إليكم أنتمي
Luna_Sierra
|المقدمة|"إذا ذكّريني لما فسختِ خطبتك من دايف؟".
تسأل أختها بفضول من الجانب الآخر للخط.بعد زفر نفس طويل وتشديد قبضتها على مقود السيّارة، تُجيب بنبرة مُنهكة.
"لن تفهمي، تالا... فقط تقبلي قراري وحاولي إخماد الإشاعات التي ينشرها أصدقائي وأفراد عائلتي"."حاولي أن تُفهميني أرجوكِ! على الأقل حتى أفبرك كذبة يُمكنهم تصديقها...".
أضافت الكُبرى قلقة على شقيقتها، في يوم كانت تُشاركهم عشاءً سعيدا رفقة خطيبها وفي اليوم التالي انفصلت عنه وحملت رِحالها لتُغادِر الولاية دون نيّة بالرجوع... من حق تالا أن تقلق وأكثر!لحظات أخرى من الصمت حاولت فيها الشابة أن تركّز على الطريق الخالية أمامها إلى أن تنسى أختها ما طلبته، لكن الصمت امتدّ طويلا ولم يكن حولها ما يشتت انتباهها ويُلهمها موضوعا جديدا للنقاش.
"هل راودكِ من قبل الشعور بأنك لا تنتمين لمكان ما؟ مهما كُنتِ مُحاطة بكل ما هو مثاليّ إلا أنه لا يُناسبك... ربما هو مثاليّ في نظر الكثير الآخرين لكن ليس لكِ...".
نطقت أخيرا بصوت مُهتزّ غير ثابت."لا...".
تلعثمت الأخرى حين لاحظت مدى جدّية الوضع ومنعت نفسها من طرح أية أسئلة كي لا تدفع أختها للانهيار."حبيبتي فلورا، ربما لا أفهم ما تمرّين به لكنني أتفهّمك... خذي الوقت الذي تحتاجينه بعيدا عن كل ما يُولّد فيكِ ذلك الشعور السيء لكن لا تنسي أنني هنا متى ما احتجتني، سأركب الريح وأكون بجانبك بسرعة البرق إن ناديتِ باسمي".
وعدتها تالا فترقرق الدمع في عينيها لتبتسم وتشكرها.رمت هاتفها إلى المقعد الذي بجوارها ثم أمسكت المِقود بكلتا يديها، ضغطت على البنزين لِتُسرع وقهقهت لِسماع صوت المُحرّك العالي. لطالما كانت الأصوات العالية تُفزعها، ما عدا صوت المُحرّك، كان يجعلها مُتحمّسة وكأنها تكاد تفوز في سباق للسيارات.
بضعة أميال أخرى وشعرت بسرعة سيارتها تقِل إلى أن تمخّضت وتوقفت فجأة وسط اللامكان. نظرت فلورا إلى لوحة التحكم فوجدت علامة البنزين تومِض بلون أحمر، لم تسمع الإنذار سابقا لأن موسيقاها كانت أصخب من أن تسمح لها بسماع أفكارها حتى.
"جميل!".
صاحت غير مُصدّقة ثم ضحكت بجفاء، لحظات من الحرية دفعت ثمنها بالضياع في صحراء قاحلة.|الفصل الأول|
الشمس التي سطعت فوقها كانت حارِقة كما لو أنها مستلقية داخل فرن، حتى الشجرات اللاتي تواجدن على جانبي الطريق كنّ عاريات خاليات من الأوراق، مجرد أغصان يابِسة لا تُوفّر شبرا من الظلّ.