الفصل الرابع

1.2K 67 2
                                    

الفصل الرابع

————

أنتفض من ذكرياته عندما لامس وجهه شيء ما، فرفع نظره ليجد أن ما لمسه ليس إلا خصلات شعرها السوداء عندما أمالت برأسها للخلف ظل يرمق خصلاتها المتطايرة أمامه بتحدي سافر يكبح رغبة ملحه في رفع أنامله لتحسس نعومته، ولكنه نفض تلك الرغبة سريعا عن عقله المتهور، تضربه خاطرة قديمة (نفسي أشوف شعرك أوي، إمتى بقى هيحقلي أشوفه).

(طيب هو لونه إيه؟) لتصدح ضحكتها مغيظة له تجيبه بتلاعب (بتحلم يا "آسر"؟مش هتشوفه إلا بعد كتب الكتاب).

نعم كان يحلم لقد صدَقَت في قولها، لقد تخلت عنه في أحلك أيامه سوادًا، ليتأكد أنها لم تصدقه حبها، فاق من شروده على تحركها من فوق الأريكة خروجا من الحجرة، فتنفس الصعداء. أخيرا سيهرب من ذلك المأذق، تُرى هل صديقه لازال مرابطًا أمام البيت أم تخلى عنه لينقذ نفسه من غضب زوجته؟ لم ينتهي من ذكره لينتفض عند صدوح نغمة رنين هاتفه فجأة على ذكر اسم صاحبه ليسرع في كتم صوته وإغلاقه، تسارعت ضربات قلبه توترا، وزاد تعرقا عندما أنصتَ السمع ليكتشف ثبات حركتها، فمن المؤكد أنها استمعت للرنين . ماذا سيحدث الأن ؟، ستكتشف أمره ؟ ستصرخ؟. نعم، فهي متمكنة في ذلك . يجب عليها الحصول على درع الجائزة التقديرة للصراخ العالمي.

ابتلع ريقه الجاف بصعوبة بالغة عندما شعر بإقترابها مرة أخرى رويدا رويدا منتظر إنقضاضها عليه والإمساك به حتى وصلت لأريكاتها فأغمض عينيه بقوة كالنعامة التي تدفن رأسها ظننا منها أن أعدائها لن يروها ، فيصله صوت سحب النافذة المعدنية من فوق رأسها تغلقها بإحكام يليها سحب الستارة تغلقها هي الأخرى و تقول بإندهاش واضح:

-إيه اللي فتح الستارة كده ؟غريبة!

سمع بعدها خطواتها المسرعة تتحرك خارج الحجرة بعد صدوح صوت طفلها الباكي من الحجرة الأخرى، فتلك الفرصة لن يضيعها ولكنه كاد أن يحرك ساقه وقوفا، صدم من تيبس ساقيه لتخرج من حنجرته صرخة مكتومة، فتحرك متحاملا على نفسه حتى يستطيع الهروب، حاول مرة، اثنان فتح النافذة إلا أنه عجز عن فتحها، وكاد أن يكسر مقبضها بتوتره، فيجب عليه الإسراع قبل عودتها.

تحرك بتهور يجول في أركان الحجرة يبحث بعينيه عما يساعده للتحرر من معتقله، من سجنه.

سمع إقتراب خطوتها متزامنا مع هدهدتها لطفلها الصغير، فصدرت منه قفزة يبحث عن مكان للإختباء، فلم يجد إلا الباب أفضل مخبأ له. سيكون ذلك أفضل لساقه المصابة من الإختباء خلف الأريكة. وقف خلف الباب متشبثا بمقبضه متحصنًا به، ولكن فضوله الذكوري أخذه ليستكشف هيئتها ليقارنها بالصورة التي رسمها بعقله لها، وليته لم يدفعه فضوله لقد تسمر مكانه عندما لمحها بقميصها القطني المنحسر بسبب إنحنائها ليكشف عن ساقيها. نفض همزات شيطانه عن عقله حتى لا يتأثر بهيئتها المغايرة لخياله. ظل مغمض العينين كالتلميذ المذنب منتظر عقابه هامسا بصوت غير مسموع:

 رواية(اللص. .بغدادي) بقلمي وسام الأشقرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن