part 4

1.2K 42 5
                                    

تذكرني
.
.

أمسكت به والدته من كتفيه فلقد غلف الخوف قلبها الحنون و قد أخذت تحاول منعه من الجلوس أرضا فلقد كان سان شبه عاجز عن الوقوف و هنا كان والده قد أوقع تلك المفاتيح من يده بعد ما كان يحاول قفل سيارته ليسرع إلى سان و يرفعه عن تلك الأرض التي كان قد جثى عليها بركبتيه بعد عجز والدته عن حمله و هو يصرخ باكيا، قام والده بحمله و قد أدخله إلى المنزل ليدخله إلى غرفته بعد ذلك لكن سان ظل يصرخ و يصرخ إلى أن مدده والده على سريره و قام بتكتيفه ليهدأه، أتت والدته مسرعة و هي تحمل حبوب مهدئة و قد اقتربت منه لتلقمه بها بالرغم عنه فإذا به و بعد دقائق قليلة يرتخي ليغط في النوم فابتعد والده عنه و قد تراجع للوراء قليلا ليجلس على الأرض بتفانٍ و أخذ يحاول حبس دموعه لكن الحزن و الحيرة كانا قد غلباه ليبدأ بالبكاء و هو يضع إحدى كفيه على فمه مرددا بصوت مكتوم "مالذي سنفعله ؟… مالذي يجدر بنا فعله الآن ؟"

خرجا والدا سان من غرفته و قد أغلقا ذلك الباب تاركان سان و الذي أصبح وحيدهما لينام بارتياح و قد اتجها إلى غرفتهما ليتحدثان ، دخلا و قد جلسا معا ليقول والد سان "مالذي سيحدث بعد ذلك ؟ أستدعينه يذهب للجامعة و هو في هذه الحالة ؟" فردت والدة سان قائلة "أجل، إن بقي في المنزل لن يتغير شيء و ستزيد حالته النفسية سوء، سيبقى يحدق بهذه الجدران و يرى سونجي في كل مكان، يجب أن يذهب للجامعة ليخالط الناس و يغير ما هو به قليلا" فقال والد سان "أتعتقدين هذا ؟" فردت "بالطبع" من ثم أزاحت ناظريها عن زوجها و أنزلت رأسها لتقول "أتذكر عندما كان سان صغيرا و كان يستيقظ كل يوم ليقول "أحان الوقت لأدخل الجامعة" فعندما أجيبه بـ"ليس بعد" يبدأ بالتذمر قائلا "لقد مضى الكثير من الوقت، ألم أكبر بعد لأستطيع دخول الجامعة ؟" ؟"، أنزل والد سان رأسه أيضا قائلا "أجل… و لقد أخبرني ذات مرة أن ارتياد الجامعة حلمه فهو يريدني أن أغدو فخورا به"، تذكرا والدا سان الماضي من ما جعلهما يصران على أن يدخلاه إلى الجامعة

مر الوقت و حل منتصف الليل و لا يعم الكون إلا الهدوء و السكينة لكن غرفة سان كانت خارج ذلك الايطار من هدوء فلقد نهض فجأة من فراشه بعدما أغرقه عرقه و شيء من الشعور بالقلق و عدم الارتياح و بعد ثوانٍ أخذ يحدق في هذه الأرجاء التي تبدو مظلمة على غير المعتاد و قد أبعد ذلك الغطاء عن جسده لينهض لكنه لم يكن يعلم مالذي يريد فعله تحديدا و كانت خزانته ذات الأبواب المغلقة تهتز ببطء لتثير فضوله فما كان له إلا أن يتجه نحوها ليفتحها فوقعت منها دمية ما ليتوقف سان و ينظر إليها للحظة و قد انحنى ببطء ليلتقطها و أخذ يقلبها بين يديه فإذا به يشعر و كأنها تحدثه و تخبره بأن يستيقظ من ما هو به فألقى بها أرضا لفزعه لكنها نهضت فجأة و هي على هيئة بشري لتقترب ممسكة بعنقه و قد أخذت تخنقه فحاول سان الصراخ لكن مع كل محاولة ما كان يزداد إلا ألما، لحظات و أخذ سان يرفس محاولا فك نفسه من بين تلك الأذرع التي أصبحت تكبله و هي تصرخ "سان !"، فتح سان عيناه بهلع و قد التفت إلى يمينه ليرى والديه اللذان يمسكان به و هما في ذعر من ما يحدث و قد ابتعدا بعد ذلك عن ابنهما الوحيد و الذي كان نفسه يكاد يشق صدره و هو يتسائل قائلا "مالذي حدث ؟" فأجابته أمه أنها و أباه أتيا مسرعين بعد سماعهما لصراخه لكنهما تفاجئا عندما وجداه نائما و وحيدا و هو يصرخ و كأن أحدهم يحاول قتله، خرج والد سان بصمت بعد سماعه لذلك فهو لا يقوى أن يرى ابنه في هذه الحالة بينما والدة سان اختارت إغلاق هذا الباب و الاقتراب من ابنها لتجلس بجواره و قد أمسكت بيده لتقول "مالذي رأيته تحديدا ؟ و لم قد تخاف كل هذا الخوف ؟ أنت بطلي الآن و أنت شاب كبير، لا يجب عليك أن تفزع من كل ما تسمعه أو تراه أو حتى تحلم به" من ثم و بعد صمتها لثواني بدأت تغني له و تردد تلك الكلمات التي اعتادت أن تغنيها له عندما كان صغيرا ليغط في النوم لكن سان لم تغلق عيناه ليغمده الهدوء و ينام مجددا بل بدأ بالبكاء ليقول "أمي…، أخبرني مالذي أنا به، لمَ أشعر هكذا ؟" فتسائلت أمه قائلة "كيف ؟… كيف تشعر ؟"، رد سان قائلا "أشعر و كأن هناك جزء مني مفقود و هائم في هذه الدنيا، قولي لي، هل نسيت أحدهم، أقصد هل محوت شخصا كان يعني لي شيئا ؟"، أنزلت والدته رأسها و لم تنطق بشيء فمرت لحظات لم يسمع بها غير صوت تلك النافذة التي أخذت تتحرك لهبوب الريح في تلك الليلة، نظر سان إلى خزانته ليقول "لقد رأيت اليوم في منامي دمية محشوة، كنت قد أخذتها من خزانتي بعد ما فتحت بابها و وقعت منها لكن تلك الدمية تهيأت لي و كأنها تقول "استيقظ من ما أنت به !" فعندما ألقيت بها أرضا لخوفي أصبحت شخصا و قد وفقت على قدميها لتبدأ بخنقي حتى شعرت بأن أنفاسي قطعت، أعتقد أنها فعلت ذلك لأني أبيت الاستماع إليها لكن تعلمين ماذا يا أمي ؟"، رد والدة سان بـ"ماذا ؟" و هي في تلهف لسماع المزيد فقال سان "كان كل شيء على غير عادته، لم تكن خزانتي بهذا الشكل و لم أكن في غرفتي، و كأني كنت في فراغ معتم و كنت أنتظر من يأتي ليساعدني، كان أحدهم يقف بعيدا، أعتقد أنه كان فتى أسمر البشرة قليلا لكني لا أتذكر وجهه، لقد كان يمد يده لي ببرود و كأنه متعب"، صمت سان قليلا ليقول بعد ذلك بهدوء "أظن أن ذلك كان كابوسا"

ووسان || 𝑹𝑬𝑴𝑬𝑴𝑩𝑬𝑹 𝑴𝑬حيث تعيش القصص. اكتشف الآن