فِي غرفةِ التمريضِ بالمدرسةِ، علَى سريرٍ أبيضَ ينامُ جِيمين بتعبٍ حيثُ الضماداتُ تحيطُ معصميهِ، رأسهُ وَ جذعهُ، جسدهُ باردٌ جرَّاءَ المرهمِ الذِي وضعتهُ الممرِّضةُ وَ الشعورُ بالثقلِ وَ الخمولِ يغمرهُ.
إلَّا أنَّهُ لمْ يكُنْ متألِّمًا، رغمَ الضربِ المبرحِ الذِي تعرَّضَ لهُ منذُ سويعاتٍ، كانَ مرهقًا لكنْ لاَ وجودَ لأيِّ وجعٍ.معَ ذلكَ، هناكَ إحساسٌ مجهولٌ بالراحةِ وَ الأمانِ، كأنَّ الدفءَ وَ العطفَ الموجودينِ بالعالمِ أحاطَا بهِ فِي تلكَ الغرفةِ الهادئةِ.
الهواءُ كانَ خفيفًا وَ بدلَ أنْ يحملَ رائحةَ المعقماتِ وَ الأدويةِ، فإنَّ مَا إستنشقهُ جيمين كانتِ رائحةً لطيفةً وَ بعثتِ الرَّاحةَ فِي قلبهِ.عبيرُ الغابةِ بعدَ المطرِ بكلِّ أشجارهَا المبتلَّةِ وَ أوراقهَا النديَّةِ، شذَا زهورهَا المتفتحةُ وَ تربتهَا المتوحلَّةِ، كانتِ رائحةً هادئةً وَ مبتهجةً بالآنِ ذاتهِ.
رائحةٌ تبدُو كالنفسِ الأوَّلِ لكَ بهذهِ الدنيَا.حينَ تشتمُّهَا للوهلةِ الأولَى ستظنُّهَا كئيبةً إلَّا أنَّكَ إنْ إستمرَرتَ بإستنشاقهَا ستشعرُ بإنتعاشٍ وَ تريدُ لوْ تملأُ بهَا رئتيكَ وَ تغرقُ فيهَا.
تنشَّقَ جِيمين هذَا الأريجَ وَ حينَهَا شعرَ بأنَّ عالمهُ الصغيرَ آمنٌ، شعرَ بسلامٍ يحلُّ علَى قلبهِ.ثمَّ الحنينُ وَ الألفةُ تمسَّكَا بروحهِ، لَم تكُن هذهِ المرَّةُ هيَ الأولَى لهذهِ الرائحةِ، بلْ ربَّمَا هيَ الثانيةُ حسبَ مَا أخبرتهُ ذاكرتهُ.
لسببٍ مَا، أعادتِ لهُ ذكرياتَ زمنٍ غطَّتهُ الغمائمُ.جالَ ببصرهِ فِي الأرجاءِ بحثًا عنْ المصدرِ وً عنْ أيِّ شخصٍ حتَّى يسألهُ كيفَ وصلَ لهنَا؟ آخرُ مَا يتذكرَّهُ هوَ فقدانهُ الوعيَ بذلكَ الرُّكنِ بعدَ أنْ إشتَدَّ عليهِ الألمُ منْ قوَّةِ ضرباتِ ذلكَ المعتوهِ.
إستقامَ يعدِّلُ قميصهُ المفتوحَ وَ يفتِشُ بعينيهِ عنْ حذائهِ، لكنْ إستوقفتهُ الممرِّضةُ التِي هرعتِ نحوهُ بمجرَّدِ رؤيتهِ واقفًا لتدفعهُ بخفَّةٍ تحثُّهُ علَى الإستلقاءِ.
" أجننتَ؟ كيفَ تقفُ هكذَا سريعًا، لاَ تُرهِق نفسكَ وَ إلَّا ستتعكَّرُ حالكَ، لديكَ إلتواءٌ بالكاحلٍ وَ كسرٌ طفيفٌ بكلتَا ذراعيكَ وَ جرحٌ فِي رأسكَ، سيأتِي صديقكَ بعدَ قليلٍ، ذهبَ ليحضرَ أغراضكَ وَ يستأذنَ المديرَ للخروجِ بكَ وَ إعادتكَ للمنزلِ."إبتسمتِ فِي نهايةِ حديثهَا تغطِّيهِ، هوَ لَمْ يستغرِب ردَّةَ فعلهَا حينَ ألقتهُ بخفةٍ علَى السريرِ بينمَا تعاتبهُ، لأنَّهُ فعلاً كانَ يشكُو منْ تلكَ الإصاباتِ الخطيرةِ لكنَّ قدرةَ شفائهِ وَ تجديدِ خلايَا جسمهِ خيَّاليَّةٌ وَ أثارتِ الصدمةَ لأطبائهِ وَ عائلتهِ دائمًا منذُ بلوغهِ الحاديةَ عشرَةَ وَ حتَّى قبلهَا كانَتِ مناعتهُ جيِّدةً جدًّا.
أنت تقرأ
werewolves | مستذئبين
Fanfiction[مكتملة] - كنتُ ناقصًا وَ بكَ إكتملتُ. - كنتَ أنتَ ساكنَ فكرِي طيلةَ السنينِ الفارطةِ. بارك جيمين فتَى طبيعيٌّ وَ حينَ بلغَ السادسةَ عشرة إكتشفَ أنَّهُ لمْ يكنْ كذلكَ يومًا، لكنْ كيفَ وصلَ مستذئبٌ لأرضِ البشرِ؟ بينَ أحضانِ عائلةٍ بشريَّةٍ؟ - يونمين،...