الفصل الثاني

1.3K 72 1
                                    

الفصل الثاني

————

اقترب "هيثم "ينصت لهمسه العالي بحاجب معقود وفاهٍ مفتوح يسأله باندهاش يليها ضرب صدره بشهقة :

-أنتَ بتكلم نفسك؟! يا ضنايا يا بني .

وجه اهتمامه لصديقه المتلهف للعودة لمنزله، و يردف يعرض فكرته:

- مافيش حل إلا إن أحاول اتشعلق على المواسير دي.

مرر صديقه عينيه بينه وبين ما ينظر إليه بصدمةٍ جليةٍ فاندفع يتهمه:

-أنت أكيد اتجننت! عايز تطلع على المواسير زي الحرامية ؟ نفرض حد لمحك ومسكك.

أشعلت كلماته كرامته فاندفع في هجوم يخبره:

-إيه ! مالك؟. أنت نسيت إنِّي ساكن في الهبابة دي ؟. وكمان مين اللي أمه داعية عليه وهيتعرض ل "آسر البُغدادي ". أنت ناسي أنا أبقى مين؟

استمرا في جدالهما غير النافع لينتهي الأمر بتوجه "آسر" لمراقبة الأجواء مع المحاولة الأخيرة لفتح باب العمارة، فذلك المبنى لا يسكنه سواه وسوى تلك الجارة المزعجة التي لم تكف عن الصياح والغضب ليل نهار ليصل الأمر إلى حد الغناء بصوتها الجهوري المزعج، فهو الأن على يقين أنها من أغلقت باب المبنى من الداخل خرجت سبة وقحة من بين أسنانه:

- يا بنت **** ، فاكره نفسك عايشة في العمارة لوحدك.

ثم وجهه حديثه لذلك المراقب وهو يتراجع عن الباب يرفع عينه لأعلى :

-ما فيش غير الزفتة اللي ساكنة معايا اللي قافلة الباب كعادتها زي ما يكون الحرامي مش هيلاقي غيرها يسرقها.

ظل يراقب نافذتها المفتوحة الظاهر منها ستائرها التي تجاور شرفته، بدأ يقيس المسافة الفاصلة بينهما فوجدها مسافة بسيطة يمكن بلياقته الجسدية أن يتجاوز هذه المحنة سريعًا. سيعتبر تلك المهمة، كتدريب كما كان معتادًا منذ سنين

إلتفت لصديقه وقد عزم على الأمر أن يتسلق إلى نافذتها ثم يمر منها إلى شرفته لتكون له نقطة ارتكاز. لن يأخذ الأمر وقتًا؛ ليحصل على الراحة بعدها ، وينال عزلته المنشودة فأردف بإصرار:

-مافيش حل إلا كده.

حاول إثنائه عن تهوره خوفا من تبعات تصرفه الطائش:

-"آسر" الموضوع مش عِند، تعالى يا سيدي معايا بات في الشقة التانية لو مش عايز تبات عند أُمك ،وبكرة نشوف موضوع المفتاح اللي ضاع، أنا خايف تودي نفسك في داهية أنت حكتلي أن جارتك دي مجنونة. مش بعيد تبلغ عنك وتتهمك بإغتصابها.

هز رأسه بعدم اهتمام، ودافع عن فكرته المجنونة :

- هي زمانها مخمودة. النور مطفي .

—————-

بعد لحظات كان قد بدأ في تسلق تلك الأسطوانات البيضاء المكشوفة للغاز ببطء مع مراعاة حالة ساقه المصابه، وضع ساقه اليمنى بحرص ليتبادل معها اليسرى صعودًا لأعلى. شعر بالارهاق والتعب الشديد وكاد أن يتراجع عما عزم عليه لولا حاجته الملحة للعزلة والاسترخاء، سمع صوت "هيثم " القلق ينبه بصوت منخفض حتى لا يلفت الانتباه:

 رواية(اللص. .بغدادي) بقلمي وسام الأشقرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن