الفصل الرابع عشر

233 10 2
                                    

الفصل الرابع عشر :

ما أن توقفت السيارة أمام البيت الخاص بها ، حتى خرجت منها مسرعة متجهة إلى الباب الخلفي تحاول حمل طفلها النائم دون أن ترفع نظرها إليه ...
إبتسم شريف بمكر بسبب التوتر الذي شعر به يملأها ما أن إبتعدت ببطء عن أحضانه بعد أن صرحت  بإحتياجها له ... حتى أنها إلتزمت الصمت طوال بقية الطريق ...
نزل من السيارة متجها نحوها ثم قال : هشيل أمير عنك
قالت رهف دون أن رفع نظراتها له : لا مفيش داعي ، مش عايزة اتعبك معايا
إبتسم شريف ثم قال : رهف هو أنتي فاكرة اني بعد ما خذت موافقتك هبعد ! انسي
إرتبكت رهف أكثر و لم تستطيع الرد ليكمل : طيب طيب هسيبك تستوعبي كل الي حصل !
رفع يده معيدا إحدى خصلاتها التي شوشت انتباهه إلى خلف أذنها ثم قال : كان يوم صعب عليكي
اومأت له و علامات الحسرة على وجهها ليقول مطمئنا : متخافيش كل حاجة هتتحل
تنهدت ثم قالت له : إلي حصل حصل يا شريف
ثم إنحنت إلى المقعد الخلفي من السيارة و حملت طفلها و هي تقول له : تصبح على خير
لم يدرك أنه قد أوصلها بسيارتها الخاصة حتى وصلت إلى باب البناية ليصرخ قائلا : العربية ؟
لكنها كانت قد إختفت وراء الباب ...
ليقول و هو يلعب بمفاتيح السيارة : اهي فرصة
...
في صباح اليوم التالي ...
ما أن فتح أمير عيناه صباحا على أشعة الشمس التي تسللت عبر نافذة غرفته ... حتى نظر نحو ثيابه التي أصبحت عن بيجامة منزلية ! ...
نظر في جميع أنحاء الغرفة باحثا عن ثيابه التي كان يرتديها بالأمس فبالتأكيد قد قامت والدته بتغيير ملابسه !
ما أن لمحهم على كرسي أمام باب الغرفة حتى إتجه راكضا نحوه ثم وضع يده في أحد الجيوب مخرجا الصورة الخاصة بخيري ، طبع قبلة عليها ثم قال : صباح الخير يا بابا !
ثم عاد إلى سريره و وضع الصورة تحت سريره بحرص !

...
كانت تقف أمام باب السيارة الامامي تتأفأف ، فالسائق لم ينتهي من وضع الحقائب في الجهة الخلفية للسيارة بعد !
نزعت النظرات الشمسية من على عيناه ثم قالت لهاشم الذي كان يجلس في السيارة بهدوء يقوم بتتبع أعماله عبر الجهاز اللوحي الذي بين يداه : يا حبيبي احنا كده هنتأخر و نضيع معاد الطيارة !
ضحك هاشم على توترها الذي شعر بها منذ أن أخبرها بسفرهم في رحلة قصيرة إحتفالا بزواجهما ...
هاشم : متخافيش لسه بدري يا قلبي
أحلام : لسه ساعتين على الطيارة و مشوار المطار و إفرض بقى كان في زحمة ف الطريق !
أمسك بيدها رافعا إياها لعند شفتاه طابعا قبلة عليها : متشغليش بالك يا حبيبتي كل حاجة هتكون زي مانتي عاوزاها
أغمضت أحلام عيناه بهدوء تمني نفسها بجملة هاشم الاخيرة ...
...
وقف سفيان عند باب المحل الخاص به يحاول أن يبعد تفكيره عن تلك التي تشغل باله ... فرؤياها بعد تلك المدة الطويلة أشعلت فتيل عشقه الذي لم ينطفىء أبدا ... بل دفن بين ضعفه و خذلانه لها ...
تنهد بيأس يتحسر على تلك السنوات التي ضاعت من عمره مع إمرأة مثل ندى ! ...
لكنه ما أن رآى آسيا تقترب من باب محلها حتى هرول نحوها مسرعا ثم قال : إزيك يا مدام آسيا ؟
ردت آسيا بإقتضاب دون أن تنظر له : الحمد لله
إنفرجت شفتاي سفيان لينطق بجملة أخرى لكنها قاطعته قائلة : أنا مش مستعدة لفضيحة ثانية يا أخ سفيان لو سمحت إلزم حدودك ، انا ست وحدانية و شرفي أهم حاجة عندي فطالما مراتك ست مجنونة و انت مش عارف تعدلها ! ابقى متكلمش ستات حتى لو بحسن نية
لم تسمح له بالرد ، بس ركضت إلا داخل محلها فور أن أتمت جملتها تلك التي صعقته !
دخلت آسيا إلى محلها ثم جلست على الكرسي بعد أن رمت حقيبتها الخاصة ... نزلت دمعتها اليتيمة من عيناه و هي تتذكر تلك " العلقة " التي تركت العديد من الآثار على جسمها ، فبعد الفضيحة التي افتعلتها ندى سرعان ما وصل الامر لآذان أخاها الأكبر الذي " أدبها " برأيه ...
سارعت بمسح دموعها ما أن دخلت إحدى الزبونات للمحل و بدأت بمزاولة عملها ...
...

