترجع لك مثلا ؟ عشان تقعد تحبها إلى الآن ؟
تغير مزاج عايض تماما , واسودّ وجهه عند هذا السؤال .
هل ستقبل بالعودة ؟
تنهد بضيق / ما أدري , بس خليني أنبسط بهاللحظة على الأقل , وما راح يصير غير اللي كاتبه ربي ._____
خلف كتاب الرياضيات , تكتب هنا وهناك وبلا توقف .
منذ أن دخلت المعلمة .
لم تتمكن من التركيز معها أبدا .
بل ذهنها شارد تماما .
يوم الأمس بطوله كان مختلفا تماما , عن أي يوم آخر .
في بدايته بعثرت حسناء كيانها بسؤالها , ثم إلقاء الخبر الصادم عليها .
في نهايته شعرت بالحياة فجأة , حين أبصرت عيناها عايض دون سابق إنذار , ثم سماع صوته العذب وهو يغني لها .
ضحكت فجأة وهي تتذكر الموقف , وخروجها إليه بمظهرها المضحك .
لتبصر بطرف عينها رداء أحمر , تركت القلم وأقفلت الكتاب سريعا بارتباك وهي ترفع عيناها إلى المعلمة .
التي نظرت إليها بحدة , ثم سحبت منها الكتاب رغم محاولات يُمنى في ألّا تستطيع أخذه .
لتجلس أخيرا باستسلام ودقات قلبها تتسارع بارتباك .
رفعت المعلمة صوتها بحدة / ماشاء الله إنتي جاية تدرسين ولا تلعبين ؟ أنا هنا قاعدة أشرح وانتي ماشاء الله تكتبين غراميات وعايض ومدري وشو ؟
وضعت الكتاب على الطاولة بقوة حتى انتفضت يُمنى عائدة إلى الخلف / أصلا من زمان وأنا عارفة إنه مكانك غلط في المدرسة , ولازم تدرسين منازل , لكن الحمد لله الحين لقيت لي حجة أحتج بها في الإدارة , يلا قدامي .
ازدردت يُمنى ريقها بارتباك / ليش ؟
تكتفت المعلمة وصوتها يعلوا أكثر / ليش ؟ وتسأل ليش كمان ماشاء الله , يلا .
وقفت يُمنى وعيناها على الأرض , تسير خلف المعلمة .
حتى خرجتا وتوجهتا إلى مكتب المديرة , هناك أطلقت المعلمة لسانها , وأخبرتها بكل شيء .
لتهز المديرة رأسها بإيجاب وتأمرها بالعودة إلى الصف .
بينما تقف يُمنى بالقرب من الباب , تنظر إلى الأسفل .
تفرك يديها بتوتر .
تدعوا الله أن لا تفتح المديرة الكتاب , فتُفضَح أمامها أيضا .
أنت تقرأ
رواية | وبي شوقٌ إليك أعّل قلبي.
Romanceرواية مقتبسة من قصة واقعية لفتاة سعودية اسمها يُمنى ، أحداث شيقة ..