الفصل التاسع والعشرون

8.9K 129 6
                                    

وصمة_وجع
#الفصل_التاسع_والعشرون
#سهام_العدل

◾ اقتربت منه ورفعت رأسها تقول بفخر "أنت عارف إني فاشلة ف الطبيخ والكام مرة اللي طبخت فيهم كان م ع اليوتيوب وكنت بفشل برضه،، ورغم كده مش مكسوفة وهقولك أنا ست بيت فاشلة ومكنتش بعمل حاجه ف بيت أبويا،، فبعد كده هنقسم شغل البيت ومش هطبخ غير يوم الراحة "
-هي تتحدث وهو قد تاه في تلك الملامح التي طالما أسرته،، تلك خدود التفاح الذي يتمنى قضمهما،، وتلك العيون العسلية التي تلمع كلما تحمست ف الحديث،، وتلك الشفاه التي تتحرك سريعاً بسبب حماسها في الكلام،، يتمنى لو ينقض عليها ليسكتها بين شفتيه، فرفع يده يتحسس نعومة خدها برفق ويبتسم لها ويهبط بأصابعه على شفتيها الساحرتين يتحسس ملمسهما الناعم الطري وهو يذوب تحت تأثير ذلك الملمس،، ثم هبط بأصابعه ينزل به على رقبتها فيشعر بإبتلاع ريقها وتوترها بعدما كانت كالقطة الشرسة منذ ثواني،،فرفع بصره لشعرها وهبط بأصابعه يفتح أزرار ذلك القميص الذي جعلها اليوم في قمة إثارتها بالإتفاق مع ذلك الشورت القصير،، وقال لها بصوت خافت ينم عن مدى إثارته بها " بس تعرفي إن قصتك شعرك مخلياكي قمر"
-ابتلعت ريقها بتوتر من حركة يديه كلما لامست جسدها وهو يفك أزرار القميص شعرت بالحرارة تسري في جسدها، وصدرها يعلو ويهبط من عنفوان ما تشعر به نتيجة قربه وسألته بصوت متقطع " بـ.. بـ.. جـ.. د،،، عجبتك قصة شعري؟"
-انتهي من فتح القميص وهو يتأمل وجهها بإعجاب ورغبة،، ثم نزعه عنها  ووقفت أمامه ترتدي حمالة الصدر وهي مخدرة بين يديه عينيها مسلطة على عينيه بينما شعر بسخونة جسدها بين يديه، فحاول استرداد جديته وقال " حلوة بس شعرك وهو طويل أحلى"
-ثم ابتعد عنها وهو يحمل القميص وقال لها " وأخيراً أخدت القميص،، أنتي جبارة يا شيخة"
-جحظت عيناها بتعجب وحاول أخذ نفساً عميقاً يهدئها مما عاشته واستوعبت ماقاله، فوضعت يديها على صدرها تستره وتحولت نظراتها للغضب وقالت بغضب مكتوم " أنت إنسان قليل الذوق ".. ثم صارت بعصبية حتى دخلت غرفتها وأغلقت الباب بقوة خلفها وهي تهرتل بغيظ.
-بينما هو وقف ينظر لأثرها بصمت، ثم رفع القميص إلى أنفه يتشممه بحب وهيام وهو مغمض العينين ويقول بخفوت " هانت ياسدرة وكل حاجة هتتحل"

◾ عشرة أيام مرت عليها بعد تلك الليلة التي عرت فيها ماضيها أمامه ووعدها بعدها ألن يجعلها تحزن مرة أخرى،، وبالفعل صدق وعده فأصبح معها إنسان آخر يفعل الكثير ليسعدها،، يشاركها طعامها ويتكلم معها في أمور عمله المختلفة،، يتشاركان تربية الطفلين،، يسألها كل يوم إن كانت تحتاج شيء.
-لا تنكر أن تلك الأشياء البسيطة شكلت معها فارق كبير بعد تلك الأيام التي استثناها من حياته،، الآن أصبحت تشعر أنها من إحدى إهتمامات وخاصة عندما يحدثها هاتفياً من عمله في منتصف اليوم يطمئن عليها وعلى ولديه ويحاول خلق أي مجال للحديث معها،، مما جعل السعادة تدخل قلبها بعد حزن عمر بأكمله، فهو الآن الذي يعطي الإهتمام دون طلبها،، هو من يريد التواجد بجوارها أكبر وقت ممكن.
-اليوم استيقظت من فراشها تبتسم وهي تتذكر آخر ما دار بينهما ليلة أمس وهو يتجه ناحية غرفته للنوم وهي على تقف على باب غرفتها عازمة على الدخول،، تذكرت شيء فنادته " دكتور ياسر"
-زفر والتفت لها دون أن ينطق، فسألته " أصحيك بكرة الساعة كام؟"
-عاد يقترب ويقول " مش قولت يا غصون بلاش دكتور دي،، المطلوب إني أقولها كام مرة عشان تنفذي الكلام"
-أخفضت بصرها بخجل ولم ترد،، فقال "غصون أنا جوزك بلاش التكليف ده عشان أنا بتخنق من كل مرة بسمعك بتناديني فيها كده"
-ردت وهي مازالت تنظر أرضاً" أنا آسفة "
-مد سبابته اليمني يرفع وجهها وينظر لها ويقول بهدوء" مش محتاج أسف،، أنا عايز اسمع اسمي منك من غير دكتور"
-ارتبكت من شدة الخجل وقالت " حاضر،، بس دلوقتي مش عارفة "
-أنزل إصبعه مبتسماً وقال" تمام هصبر عليكي "... ثم استدار عائداً بإتجاه غرفته وهو يقول" صحيني بكرة بعد ما تمشي الولاد للروضة،، لأني مش هروح الشغل بكره عشان فرح يمني "... ثم دخل غرفته… بينما هي وقفت تبتسم وتضع يدها على قلبها لعلها تهدئه من التوتر الذي دائماً يصيبه عندما يقترب منها هكذا.
-جلست على الفراش تنظر في الساعة ثم نهضت مسرعة توقظ الولدين وتفطرهما وتعدهما للذهاب إلى الروضة ثم أخرجتها من المنزل وأركبتهما الناقلة الخاصة بالروضة ثم عادت ونظفت موضع إفطارهما وصعدت لتوقظه،، وقبل أن تتجه إلى غرفته دخلت غرفتها لتعدل من هيئتها أولاً،، ولكنها تفاجأت بما رأته،، يوضع على فراشها علبتان كبيرتان من الكرتون المقوي ،، اقتربت منهما بفضول وفتحت إحداهما لتجد فستاناً ضخماً باللون الزهري المطعم ببعض الزهرات الفضية الصغيرة ،، أخرجته تنظر له بإنبهار فهي لم تحمل فستاناً بهذه الفخامة قط،، ثم وضعته مفروداً على الفراش وفتحت العلبة الأخرى لتجد فيها حذاء فضياً ذو كعب عالي ورفيع ومعه حقيبة صغيرة بنفس اللون وحجاباً بنفس لون الفستان،، وقفت متعجبة تتساءل لمن هذه الأشياء ومن أتى بها إلى غرفتها وقبل أن تأخذها الحيرة التفتت لتجده يقف على باب الغرفة يتأملها وهي تشاهد الفستان وملحقاته بإنبهار شديد.
-عندما التقت الأعين، أوقف حيرتها متسائلاً " عجبك الفستان؟"
-أجابته بسؤال " هو ده ليا؟"
-رد عليها وهو يقترب منها ينحني يحمل الفستان من كتفيه ويضعه على طولها " بصراحة يسلم ذوقي الفستان ولونه هيبقوا تحفة عليكي"
-توترت وسألته بتعجب " هو أنت اللي اخترت لي الفستان ده؟"
-وضع الفستان على الفراش مرة أخرى وجلس على حافة الفراش يجيبها " أيوة أنا اللي اخترته،، بصراحة لقيتك مفكرتيش في نفسك،، وكلنا استعدينا للفرح وانتي لاء"
-ردت عليه بذهول من إهتمامه وتفكيره بها فهي لم تتوقع ذلك أبداً "بس ده كتير عليا أوي،، الفستان زمانه غالي أوي"
-نهض يمسك يديها ويقول وهو ينظر في عينيها  " مفيش حاجة تغلى أو تكتر عليكي يا غصون،، أنتي تستاهلي كنوز الدنيا كلها،، أهم حاجة الفستان عجبك؟ "
-سحبتها تلك العينين المظلمتين اللتان أوشكت على رؤية النور وردت عليه بشرود فيهما" أنا مشفتش أجمل منه قبل كده "
-هو الآخر ارتبك من نظرتها فترك يديها بهدوء والتفتت يوجه نظره للفستان هارباً من عينيها اللتان أصبحتا تعريه أمامها وقال" متعرفيش بقى أنا اخترت الفستان ده من بين تلاتين فستان عرضتهم عليا يا ياسمين،،، بس ده شوفتك فيه بيشبه رقتك وجمالك "
-ابتسمت بسعادة وحب وقالت " أنا مش عارفة أقولك إيه،، بس أنا مش عارفة اوصفلك سعادتي النهاردة"
-التفت لها ونظر لها بسعادة وقال بحنان " أهم حاجة عندي سعادتك،، واستعدي عشان على الساعة تلاتة كده هيجيلك بنت من بيوتي سنتر تجهزك "
-هزت رأسها بإعتراض وقالت" مالوش لزوم،، أنا مش محتاجة حد انا هلبس واجهز  "
-رد عليها" أنا عارف انك مش محتاجة بس اسمعي الكلام،، وياللا عايز افطر ولا مش ناوية تفطريني"
-ابتسمت وقالت بحماس" دقايق والفطار هيكون جاهز" ثم تركته وخرجت مسرعة تنزل لتعد له الفطور،، بينما وقف ينظر لأثرها مبتسماً يشعر بإرتياح شديد،، فقد بدأ يتصالح مع واقعه بوجودها وكلما تقرب منها شعر أنه يخرج رويداً من ذلك البئر المظلم الذي أُلقي فيه منذ وفاة زوجته،، ابتسامتها التي أصبح يراها كل يوم أصبحت شمسه التي تشرق كلما فتحت ثغرها مبتسمة،، شعورها بالسعادة الذي أصبح يلمسه في قربه لها ومشاركتها أموره وأمورها أصبح مصدر سلامه النفسي بعد كل الفوضى التي كانت تحتل داخله،، لذا قرر محاربة الماضي والإستسلام لحاضر ذلك الملاك الذي يرفرف في بيته حتى يستعيد ثباته القديم ويكون أهلاً أن يكون زوجاً لها.

وصمة وجع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن