بعد تناول الغداء الشهي المعد من طرف بطلتنا كريمة ، ذهب احمد برفقة حسن والعم سعيد لرؤية الأراضي التي سيقومون بمشاريعهم فيها، اما السيدتان عائشة وحبيبة فقد ذهبن الى تلك المنطقة المخصصة لنساء القبيلة قرب النهر برفقة يمان وكريمة وحسناء .
كانت المنطقة غنية بغطائها النباتي المتنوع بين اشجار الزيتون واشجار اللوز التي اكتساها اللون الزهري ، فكانت في غاية الجمال والرونق .
جلست النساء تحت ظل شجرة زيتون كبيرة ، وبدأن يستمعن لبعض الاهازيج تتغنى بها بعض فتيات القبيلة.
كانت عائشة جد مسرورة لرؤيتها هذه الاشياء، فلأول مرة في حياتها ترى مثل هذا الجمال الرباني ، وايضا تحمده لانها سوف تمتع عينيها به منذ الان ، فلما لا وهي وعائلتها سيستقرون بالمكان.
حبيبة : ما رأيكي عائشة؟
عائشة : وهل هناك ما اقوله لكي ، فلساني عاجز عن وصف ما اراه ، شكرا لكي اختي ، لانكي اريتني المكان
حبيبة : المكان مخصص لنساء القرية ،فقط ممنوع للرجال ان يأتوا هنا
عائشة : هذا شيء جميل ان يبقى للمرأة مكانها الخاص
حبيبة : اجل هذا جيد بالنسبة لها ، تلتقي الصديقات ويتسامرن تاركات مشاكل البيت والزوج والاولاد بعيدا ويحضين بوقت لهن فقط.
هنا اتت بعض الفتيات صديقات يمان وحسناء ،وبعد السلام على الكل ، بدأن في الغناء ودق الطبول ، انقسموا الى قسمين كل قسم يغني ويرد عليه الآخر
اما عند ابطالنا فكان الوقت للجد والعمل
احمد وهم في تلك الارض التي يريد بناء المصنع فيها
احمد : ما رأيك حسن بالمكان ، فهو بعيد قليلا عن القرية
حسن : موقع جيد
سعيد : احسنت الاختيار بني احمد
احمد : والان هيا سأريكما المكان الذي خصصته لجمعية اللوز وفاكهة الصبار
ذهب بهم للموقع الذي كان وسط القرية
حسن : احسنت فالمكان قريب للنساء اللواتي سيشتغلن به
احمد : هذا ما فكرت به ، فالمصنع سيكون بعيدا عن وجود نساء القرية ، لان كما تعرفون المنطقة جد محافظة لا تحب الاختلاط
سعيد : ومن سيتكفل بالجمعية؟
احمد : وهل هناك احق من نسائنا ، السيدة حبيبة والسيدة عائشة وايضا يمان وكريمة وحسناء.
حسن : لم اسألك ،هل الفتيات اقصد يمان وكريمة متعلمات؟
احمد : اجل اخي فكلتاهما اخدتا شهادة الباكلوريا ،وهذا بفضل والد يمان الذي اصر على تعليمهما ، ولكن بموته لم تريد السيدة خديجة ان يكملا ، فهذا مضيعة للوقت في نظرها
حسن : الحمد الله ، وبمقدورهن تسيير التعاونية واعطاء دروس تعليم محو الامية لفتيات القرية.
سعيد : هذا جيد ، فلم ارى هنا سوى مدرسة ابتدائية صغيرة ، يجب علينا الاهتمام بالمجال التعليمي هنا ، فهو الاساس ان كنا نريد بناء مستقبل واعد هنا .
احمد : سنجد حلا ما ان ننتهي من المصنع والبيت وايضا الجمعية ، فليس التدريس وحده ما يجب علينا الاهتمام به ، اترى هنا اي مستشفى او حتى مستوصف صغير ، اشياء كثيرة يجب علينا الاهتمام بها للنهوض بقريتنا .
