part 28

89 10 1
                                    

بعد مرور يوم و ليلة .
حوالي العاشرة صباحا كان راين يسبح في مسبحه بالرغم من الجو البارد و نزول قطرات خفيفة من المطر ، كان يعشق السباحة في جو كهذا و خصوصا عند هبوب رياح أو نزول ثلج ، و لم يكن يحب السباحة في الجو الحار .
وصل جوليان للقصر ، و إستقبلته أسينات عند الباب الرئيسي للقصر .
- أهلا بك يا إبني كيف حالك ؟
- بخير يا خالة و أنت ؟
- بخير بخير .. هل لراين علم بمجيئك ؟ لأنه عادة لما تكون قادم يكون بإنتظارك بالمكتب لذلك سألت !
- أليس موجودا ؟
- بلى إنه يسبح .
- كالعادة إنه جوه المفظل للسباحة ... هناك أمر طارئ بشأن العمل و قد إتصلت به ولكن لم يجب فاضررت للقدوم بدون سابق إنذار.
- لا بأس يا بني ، المنزل منزلك تعال متى ما أردت .
- شكرا لك يا خالة . سأذهب إليه إذن .
- حسنا .
- سأمر إلى الحمام أولا ، علي غسل يدي فقد سكبت القهوة علي بالسيارة .
- ااه بالفعل ( لاحظت بقع على جزء من سرواله و كم قميصه ) هل انت بحاجة الى ملابس أخرى ؟
- لا لا أنا مرتاح ، سأتكلم مع راين فقط ثم سأعود للبيت ، أغير هناك . شكرا على كل حال يا سيدة أسينات .
ذهبت أسينات إلى حيث كانت ذاهبة ، فقد كانت خارجة للتسوق ، بينما جوليان ذهب الى الحمام ريثما أغلقت الباب ، ثم خرج بخطوات مسرعة ، نظر من النافذة حيث يظهر له راين منهمكا في رياضته ، ثم صعد الأدراج بسرعة متوجها الى غرفة راين فقد كان يعرف موقعها و يعرف مسبقا ان اريا قد تكون هناك .. فتح الباب فإذ بها تجفل لرؤيته .
- ااه جوليان ؟
- ليس لدي وقت ، خذي هذا ،،سنتكلم فيما بعد .
أمسكت بالعلبة الصغيرة بين يديها بينما جوليان غادر بسرعة متوجها إلى المسبح .
اغلقت اريا الباب ثم دخلت إلى الحمام ، اغلقت الباب جيدا ثم فتحت العلبة ، كان بها هاتف صغير قديم و وورقة صغيرة كتب فيها " إنتظري إتصالي على الساعة الحادية عشرة من كل ليلة ، قبل ذلك و بعد ذلك إحرصي على أن يكون الهاتف مغلقا ."
وضعت الهاتف في جيبها و علامات الرضى واضحة على وجهها ، مزقت الورقة و رمتها في الحمام الدوار ثم تخلصت من العلبة الصغيرة أيضا .
____________
كان راين مازال يسبح و يسبح ذهابا و إيابا بدون توقف ، وقف عليه جوليان بصوته .
- راي ! أرى أنك عدت لروتينك المعتاد .
توقف راين عن السباحة و نظر إليه : - إنه دجنبر ، شهري المفظل بارد و قاتم .. ( و بينما يخرج من المسبح ) مالذي جاء بك في وقت كهذا ؟
- إنه بشأن إسكندر !
- ماذا ؟ أنا لدي موعد معه بعد أسبوعين ، هل حدث تطور ما ؟
- لقد تعرض لمحاولة إغتيال .
( و بينما هو يجفف شعره بالمنشفة ،توقف عما كان يفعله و نظر نظرة تفاجأ )
- إيييي
- إنه بغيبوبة ، بالمشفى .
- من فعل هذا ؟
- غير معروف بعد .
- اللعنة ، تعرف أنهم سيحاولون إنهاء ما بدأوه صحيح .
- يوجد حراسة مشددة عليه ، لن يستطيعو أن يصلوا إليه .
- هذا الأمر ليس بصالحنا ، لم يكن ينقصنا إلا هذا .
- إن لم يستيقض إسكندر فالصفقة ستذهب مهب الريح ، كم سنخسر ؟
- من سيواصل أعماله ؟
- ربما إبنه أو إبن أخيه ، لا ندري بعد .
- إذن إعرف ذلك ، لنرى هل الطريق مازال سيوصلنا أو قد إنقطع .
- حسنا ، سأعلمك بكل شيء عندما أعرف .
- حسنا .
إستدار جوليان مغادرا و بعد بضع خطوات أوقفه راين بكلامه .
- جوليان !
إستدار إليه : هل هناك شيء اخر ؟
- ما رأيك أن نخرج الليلة ؟ لم نقضي ليلة ممتعة منذ زمن .
- الملهى .
- هناك ملهى جديد إسمه الفراشة ، لنجربه .
- لم لا ؟
- ملهى جديد و بنات جديدات ، لنستمتع الليلة إذن .
- بنات جديدات ؟ ألست متزوجا ؟
- لا تدخل زواجي في الموضوع يا جوليان .
- إنه أمر يخصك لم اقصد شيء .
- إذن لنلتقي مساء ، سأرسل لك الموقع .
هز برأسه ثم غادر المكان . أما راين فقد خط طريقه إلى داخل القصر و الماء مازال يتقطر من شعره ليرسم طريقا على صدره العريض وصولا إلى بطنه المسطحة .دخل غرفته ليجد أريا جالسة أمام المدفأة تشرب كوب شكولاتة ساخنة و تقرأ كتابا بعنوان " بين طيات النسيان " .
- هل تشعرين بالبرد ؟
- ماذا عندك ؟ هل تسبح في هذا الجو ؟
- ياليتك أتيت للسباحة معي .
- هاه مزاح ثقيل .
- هل تريدين أخذ دش بارد معي ؟ سينعشك .
- مابال مزحاتك هذه الأيام ؟ هل ضلت طريقها أم ماذا ؟
- سأخبرك بعد أن أستحم . لا تذهبي لأي مكان .
- و كأنه لدي مكان لأذهب إليه .
دخل راين للحمام لأخذ دش بارد بينما أريا إستمرت في قرائتها للكتاب و بعد تقريبا ربع ساعة ، خرج راين و قد لف المنشفة حوله ، نظرت إليه نظرة سريعة و لم تتكلم بل و أسبلت عينيها بسرعة متظاهرة بالقراءة .
إقترب منها راين بينما هي لم تعطي ردة فعل ، حتى وصل قربها تماما ليستدير فيصبح خلفها ، بدأ بلمس شعرها بيده ثم إنحنى إليها ليبدأ بشم شعرها و عنقها ، توترت أريا و لكنها لم تعطي ردة فعل بل بقيت جامدة ساكنة ، توقف عما كان يفعله ثم جلس بقربها . نظرت إليه ثم قالت بصوت هادئ : - هل حقا ستجلس أمامي هكذا ؟
- كيف هكذا ؟
- بشكلك هذا !
- ألم يعجبك ؟ تودين مني أن أنزعها ؟
- مالذي تهلوس به ؟ أراك مغرورا بنفسك أكثر من اللازم .
- حقا ؟
- اهههممم حقا .
- ماهذا الذي تقرئينه ؟ عما يتحدث ؟
- إنه من مكتبتك .
- لست هاويا لقراءة الكتب .
- لماذا تقتنيها إذن .
- لست انا من إقتنيتها .. حقا عم يتحدث كتابك هذا ؟ هل هو ممتع ؟
- هل حقا يقودنا الحوار إلى تبادل ثقافي و علمي ؟ و كأننا فعلا صديقين أو بالأحرى زوجين ؟ ماذا تريد مني حقا ؟
- أردت فقط أن أتعرف عليك أكثر .
- لست معتادة على لطفك و لا على كلامك اللبق ..
- أتريدنني أن أتصرف كوغد إذن ؟
- ذلك ما أنت عليه بالأصل . إنها حقيقتك .
- امم شكرا إنها مجاملة من نوع خاص .
- لماذا حقا تجري معي هذه المحادثة ؟
- لأنك زوجتي ، لم تسنح لي الفرصة من قبل أن أتعرف عليك فأريد فعل ذلك الأن .
- و من قال أنني أريد ذلك .
- لا يهمني ماتريدين ، الأهم هو ما أريده .
- ها قد عدنا إلى الأنا الأعلى خاصتك . مرحاااا
- حسنا .
وقف راين ثم إستدار ذاهبا نحو خزانته إلا أن جملة اريا إستوقفته .
- أعرف أنك تشعر بشيء إتجاهي .
و بنظرة تحدي و إبتسامة جانبية لم يستدر نحوها لكنه أجاب بكلمة واحدة .
- ليس بعد .
ثم دخل لغرفة خزانته الكبيرة ، إرتدى ملابسه و رش عطره المفظل أرماني كود ، و عدل شعره لفوق ثم خرج ليجد اريا مازالت في مكانها ، تضع قدما على قدم و سيجارة مشتعلة في يدها و الكتاب على المنضدة ، لم يكن يتوقع ذلك ، و لم يحب ذلك . نظرت إليه أريا ثم إرتشفت رشفة من السيجارة و نفثتها خارجا بقوة إتجاهه ، بالرغم انه لم يكن بقربها إلا أن الأمر قد إستفزه .
- ماهذا الذي تفعلينه ؟ تدخنين ؟ مجددا ؟
- ما شأنك ؟ أفعل ما أشاء.
- ليس بقربي و ليس بمنزلي .
- ماذا عنك ؟ ألا تفعل كل ماهو ممنوع ؟
- لا ترجعي الأمر إلي . لا تفعلي .
إقترب منها بينما قد وقفت على قدميها لينتشل السيجارة من يدها بقوة و يرميها على الارضية فيدوسها بقدمه ، ثم أمسك بيدها بقوة .
- إياك أن تكرري هذا الأمر . إياك .
- من السبب برايك ؟ هل كنت أنا هكذا ؟ هل كنت أدخن ؟ أشرب ؟ لاااااا
- حسنا ، إنسي ، لم يحدث شيء ، لقد مر ...
- مالذي قد مر يا هذا ؟ مالذي قد مر ؟ إبعادي عن والدي ؟ تعذيبك لي ؟ سجنك لي ؟ مالذي قد مر ؟
- أنا لا أحب أن أكرر الأمر .. إنتهى يعني إنتهى .
- سأفعل ما أشاء ، و لن أمتثل لأوامرك مهما كانت ، اعرف لا استطيع الخروج و ذلك بسبب حراسك ، غير ذلك لن تتحكم بي .. و إن لم يعجبك الأمر أعدني إلى الإسطبل إذن .
- هل تنتظرين مني أن أقول أنني أسف ؟ أن أعتذر ؟
- لااااا لا أحتاج إلى إعتذارك و لا يهمني .
- لا تجعليني أغير رأيي يا أريا .
- في ماذا ؟ في إعطائك لي بعض الحرية في القصر و نسيان إنتقامك مني ؟ صدقني لم يعد يهمني أي شيء . و إن أتتني فرصة للهرب من هنا سأستغلها ، كن متأكدا من هذا ؟
- لنقل أنك هربت ، إلى أين ستذهبين ؟ إلى. .... والدك ؟ إلى فرنسا ؟ هل تعتقدين أنني لن أجدك ! حتى لو ذهبت إلى المريخ لن تستطيعي الهرب مني ، أجدك حتى لو إنشقت الأرض و إبتلعتك .. هذا ماعليك فهمه يا أريا ،، لم يعد هناك رجوع بعد الأن ، أنت زوجتي و لن أتركك مطلقا ، لا يوجد طلاق و لا أي شيء ، سوف تعتادين مع الوقت و سوف تكونين لي أجلا أو عاجلا ،، كما أنني لست على عجلة .
- ها !! الأن بدأت تريد أن أكون لك ! لكن ألم أكن لست من نوعك المفظل ؟
- التفضيلات تتغير .
- ههههههه جعلتني أضحك ، أنا لن أحبك مطلقا ، انت كنت جلادي و أصبحت قاتلي لا أقل و لا أكثر ، سأتذكرك دوما كوغد لعين أخذني من حضن أبي ليزج بي في سجن مظلم .. أنت جعلت قلبي ينزف حتى صار رماد .. و تعاتبني لأنني أدخن ؟
حدق فيها بدون كلام لبضع ثواني ثم أمسك حنكها بيده و طبع قبلة على شفتيها ثم غادر بإبتسامة على وجهه ليتركها متفاجأة بفعلته تلك ، حتى لم تستطع الكلام ، و لم تستدرك الوضع إلا عندما سمعت صوت إغلاق الباب .
- هاه ماذا حدث للتو ؟ أيها الحقير كيف تجرأ على فعل هذا ؟ بعد كل ذلك الكلام الذي قلته أهذا هو ردك أيها اللعين ؟ ااااه
صرخت صرخة عالية و قذفت بالكأس الذي كان على المنضدة صوب الباب لتتناثر قطعه على الأرض . سمع راين صوت تحطيم الكأس فزادت إبتسامته عن عرضها .

ثمن الإنتقام             بقلم ريانا Riyanaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن