الفصل الرابع

4.9K 113 5
                                    

#وصمة_وجع
#الفصل_الرابع
#سهام_العدل

◾  ترك ولديه دون الرد عن تساؤلات أخته التي أصابها الهلع من هيئة أخيها، وذهب إلى سيارته ثم قادها بسرعة جنونية وهو يشعر أن ذلك الطريق الذي كان لا يستغرق أكثر من ربع ساعة أصبح طويلاً لا ينتهي… يدعويدعو الله طوال الطريق أن تكون تلك الرسالة مزحة أو لحظة ضعف واستردت صواب عقلها بعدها.
-وصل إلى المنزل وهو يرتجف من الخوف أن تكون فعلتها تلك المجنونة ورغم ذلك فتح الباب مسرعاً وصعد السلم قفزاً حتى وصل إلى غرفتهما ويا هول ما رآه… سلط نظره عليها وهو في حالة يرثي لها… وكأن الدماء في جسده تنسحب تدريجياً وأطرافه فقدت قدرتها على الحركة،،، شريكته في الحياة مُعَلقة في حبل متدلي من السقف،، زوجته وأم أبنائه أمامه جثة هامدة خالية من الحياة...ولكن للحظة ظن أنه من الممكن أن يكون مازحاً وهي مازالت حية،،، فتغالب على حالته واقترب منها جاذباً تلك الكرسي الذي من الواضح أنها دفعته قبل أن تلتقط أنفاسها الأخيرة ووقف عليه متحسساً نبضها الذي وجده توقف بالفعل وقد فارقت الحياة… فحاوط جسدها النحيل بذراعٍ وفك بالآخر تلك الحبل اللعين الملتف حول رقبتها… ثم حملها حتى وضعها على الفراش محتضناً إياها بوجع يمزق قلبه وظل صامتاً لفترة قليلة قبل أن يعاتبها قائلاً " ليه ياصبا.. ليه؟؟.. أنا أستاهل منك كده؟… طب يزيد ويزن يستاهلوا كده!!!... هُنا عليكي تسيبنا؟… طب نكمل من غيرك إزاي؟… أنتي فاكرة  إنك كده هترتاحي وتريحينا… منين هتيجي الراحة وأنتي بعيد؟؟… ليه ياصبا؟… (ثم صرخ) لييييييييه……. آااااااآآآاااااااااااااااه…. آاااآااااااااه "
- استرد صلابته عندما اهتز الهاتف في جيب سترته، فأخرجه وجدها ياسمين التي والته بالرنات منذ خروجه من منزلها ولكنه لم يجيبها،، تلك المرة أجابها وقبل أن يقول شيئاً سمع صوتها القلق" فيه إيه ياياسر طمني… صبا كويسة؟… أنا مش عارفة أسيب يزيد ويزن وآجي… طمني"
- أخذ نفساً عميقاً لعله يهدىء الألم بداخله وأجابها بصوت مؤلم " تعاليلي يا ياسمين أنا محتاجك… صبا ماتت"

◾ تعلو ضحكاتها على حديث آسر الذي لا يخلو من المزاح، هو الوحيد القادر على تغيير مزاجها الحاد أكثر الوقت وعلى الرغم من اختلاف تفكيرهم وشخصياتهم ولكن سيظل آسر أخاها الذي يكبرها بخمسة أعوام هو الأقرب إلى قلبها،، ورغم فشله الذريع في أي مجال يعمل به ولكن بداخلها يقين أنه مازال لديه شىء عظيم يستطيع أن يخرجه ويعوض به فشله ولكنه نفسه لم يكتشفه بعد….
-قطعت حديثهم دخول سدرة الذي حان وقت فترة عملها المسائي تحمل بين يديها صينية خشبية عليها بعض المعلبات والأطباق، ثم وضعتها على منضدة صغيرة قريبة من يمني وسحبتها بعض الشىء وقالت بجمود " دكتور يوسف باعت لكم العشا ده"
- زفرت يمني ثم رفعت حاجبيها باستنكار وقالت بنبرة حادة " قوليله شكراً مش عايزين منك حاجة ولو احتجنا هنطلب اللي عايزينه من أي مكان"
- نظرت لها سدرة نظرة تعجب من تلك الفتاة الشقراء التي علمت من ثرثرة نهي بين الممرضات والعمال أنها خطيبة الدكتور يوسف السابقة والتي من الواضح أنه مازال يحبها وظهر هذا للجميع بعد تغير حاله منذ أن جاءت لأخيها صباح اليوم ومكوثه طوال الوقت في المستشفي منذ دخلها ذلك المريض،، تتعجب كيف لأنثي أن ترفض حب واهتمام رجل متيم بها مهما حدث بينهم وهي التي يعطيها ذلك الرجل الذي أحبته منذ طفولتها ربع ذلك الإهتمام… أخرجها من شرودها صوت يمني التي تقول بغضب " إيه مسمعتيش… خدي الصينية رجعيهاله"
- احتدت ملامح سدرة وردت عليها بحدة " أنا عايزة أفهم حضرتك إن ده مش اختصاصي،،، فيه عمال هنا مخصصة لكده وأنا مجبتش الأكل ده إلا بناء عن طلب من الدكتور يوسف نفسه وقال إني دخله،،، بس ما طلبش مني إن أرجعه"
- تدخل آسر لإنهاء الأمر وقال" خلاص يايمني سيبيه ودلوقتي حد هيجي ياخده… وإنتي ياآنسة اتفضلي ومتشكرين لتعبك معانا "
- همت يمني بالإعتراض ولكن أوقفها رنين هاتفها التي جذبته من أمامها ونظرت لآسر قائلة " دي ماما "
- أومأ آسر رأسه وقال" ردي وشوفي عايزة إيه "
-عندما أجابت على المكالمة أتاها صوت والدتها تصرخ فيها" أنتي فين يايمني؟؟ "
-شعرت يمني بالخوف فردت عليها" فيه إيه ياماما؟؟"
- أجابتها أمها بنفس النبرة "مصيبة يايمني… صبا ماتت… تعالي حالاً" ثم أغلقت الخط.
-هزت يمني رأسها بذهول رافضة الفكرة" مستحيل "
- قلق آسر من هيئة أخته فسألها " في إيه يايمني.. ماما كويسة؟؟ "
-أجابته بعينين دامعتين " صبا مرات أخوك ماتت"
-صمت آسر للحظات غير مصدق ماتفوهت به،، جذبت يمني حقيبتها وانطلقت مسرعة خارج الغرفة بينما ناداها آسر بصوت مرتفع " يمني… استنى… أنا جاي معاكي " ولكن يمني انطلقت مسرعة غير آبهة بشيء.
- لمحها يوسف وهو واقف يتحدث مع أحد الأطباء تخرج مسرعة ووجها شاحب ويبدو عليها الإنزعاج،، فخطي بسرعة لاحقاً بها قبل أن تغادر المستشفي منادياً " يمني… يمني استنى"
- وقفت للحظة  قبل أن تخرج من باب المستشفي وكان يوسف قد لحقها وأمسك ذراعها قائلاً " يمني… مالك؟!"
-زفرت بإختناق وعينين ممتلئتين بالدموع وقالت " يوسف أرجوك أبعد عني دلوقتي"
- نظر إليها منزعجاً من هيئتها الهشة التي نادراً مايراها فترك يدها وقال بصوت حاني" تمام… هسيبك… بس قوليلي فيه إيه مخليكي كده؟"
- أجابته بإستسلام " صبا ماتت يايوسف ولازم أروح حالاً "
- تأثر بذاك الخبر وهم بجذبها قائلاً " تعالي وأنا هوصلك "

وصمة وجع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن