- باتريك: هل تظن أنك بعدم مقاومتك لي، وتركي أقضي عليك سترتاح، ويرتاح ضميرك، سيبرد قلبك، هذا لن يحصل أيها الوغد، لن يحصل، ستبقى النيران المشتعلة في قلبك تحرقك حتى بعد موتك.
بقي باتريك على هذه الحال حتى قضى عليه، ثم جلس بجانبه يضم رأسه بين قدميه ويبكي، كلما جاهد لنسيان الأمر، يعود له بطريقة أقسى من قبل، وكأنه صراع بينه وبين الألم، وما يُعرف عن الألم أنه أشد جلادي الحياة شراسة، ولا يمكن هزمه، فهو يردي ضحيته طريح فراش البؤس، عالقا بين الحياة والموت، لا هو الحي الصامد متجرعا الصبر، ولا هو الميت نجاة من كل صراع، ملتاعا بين الحياة والموت، دون سبيل للهداية، دون منقذ يرشده إلى الطريق، بقي على حاله هذه حتى الصباح، قام بعدها بسحب جثة يول، وإلقائها في عرض البحر، متمنيا أن يبقى هكذا في ضياع إلى الأبد، ألّا يجد سبيلا للراحة، تائها في عذاب سرمدي دون نجاة.
بقيت مورونا جالسة تناظر السماء من نافذة الجناح، التي تبدو كبوابة لعالم أخر، بسبب حجمها الكبير، فهي تكشف المنظر الخارجي بأكمله أرضا وسماء، ما أن لاح ضياء الفجر، حتى خرجت تسير شاردة الذهن بوابل من الأفكار الشرسة التي تهشم جدران ذاكرتها المنسية.
بعد مدة لاحظت أنها قد ابتعدت عن جناحها، وها هي تقف أمام بوابة كبيرة جدا، من الحديد المتشكل على هيئة أغصان متعرشة، بنهايتها زهور بونسيتا السوداء، يحيط به سور عال ومشجر، تزينه أيضا ورود هالفيتي السوداء المخملية.دخلت مورونا المكان، والذي بدا لها وكأنه محمية صممت لتحفظ شتى أنواع الأشجار، الزهور، والورود النادرة، جميلة بشكل لا يوصف، مليئة بتماثيل ساحرة لملائكة بجناحين، عرائس بحر، جنيات، كما احتوت على شلال ضخم ينهمر من السماء، يصب في بحيرة تحمل شكل القلب، بحيرة صافية بشكل مثير، تعكس ما تحت مائها بصفاء، يجعلك تظنها حاجز زجاجي، فأسفلها يبدو خاليا من الحياة لا ترى فيه سوى الشعاب المرجانية زاهية اللون، التي تتسائل عن سبب وجودها فيه، لكنك في النهاية بأرض مملكة السعادة أرض العجائب والأسرار.
أكملت طريقها لتجد في أقصى الحديقة أضرحة عدة، من بينها ما يخص ماريوس وروز، عند اقترابها وجدت شخص ماثل أمام أحد الأضرحة، بدا وكأنه يلتجئ إليها، يشكي للموت قساوة الحياة.
لم تتبين ملامحه فظهره كان جل ما تراه، دنت منه لتعلم من هذا التائه في صفحات كتاب الحياة، لتجد أن من أمامها، لم يكن سوى باتريك، ماثلا أمام ضريح صوفيا.بدا شاحبا جدا، لا يحمل أي تعبير في وجهه، عينيه السوداء وكأنها جرم تاه في الفضاء، ضائعا لدرجة لم تسمح له بملاحظة مورونا حتى.
- مورونا: سيد باتريك، هل أنت على ما يرام.
- باتريك: سيدتي! ما الذي تفعلينه هنا، هل مولاي بخير.
- مورونا: كنت أتجول في الأرجاء، فوجدت نفسي هنا، ونعم ملكك بخير، لكنك لست كذلك، هل ستخبرني ما بك، أم تريدني أن أعلم بطريقتي.
- باتريك: سأخبرك، ذاتا أنا بحاجة للبوح بما في داخلي، فأنا أختنق.
- مورونا: تفضل، أنا أسمعك.
- باتريك: كنت أحقق بأمر جاك، ومساعده يول، منذ فترة، أردت لجلالته الخلاص، فعذابه طويل الأمد هذا لابد أن ينتهي.

أنت تقرأ
ليلتي القمرية مظلمة
Фэнтезиعندما تحاول مليا السيطرة على نفسك، ردع مايجول بخاطرك، دون أن تقوى على فعل شيء، عندما يسيطر عليك غضبك، كرهك، وحقدك. تفقد نفسك، وتحاول إيجادك بلا جدوى، مايظهر عليك من الخارج، ليس ما أنت عليه بالحقيقة، اللحظة التي لا تعود قادرا فيها على معرفة نفسك، هن...