16

1.8K 144 34
                                    

لقَد إختفَى يونغِي منَ البلدةِ، فلاَ أثرَ لهُ في المدرسةِ وَ حينَ سألَ جيمين حرفيًّا الجميعَ، لمْ تشفِي إجاباتُ أيٌّ منهمْ تسائلاتهُ وَ قلقهُ.
" ترَى أينَ ذهبَ؟ هلْ ربَّما جرحتهُ بشدَّةٍ حتَّى يغادرَ هكذَا..يَا لِي منْ أحمقٍ وغدٍ!" شتمَ جيمين نفسهُ دونَ أنْ يجهرَ لأحدٍ وَ كمْ كانَ منَ المؤلمِ الجلوسُ وراءَ مقعدِ يونغِي الفارغِ، هوَ الآنَ يعضُ أصابعهُ ندمًا فلاَ يهمُ منْ يسألُ الإجابةُ ظلَّتِ نفسهَا.

سألَ أعضاءَ النادِي وَ الأستاذ المسؤولَ عنِ الفصلِ ثمَّ وسَّعَ منطقةَ بحثه للملعبِ الذِي يتدربُ بهِ يونغِي وحيدًا، فمقهَى الكتبِ الذِي يزورانهِ معًا، لكنْ لاَ أثرَ لوجودهِ بالأرجاءِ منذُ أيِّ وقتٍ قريبٍ.

كانَ متردِّدًا بشأنِ زيارتهِ فِي بيتهِ، معتقدًا أنَّه قدْ يصرخُ بوجههِ وَ يطردهُ، وَ إنْ كانَ يستحقُ ذلكَ فلازالَ منَ المحرجِ التعرُّضُ لمثلِ هذَا الموقفِ.
مرَّ يومانِ منذُ عودةِ جيمين إلَى الثانويةِ وَ يونغِي لَم يظهَر بعدُ.

" سأذهبُ لرؤيتهِ اليومَ، فليطردنِي وَ يصرُخ كمَا يريدُ! لأعتَذر أوَّلًا." فكرَّ الحليبيُّ بينمَا يضرِبُ رأسهُ بالطاولةِ، مصدرًا أصواتًا غريبةً وَ حينَ رفعَ رأسهُ لاحظَ نظراتَ جميعِ منْ كانَ هناكَ، تخترقهُ مستغربةً.
" أعتذِر." بإرتباكٍ قالَ راسمًا إبتسامةً علَى ثغرهِ.

__
لاحقًا ذلكَ اليوم، ذهبتُ إلى منزلِ يونغِي الكائنِ وسطَ الغابةِ، وَ علَى غيرِ العادةِ لمْ يكُن يضيئهُ المصباحُ الخارجيُّ بلْ كانَ مظلمًا وَ بدَا مهجورًا.
تقدَّمتُ منَ البابِ، لأطرقَ ثلاثَ مرَّاتٍ قبلَ أنْ أتوقفَ، منتظرًا وَ كلُّ مَا بِي يتمنَّى لَو يفتحُ لِي أحدُ الساكنينَ البابَ لأنَّنِي سأنفجرُ منَ القلقِ.

طالَ وقوفِي وَ لاَ يبدُو أنَّ أيَّ إجابةٍ قادمةٍ.
أعدتُ الطرقَ لكنْ لاَ جدوَى، جلتُ حولَ المنزلِ وَ إسترقتُ النظرَ منَ النوافذِ غيرَ أنَّ المكانَ كانَ هادئًا جدًّا.
فجأةً، إعتمرنِي شعورٌ عظيمٌ بالإحباطِ، هلْ عدتُ لأكونَ وحيدًا؟
لَم يمرَّ وقتٌ منذُ عرفتُ أنَّ لِي أخوينِ وَ هاهُما قدْ رحلاَ.
هذَا كلُّهُ بسببِي، أعلمُ.

عدتُ إلَى المنزلِ وَ لَم أكُن أملكُ أيَّ طاقةٍ فيَّ كيْ أتحدَّث معَ أمِّي عمَّا يخالجُ صدرِي، أدركتُ كمْ أنَّ عالمِي يمكنُ أنْ يكونَ فارغًا منْ دونهِ.
لاَ أعلمُ أكنتُ مكتملًا بهِ أمْ أنَّنِي ولدتُ ناقصًا وَ لَم أدرِك حتَّى أتَى، هذَا غريبٌ وَ مؤلمٌ.
أينمَا كنتَ يونغِي، كُن بخيرٍ.

لَم أشعُر برغبةٍ فِي الذهابِ إلَى المدرسةِ فِي الصباحِ الموالِي، لكنْ ذلكَ أفضلُ منَ التبريرِ لوالدتِي سببِ كآبتِي وَ رغبتِي فِي البقاءِ نائمًا طوالَ اليومِ.
إرتديتُ الزيَّ المدرسيَّ وَ حملتُ حقيبتِي ثمَّ إنطلقتُ علَى دراجتِي وَ كلُّ ركنٍ منَ المدينةِ أمرُّ عليهِ كانَ يسردُ عليَّ ذكرَى منَ الماضِي، مغامراتِي معَ يونغِي.
إبتسامتهُ وَ هدوءهُ وَ مرحهُ وَ رائحةُ المطرِ النقيَّةِ، أحنُّ لكلِّ هذَا وَ لصاحبِها.

werewolves | مستذئبينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن