الفصل الثامن
—————
استهلك أكثر من علبة سجائر، شارد الذهن، متعكر المزاج، لم يتحلَّ ببعض الثبات منذ أن فاجأه طليق شقيقته الصغرى يطلعه عما فعله بها ، ترددت كلماته بذهنه (أنا قتيل المشروع ده ولو أبويا وقف قدام المشروع ده هنسفه.)
انتشلته من شروده لمسات زوجته الهادئة فوق كتفه، ويتبعها سؤالها المعتاد:
-أنتَ إيه اللي مصحيك لحد دلوقت؟
رفع نظره يواجهها بلوم يتأكله، وينهشه بشراسة:
-يعني مش عارفة ليه؟
تحركت تجلس ملاصقة به بدلال مفتعل لتردف ببطء:
-إللي حصل حصل يا "عبدالله" وجوزها عايز يرجعها عشان مصلحة الكل، زعلان من إيه بقى؟
امتدت أنامله تلتقط أخر سيجارة بعلبته في محاولة فاشلة للتنفيث عن ضيقه، يجيبها باختناق:
-مش عايزاني أضايق وأنا قاعد هنا وعارف إن أختى اللي مربيها محبوسة في شقتها، وأنا مش عارف أعملها حاجة ، مضايقش وأنا بكره هبيع نصيبها من ورا ضهرها، وبدون رضاها؟
اعتدلت في جلستها واضعة ساقا فوق الأخرى، فلم يبدو عليها التأثر من تخبط زوجها ، ولكنها لم تستطع أن تتوقف عن بث سمها بأذنيه كما اعتادت فأشاحت بيدها بإهمال تبصق كلماتها المسمومة:
-مشكلتك يا "عبدالله" إنك قلبك حنين بزيادة ومكبر الموضوع، هو أنت يعني هتاكل حقها ؟، ده أنتَ بتكبر فلوسها في مشروع عمرها ما تحلم بيه، روق بس دمك عشان مشوار بكره تكون فايق وإنتَ بتمضي وبتعد الفلوس.
نفث دخان سيجارته المحترقة يهمس لنفسه قبل أن يهمس لها :
-تفتكري هتسامحني في كده؟، هتسامح في أنّي بعت مصانع الخشب بدون علمها وهي محبوسة في شقتها ؟
-وهي هتعرف منين؟!
ذلك السؤال الذي خرج منها بتوتر واضح حتى ازداد توترها وتفاقم عندما سمعته يردف بأسى:
-عِرْفت يا "جيهان "، "حاتم" للأسف قالها.
نظرت له بفاه فارغ مصدومة مما سمعت، فنطقت بتلعثم مرتبك:
-يعني إيه؟، يعني البيعة وقفت؟، دي ممكن تلغى التوكيل وساعتها مش هنقدر نكمل البيعة ولا نكمل المشروع.
- ده اللي همك ؟ متخافيش أوي كده ، "حاتم" قام بالواجب وحبيسها لحد ما نخلص البيعة وأسلمه الفلوس .
زفرت براحة لتتحول سريعا للهدوء الذي يميزها:
-الحمد لله طمنتني، وأهو هنخلص من الديون اللي ليه عندك، وضاغط عليك بيها .
صمتت للحظات تفكر بحيرة في أمر ما حتى سألت بفضول، وبعينيها بريق لامع:
-هو أنتَ يا "عبده" هتدخل باسمك في مشروع القرية ؟، مش هتدخلني معاكوا؟
أنت تقرأ
رواية(اللص. .بغدادي) بقلمي وسام الأشقر
Mystery / Thrillerاقتحم بيت جارته المجنونة ولم يعلم أن قدره ينتظر بداخل جدرانها لتتحول حياته في لحظة فمنذ سنوات ينتظر تلك اللحظة الذي يذهب فيها عقله ويتخلى عن مكانته وووقاره ورسميته ليتحول لذلك اللص المجرم المقتحم لخصوصية غيره