سعيد : حسنا لنذهب ونرى البقعة الارضية التي سنبني عليها المنزل
احمد : هيا بنا ، ستعحبكم فهي بمثل مساحة بيتي ، وسور الحديقة سيكون مشتركا لكي يسهل علينا قضاء بعض الوقت مجتمعين ، وخاصة الفتيات والحاجة حبيبة والحاجة عائشة
حسن : فكرة رائعة اخي
احمد : لكي لا نضيع الوقت ، ونحترم شهر الحداد لموت السيدة خديجة ، انا وانت سنذهب لطنجة غدا ، وبعدها للدار البيضاء لكي نقضي جميع مهامنا ، وايضا سأتصل بعمي عامر المقول فهو من بنى منزلنا ، وسأطلب ان يقوم بمثله لكم ، فهو مقول ومهندس عبقري ، وايضا ابنه وليد صديقي يتوفر ايضا على شركة البناء وساطلب منه بناء المصنع
حسن : قل لي تريد العائلة كلها ان تهجر للقرية
احمد بضحك : لا تقلق عمي عامر يحب القرية جدا ، وابي اثناء مكوثه عندنا اعطاه بقعة ارض صغيرة ، بنى عليها عمي عامر منزلا جميلا ، فكلما اشتاق للهواء النقي يأتي للقرية
العم سعيد : مادام يعرف النطقة ، فعمله سيكون جيدا
احمد : بل اكثر من جيد ، فشركات البناء التي يملكها هو و ابنه صيتهما دائع في العاصمة الاقتصادية ، اتمنى فقط ان لا يكون لديهم عمل كثير ليتفرغا للعمل هنا .
العم سعيد : لن يخيب الله رجائكما بني ، فانتم تسعون لعمل خيري لهذه القرية واهلها
هنا اتى صالح وعبد الرحمان وعمر : السلام عليكم
احمد : وعليكم السلام ، اسمعني صالح وانتم ايضا ستنضفون الارض خاصتي الموجودة "واشار عليها " من جميع الحجارة التي بها وايضا تلك البقعة الموجودة وراء البيت الكبير يجب قلع شجيرات الزيتون التي هناك وغرسها في حديقة البيت
عبد الرحمان : وماذا سيبنى في تلك الاراضي سيد احمد؟
احمد : بالنسبة للارض تلك ، سنبني بها مصنع زيت الزيتون وجميع شباب القرية سيعمل به ، اما الارض الموجودة وراء المنزل فهي للسيد حسن سيبنى عليها بيته هو ووالده
صالح وهو ينظر للعم سعيد وحسن : مبارك لكما ، فالقرية وابنائها في حاجة لكم
احمد : انتم الثلاتة تكلفوا بكل شيء واخبروا الشباب بذلك وانا والسيد حسن سنسافر غدا لاتمام جميع الاوراق التي تخص البناء
العم سعيد هو المسؤول عنكم ، كلمته تسمع من فضلكم ، كل ما يقوله لكم ، افعلوه
عبد الرحمان : سنفعل اخي ، فنحن نريد النهوض بقريتنا وشبابنا يعمل ، فكفى بطالة لهم
احمد : بإذن الله كل شيء سيتغير للاحسن ، وسيفيض الخير علينا جميعا ان عملنا بجد ونشاط .
صالح : سأخبر شباب القرية بالامر
عمر : الحمد الله ، سنشتغل بعد طول انتظار
احمد : حسنا ، غدا ابدؤوا في العمل، وبالتوفيق
عاد أبطالنا للبيت ووجدوا الكل في غرفة المعيشة ذات المدفأة الكبيرة والتي تدفئ المكان
احمد : السلام عليكم
البقية : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سعيد : ما هذه الرائحة الزكية التي تأتي من المطبخ
حبيبة بضحك : انها يمان تعد العشاء وقد طردت الكل من المطبخ وبقيت فيه هيا وزينب وفاطمة فقط
احمد : اذا ستطبخ لنا اكلة شهية ، الم اقل لك حسن الا تسخر علي
حسن : وانا اشم هذه الرائحة انا من سيسخر من نفسي
ضحك الاثنان والبقية ينظرون لهم باستغراب دون ان يفهموا شيئا
حبيبة : الن تفهمونا الامر؟
احمد بضحك : هذا بيني وبين حسن امي
حبيبة : حسنا بني ، هيا تناولوا الشاي الساخن وبعض الكعك في انتظار العشاء
اخد الكل كأسه الساخن من ذاك المشروب الذي يحبه سكان القرية بشدة
حسن : سلمت يداكي خالتي ، انه فعلا لذيذ
العم سعيد : اين ذهبتن اليوم
عائشة : لقد ذهبنا لمنطقة جميلة قرب النهر مخصصة للنساء فقط
العم سعيد : منطقة جميلة فعلا ، احسنت حبيبة لانكي اخدتها هناك فالمنطقة تستحق ان يراها المرء
احمد : امي غدا سنسافر انا وحسن لقضاء اعمالنا ، والعم سعيد سيبقى هنا معكن
حبيبة : ليوفقكما الله بني ويجعل خطواتكما سالمة دائما
حسن : شكرا خالتي
وفي هذه الاثناء دخلت عليهم زينب تخبرهم بان العشاء جاهز وفي انتظارهم
دخل الكل غرفة الطعام وهم منبهرون لما قدم فوق المائدة
كريمة : ماهذا يا فتاة ، كيف تعلمت اعدادها ، فانا كنت دائما اطلب من الخالة تعليمها لي
كان العشاء عبارة عن شواء مغربي اصيل ، نصف خروف محمر موضوع في طبق مخصص لهذا الغرض تحيط به مجموعة من السلطات الفاخرة واطباق صغيرة مملوؤة بالزيتون المشرمل والزيتون الاسود عدى عن بعض المخللات ،واكواب عصير الليمون الطازج
احمد مندهشا من هذه الصغيرة : يمان انت من قمت باعداد كل هذا؟ " وهو يشير للمائدة"
يمان من خجلها لم تستطيع الرد ، بل اكتفت بهز رأسها ، هنا تدخلت زينب
زينب : هي من قامت باعداد كل شيء ، انا وفاطمة كنا فقط ندلها على مكان وجود الاشياء التي استعملتها في الطبخ
كريمة وهي تعانقها : احسنت اختي
العم سعيد : هيا لنتذوق هذه النعمة
بدؤوا في الاكل وهم يتلذذون بطعم ما يأكلونه
عائشة : بوركتم يا فتيات ويرحم الله من علمتكن وغرست فيكن حب الطبخ واتقانه
حبيبة : اجل اختي فقد حضينا بجوهرتين لا مثيل لهما
حسناء : علمانني ايضا ، فانا اريد ان اكون بمهارتكما
يمان وكريمة : حسنا سنعلمكي كل شيء اختي
حسن لاحمد بهمس : مبروك لك اخي
احمد ضاحكا بخفوت : الم اقل لك ان لا تسخر مني
حسن : توبة من هذه النوبة ، لن افعلها مجددا
بعد تناول العشاء المميز ، والكثير من الاطراءات حصلت عليه بطلتنا من افراد العائلة ، جلس افراد العائلة ، العم سعيد وزوجته وابنه حسن وايضا حبيبة وابنها ، اما الفتيات فقد ذهبن للمطبخ
لمساعدة الخادمات في غسل الاواني وترتيب المطبخ وايضا اعداد الشاي
كربمة : اجلسي يمان لترتاحي ونحن سنقوم بالتنظيف
حسناء : انا سأعد الشاي
بعد وقت قليل اصبح المطبخ نظيفا لتعاون الفتيات ، واعدت حسناء الشاي لهم كما اعدت للخادمات ايضا واخرجت زينب الكعك واللوز والجوز ووضعتهم في الاطباق وهنا ذهبت يمان للثلاجة وفتحتها واخرجت منها قالبين من الحلوى الشهي ،احدهما كبير والاخر صغير
يمان وهي تقدم القالب الصغير لزينب : هذا لكما انت وفاطمة
زينب لهذه اللفتة اللطيفة : شكرا صغيرتي ، فقد امتعتنا اليوم بما قدمتموه لنا من الاكلات الشهية انت وكريمة
كريمة وهي تقرص أذن يمان : بل تفوقت علي يا الصغيرة ، وكم تمنيت لو ان والدتها الان تراها وترى ما اعدته
يمان بتاثر : يرحمهما الله اختي فقد زرعا فينا خصالا حميدة
حسناء مغيرة هذا الجو الحزين بتذكر الفقيدين : ماذا تنتظرن هيا نذهب لتقديم الشاي وهذه الحلوى الشهية للبقية
يمان : سوف احضر الاطباق الفردية المخصصة الحلوة وايضا الملاعق الصغيرة
قامت الفتيات بأخد كل شيء التي يجلس فيها افراد العائلة
ووضعت حسناء صينية الشاي امام السيدة حبيبة
اما كريمة فوضعت اطباق الكعك وايضا طبق الفواكه الجافة ، وتبعتهم يمان وهي تحمل ذاك القالب من الحلوى الشهي
كان الكل مبهورا به
حبيبة : من صنعه ؟
كريمة : ومن كان داخل المطبخ منذ رجوعنا من النزهة
عائشة : انت من قام بإعداده؟
يمان وهي تضع القالب فوق المائدة : اجل خالتي انا من قمت بإعداده ، وهنا بدأت بتقسيم الحلوى ووضعها في الاطباق الصغيرة كالمحترفين
اما حسناء فقد قدمت للكل طبقه
حسن : ما ألذها ، سلمت يداكي يمان
احمد : والله لذيذة ، شكرا يمان لقد دللتينا بأكلك الشهي هذا
حبيبة : شكرا لكن صغيراتي لوجودكن في حياتنا
وهكذا قضى ابطالنا امسياتهما يمدحون في طبخ كريمة ويمان ، وايضا الحديث عن سفر ابطالنا في الغد الباكر لطنجة
حبيبة : يجب عليكم اخد بعض الاكل للطريق ، فالبرد كما تعرفون
حسناء : لا تقلقي خالتي ، سأقوم انا وكريمة ويمان بإعداد كل ما يحتاجونه في سفرهم في الصباح البكر قبل استيقاظهم
عائشة : شكرا يا صغيرات فانتن يعتمد عليكن في كل شيء
احمد : عند رجوعنا من السفر لكن هدية لتسعدن بها جميعا
العم سعيد : فالترجعوا سالمين بإذن الله ولا تنسوا الملابس الدافئة ، فهي ستقيكما من هذا البرد
حسن : حسنا ابي والان هيا احمد لنعد حقيبتينا وايضا لننم باكرا فالسفر طويل ينتظرنا
احمد وهو يقبل رأس والدته : تصبحون على الخير جميعا
قام حسن بالمثل وقبل رأس والدته ، وذهبوا لغرفهم
اما بقية الابطال ، فايضا ذهب الكل لغرفته ، متمنيا لبعضهم البعض نوما هنيئا
💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖
هل سيقوم ابطالنا بتحقيق احلامهم
هذا ما سنعرفه في الفصول القادمة بإذن الله
أنت تقرأ
يمان
Romansaيمان فتاة من المدينة ماتا والداها وتكفلت بها عمتها الساكنة بقرية بجبال الاطلس الشامخ كيف ستعيش تلك الفتاة ، في بيئة غير بيئتها وكيف ستعاملها عمتها هذا ما ستعرفونه في الرواية قرائة ممتعة الرواية للكاتبة ، والحقوق محفوظة ، اتمنى احترام حقوق الكاتب ا...