فتحت الحاسوب المحمول الخاص بها من جهة و كومة من جرائد اليوم تحاول أن تبحث عن إعلانات للعمل ... لكنها تتلقى رد سلبيا في كل مرة ...
جلست نادية بجوارها بعد أن وضعت كوبا من القهوة أمام كل واحدة منهما ... ثم قالت : يا حبيبتي متضغطيش على نفسك اكثر من كده ، ما أنا قلتلك نصرف بالمعاش الي بقبضه حتى يسهلك ربنا و تلاقي شغلانة
رفعت رهف راسها من على الحاسوب ثم قالت : ماانت عارفة المصاريف الي ورانا يا ماما نادية
نادية : طب إيه رأيك ترجعي للشغل ف
قاطعتها رهف : لو كان في 1% ممكن أرجع للشركة ، دلوقتي خلاص مبقاش في فرصة ده انا ندمانة اني اشتعلت فيها من الاول لولاي مكانش أحلام اتعرفت ع الحقير ده !
لم ترد نادية بل أكتفت بالصمت ، الذي قاطعه الرنين المستمر لهاتف رهف ...
ما أن رأت إسمه " شريف " يظهر على شاشة هاتفها حتى إرتبكت متذكرة لحظة ضعفها معه ! التي تدري أنه سيستغلها أتم إستغلال ... فكيف ستجيبه الآن ؟ و كيف ستستطيع التحدث معه ؟
نادية : مين ؟
رفعت لها نظرها بإرتباك و لم ترد و ما أن انغلق الخط حتى وضعت هاتفها على الطاولة مسرعة و قالت : آهو اتقفل !
ما هي إلا لحظات حتى عاود الإتصال ، لتنظر نادية لإسم المتصل ثم تبتسم بسعادة : شريف ! ردي بسرعة يلا
ردت رهف أخيرا قائلة : آلو !
شريف : أخيرا ، تكرمتي و ردتي عليا
رهف بإقتضاب : كنت مشغولة شوية !
شريف : هم و يا ترى لو طلبت منك تفضي نفسك الليلة شوية ممكن ؟
رهف بتوتر : مش عارفة أصل
قاطعها : هأخذ ساعتين من وقتك بس !
سكتت رهف قليلا تحاول أن تجد ردا مناسبا له ، بينما كانت نادية تتسمع على المكالمة و تشير لها ان توافق على الخروج معه ...
لترضخ أخيرا لقراره و تخبره بموافقتها ليرد : طيب هكون عند الساعة 6
رهف : مستنياك !
فور أن أغلق الهاتف حتى بدأ يرقص بسعادة و يدندن أحد الأغاني فها هو أخيرا قد حضى بفرصة معها ...

...
الخامسة و نصف مساءا ...
تنهدت برضا ما أن أتمت ارتداء ملابسها التي أخيرا نالت إعجابها بعد الكثير من المحاولات ...
مررت يدها على شعرها القصير تحاول أن تضبط خصلاته الجانبية ... إبتسمت إبتسامة أمل كأنها أخيرا ستخطو خطوة جديدة في عالم مغاير بالنسبة لها ... فهي لم تفتح قلبها لأحدهم منذ فترة طويلة ... حتى كسر شريف تلك الحدود التي رسمتها ...
إرتدت كعبها العالي سريعا ثم خرجت من غرفتها متجهة نحو غرفة أمير حتى تطمن عليه قبل خروجها ...
فتحت الباب بهدوء حتى لا تقوم بإزعاجها ، لكنها أوقفت خطواتها ما أن سمعته يتحدث وحيدا و هو يحمل إحدى الصور ، التي إستطعت أخيرا تمييزها ... لتضع يدها على فمها تكتم شهقتها من الوصول إليه !
نزلت الدموع من عيناه و هي تستمع إلى إسترسال حديثه : يا ريت لو كنت جمبنا يا بابا ، بجد أنا و ماما محتاجينك جدا لو كنت موجود كانت ماما مش هتكون ملزومة تروح كل يوم معايا المدرسة و لا تروح معايا لا اجتماع الأولياء و لا حتى تتعب و تشتغل زي دلوقتي ، كنت هتحبنا مش كده يا بابا ؟
أغلقت رهف الباب مسرعة ... لا تريد أن تسمع المزيد ، لم تكن تريد أن يصبح ذلك الخيري أي شيء بالنسبة لطفلها أي شيء ...
وقعت أمام باب الغرفة فلم تستطيع قداميها أن تتحملها أكثر من ذلك ...
رن جرس الباب و هي على حالتها تلك ، بصعوبة كبيرة وقفت على قدمياها و اتجهت نحو الباب ...و ما أن فتحته حتى وجدت شريف أمامها ...
شريف : رهف ، في إيه مالك يا حبيبتي ؟
لم ترد عليه بل بدأت في البكاء من جديد ، ليقترب منها محاولا تهدئتها ... لكنها رفعت يداها تحاول أن تفصل بينهما ثم قالت : مش هينفع يا شريف مش هينفع !

يتبع ...
قراءة ممتعة ❤️

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 23, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

دوائر العشق { حكايات بنات }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن