الجزء الرابع والأخير من المجهول

77 45 8
                                    

وعندما رأى صورة أختها الكبرى تذكر شيئا مهما.

تلك كانت نهاية الجزء الثالث.

فسألها في دهشة.

، : أهذه أختك؟

فقالت في هدوء:

نعم أتعرفها؟

فأجابها قائلا:

لقد أتت إلى شركتي منذ شهرين لأنها كانت بحاجة إلى وظيفة، ولكنها لم تأتِ في أول يوم لها، فظننت أنها لم تعد بحاجة إليها، فشرعت في البحث عن فتاة أخرى.

فقالت الفتاة:

: وأين هي الآن؟

فأجابها في حزن:

لقد ماتت ومات معها أبوكِ وأمك يا حبيبتي، وأنتِ من أخبرتِنا بذلك.

ظلت تبكي كثيرا حتى تعبت وغلبها النوم، وعندما استيقظت قررت أن تقبل بقضاء الله، وهذا ما فعلته في المرة الماضية، ولكنها بالطبع لم تكن تتذكر ذلك.

مرت الأيام وهي في تحسن مستمر، تستجيب لمحاولات الجميع في جعلها تتذكر، وأحيانا كانت لا تستجيب، ولكنها على كل حال كانت تتحسن.

وفي يوم من الأيام كانت تلعب خارج البيت مع الفتاتين، وكان هناك رجلين قريبين منهن، فقال أحدهما للآخر:

أشعر وكأني رأيت هذه الفتاة من قبل في نفس المكان، ولكنني لم أتذكر متى رأيتها.

فقال له الآخر:

أنا لم أنس أبدا يا صديقي، تعال معي لنعيد ذكرى الماضي.

وبعد دقائق ذهبت الفتاتان إلى المنزل دون الثالثة، وكان يبدو عليهما الخوف، فسألهما الأب:

ماذا حدث؟

فقالت رقية ذات العشرة أعوام وهي تبكي:

كنا نلعب في الحديقة، وفجأة جاء رجلان وأخذا ردينة معهما وهددانا بالقتل إن لحقنا بهما، فجئت أنا ورويدا إلى هنا لنخبرك.

فخرج الأب مسرعا لا يعرف إلى أين يذهب، ولكنه يريد أن يجد ردينة.

أما الأم فظلت تبكي وتقول:

يا الله لقد ضاعت إحدى بناتي في هذا المكان منذ سبع سنوات، وحتى الآن لم أجدها، لقد أحببت ردينة كثيرا، ولا أريدها أن تضيع هي الأخرى.

وظلت تدعو الله أن يحفظها أينما كانت.

ظل الأب يبحث عن ردينة في كل مكان، لا يعرف أين هي، ولكنه يريد أن يجدها حتى لو كلفه ذلك البحث عنها طيلة حياته.

ظل يسأل الناس حتى أخبره أحدهم أنه رآها مع رجلين واتجهت بها إلى مكان ما، فشكره الرجل وذهب بالاتجاه الذي دله عليه، فتبعهما حتى وصلا إلى مكان مهجور، فقال أحدهما:

لقد نفدتِ منا في المرة الماضية، أما الآن فلن أسمح لك بذلك أبدا.

ثم صوب المسدس ناحية رأسها، ولكنه لم يستطع أن يقتلها، لأن الأب انتزعه منه وسأله في حدة:

ماذا كنت تقصد بالمرة الماضية؟

ضحك الرجل وقال في سخرية:

هذه ابنتك المفقودة منذ سبع سنوات، نحن أخذناها وكنا على وشك أن نقتلها، ولكنها هربت منا، والآن ها هي معنا وسنقتلها، يا لك من مغفل!، نحن رأيناها مرة واحدة وعرفناها، وأنت والدها لم تعرفها؟

حملها الأب وظل يجري حتى وصل إلى المشفى وهو يشكر الله ويقول:

الحمد لله لقد وجدتها، إنها ردينة ابنتي، حمدا لك يا الله.

أفاقت ردينة فذهب إليها وعانقها قائلا:

هل أنتِ بخير؟

فقالت في تعب:

نعم أنا بخير.

وكانت قد استعادت ذاكرتها، فأخبرها الأب بأنها ابنته وأنها كانت مفقودة منذ سبع سنوات، ففرحت الفتاة وقالت:

أنا أعرف أنهم ليسوا عائلتي، لقد أخبروني أنهم رأوني أهرب من أشخاص كانوا يريدون قتلي، فذهبت معهم مثلما ذهبت معك، كنت أحبهم كثيرا مثلما أحببتكم، كانوا عائلتي بحق مثلما كنتم أنتم، ولكن أحقا ما تقول؟، أأنت أبي؟

فعانقها وقال: نعم أنا أبوكِ ونحن جميعا عائلتك.

عادا إلى البيت، وفرحت الأم كثيرا لأن الله استجاب لدعائها وفرحت ردينة بعائلتها، وشكرت الله كثيرا لأنه أعاد إليها كل شيء بعدما كانت تقريبا قد خسرت كل شيء.
تمت بحمد الله.

انتظروني في قصة جديدة.

الواقع في خياليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن