"هذا ليسَ عَدلًا بِالمرَّةِ، ستيفاني! تَناولي طعامَكِ وإلا سَوف تُعاقَبين!" تحدثَتْ ريانا بإنزعاجٍ شديد، حديثُها بِالطَبعِ كانَ موجهًا لابنتِها التي ترفضُ النظرَ لِلطعامِ حتى!
"لا أُريد، أشعرُ بِالنُعاسِ الشَديدِ.. لن أتناولَ الطعامَ اليوم!" نفَتْ ستيفاني برأسِها عِدة مرَّاتٍ مُتتالية، ومِن ثُمَّ سُرعان ما دفنَتْ وجهَها في وسادتِها بِنيةِ النوم.
تأففَتْ ريانا بنفاذِ صَبرٍ يَتضحُ على ملامِحِها، هيَ على هذا الحالِ مُنذُ شهرين؛ أي مُنذُ أن بدأتْ ستيفاني بجلساتِ العلاجِ بِالكيماويّ!
حالتُها -ستيفاني- الصحيةُ تدهوَرَتْ بِطَريقَةٍ مَلحوظَة.. وجهُها باتَ ذابِلًا عمَ سبقَ بِكثير، وزنُها يكادُ يَكونُ كَطفلٍ رَضيعٍ حَديث الوِلادة، شهيتُها قَد فقدَتْها وانتهى الأمرُ!العائلةُ بِأكملِها لا تعرِفُ ما الذي يَتوجَبُ عليهُم فِعله، ستيفاني أصبحَتْ تَرفضُ مُعظَم أصنافَ الطعامِ المُتنوِعة.. تَتقيأُ كُلَ ما تأكُله إن أكلَتْ، تنامُ أغلبَ الوَقتِ، ولا تُلقي بالًا بِما كانَتْ تَتحمسُ لِأجلِه في الماضي!
شعرُها تَساقطَ بِالكاملِ؛ مِما دفعَ الجَميع إلى اِرتداءِ قُبعةً تُخفي رأسَهُم عَنها!
ونوعًا ما هذا الأمرُ لا يُشكِل فارِقًا بِالنِسبةِ لَها، فهيَ مازالَتْ مُقتنِعةً أنَّ شعرَها بِالفِعلِ مع مَلكةٍ سَتُعيدُه لَها قَريبا!خرجَتْ ريانا مِن غُرفَةِ ستيفاني الخاصَة، وَسُرعان ما أعادَتْ صينيةَ الطعامِ إلى المَطبخِ بِبؤس.
"ماذا بكِ؟ لِماذا وَجهكِ يَبدو عابِسًا هَكذا؟" تساءلَ ريان بِإهتمامٍ فورما دلفَ لِلمَطبخِ خلفَها وَوجدَها حَزينة."ستيفاني لم تتناوَل طعامَها لِلمرةِ التي لا أعلمُ عددَها." تذمَّرَتْ ريانا بِضيق، وقد جعدَتْ مَنطِقةَ ما بينَ حاجبيها.
تنهدَ ريان بِقلةِ حيلَة، ثُمَّ مسحَ وجهَه بِقوةٍ كادَتْ أن تنتزِعَ بشرتَه القَمحية!"لَقد مَلِلتُ مِما يحدثُ مَعها، الأمورُ تَسوء أكثَر مِن ذي قبل! أشعرُ وكأن جلسات الكيماويّ لا تُفيدُها.. بَل العكس!" عبَّرَتْ ريانا عن رأيها بِصراحة، ليومئ لَها ريان بِتفهُم.
بِالفعلِ هذا ما يحدثُ مَعهُم، الاثنان ليسَ لديهُما خِبرة في التعامُلِ مَع الأمرِ!
ريانا قد تركَتْ عملَها وأصبحَتْ لا تَهتمُ سوى بِابنتِها، ريان يَعودُ مِن العملِ باكِرا؛ كي يُساعِد ريانا فيما تفعلُه.
والِدة ريان هيَ مَن تأخذُ ستيفاني إلى المَشفى، بِالإضافَةِ إلى أنَّها تُقضي أغلبَ وقتِها في اللعبِ مَعها!"لا بأس، ريانا! لَقد قالَ الطَبيبُ أنَّ الجلسةَ التي سَتكونُ بعدَ أسبوعٍ مِن اليومِ.. احتمالٌ كَبيرٌ أن تَكونَ الأخيرة؛ لذا اعتقدُ أنَّ هذا مؤشِرًا جَيدًا سَيُريحُنا!" تمتمَ ريان بِأملٍ كَبير وهو يُكوبُ وجهَ ريانا بينَ كفيه.
أومأتْ ريانا بِاقتناع، وقد أجبرَتْ شفتيها على رسمِ ابتسامَة بَسيطَة!
ابتسمَ ريان كَذلك، وسُرعان ما ضمَّها إلى صدرِه بِحنان.. وطفقَ يُمرِرُ ذراعَه على ظهرِها بِرفق."لَقد تمَّتْ مُعاقبَتي بِمرضِها، وحمدًا لِله أنَّ الخلايا السرطانية لَم تعُد مَوجودةً في جسدِها بِنسبةٍ كَبيرةٍ الآن.. إنَّ الرَّب لَم يخذُلني رغم أنَّني فعلتُ هَكذا مائة مرةً وأكثَر! لِذا لا تَفقدي الأملَ في شِفائها نِهائيا، هيَ فَقط تُعاني مِن فُقدانِ الشهية هذهِ الأيام!" حاولَ ريان تَلطيف الأجواءِ قليلًا بينَهُما.
"أنتَ تغيَّرتُ كَثيرًا عمَ كُنتُ بِالماضي؛ لِذلك الرَّب يُعطيكَ فُرصةً ثانية لتَصليحِ أخطائكَ السابِقة.. وبِالنِسبةِ لستفاني؛ أتمنى أن تظلَ بِخير دائمًا وإلى الأبدِ، بِرفقتِنا!" احتوَتْ ريانا وجهَ زوجِها المُبسَّم، ولم تلبَثْ هُنيهةً حتى شرعَتْ في العَبثِ بِشعرِه.
إذا شعرتُ يومًا أنَّ الحياةَ ليسَتْ في صفِك، تذكَّر أنَّ الرَّبَ يُناديك لتُناجيه!
لذا عِندما شعرَتْ ريانا أنَّ حياتَها اِنقلبَتْ رأسًا على عقب، أتاها ذلِك السبب لتُدرِك أنَّ الأمورَ مازالَتْ بِخير، فَقط تحتاجُ إلى التقرُبِ مِن خالقِها!
وعِندما أصبحَ ريان في مرحلةِ فُقدان كُل شيء.. حتى نفسه، أتاه نَفس السَبب ليجعلَه مُستقيمًا ويترُك كُلَ الأعمالِ السيئةِ!
أنت تقرأ
قدَر | SRK
Romanceقدرنا قد قلَب شيئًا ما بحياتِنا. - مغزى سامي نشرت في يوم ٥ من نوڤمبر لعام ٢٠٢٠