”ستِلا“
AshLights102|المقدمة|
عزيزتي ستِلا...
انتَظَرتُكِ لتَخرُجي من قَوقَعَتِكِ التي حَبَستِ نَفسَكِ بها بهدوءٍ لكنكِ لَمْ تَفعَلي. كَمْ أتوقُ لتَحطيمِها، لكنني بالكادِ أستَطيعُ خَدشَ قِشرَتِها!
أتساءَل......هل سيكونُ علَيَّ حقاً حَملُها والتَحليقُ بها عالياً لأُسقِطَها من فوقِ السُحُب؟
ملحوظة: هناكَ مَقطوعاتٌ موسيقِيَّة مُرفَقَةٌ بكُلِّ فصل في الكِتاب الأصلي.
|الفصل الأول: مفاتيح|
أمسَكَت كوبَها الساخِنَ بكِلتا يدَيها لتَشعُرَ بالدِفئ بينما أخَذَت تُراقِبُ أضواءَ المدينةِ المُتلألِئة. كُتَلٌ من الضبابِ كانَت تتجَمَّعُ وتتلاشى مع كَلِّ نَفَسٍ تُخرِجُه. مَرَّت عِدَّةُ دقائقَ هادِئةٍ قبلَ أن يفَتَحَ أحَدُهُم البابَ المُؤدِّيَ إلى سَطحِ المَبنى ويَخرُجَ إلَيها مُنادِياً اسمَها.
-"ستِلا؟ عَرَفتُ أنَّني سأجِدُكِ هُنا....كالعادة، حتى في هذا البَردِ القارِس!"
-"من الأفضَلِ أن يكونَ لدَيكَ سَبَبٌ جيِّدٌ لتُزعِجَني من أجلِهِ دايسونغ"
-"أُزعِجَكِ؟! لَمْ يَتَبَقَّى على آدائنا سوى خَمسُ دقائقَ يا آنسة!"
-"خَمسُ دقائق؟!"
وَضَعَت ستِلا كوبَ القهوةِ على حافَّةِ السورِ لتَتَفَقَّدَ ساعةَ يَدِها.
-"ياه...إنَّها مُتَوَقِّفةٌ مُنذُ ساعَتَينِ و لَمْ أُلاحِظ!"
-"أنتِ تُصابينَ بالجُروحِ والكَدَماتِ ولا تُلاحِظين فكيفَ ستُلاحِظينَ أمراً تافِهاً كهذا؟!"
عَقَّبَ زميلُها ساخِراً قبلَ أن يَستَديرَ ليعودَ إلى الداخِلِ على عَجَل.
-"هيا أسرِعي!"
____________________________
في مُنتَصَفِ أحَدِ ساحاتِ المُجَمَّعِ التجارِيّ كانَ هناكَ آلةُ تشيلو مُسنَدةٌ إلى رفيقِهِا البيانو؛ كِلاهُما كانا في انتِظارِ كُلٍّ من دايسونغ وستِلا. وَصَلا في تمامِ الساعَةِ الثامِنة ليَتَّخِذَ كُلٌّ منهما موقِعَهُ ويبدأَ بالعَزف؛ دايسونغ على أوتارِ التشيلو وستِلا على مفاتيحِ البيانو. من كُلِّ اتِّجاهٍ ومن كلِّ طابَق راقَبَتهُمُ أعيُنُ المستمعين. تَتابَعَ عَزفُهُم لإحدى أغنياتِ بيتهوفِنِ المُعَدَّلةَ بسلاسة، حتى عندما شَعَرَت ستِلا بالقُشعريرةِ وعَرَفَت من خلالها أنَّهُ قد أتى مثلَ كُلِّ ليلةٍ وأنَّ عيناهُ مُثَبَّتتانِ عليها الآن. كان شابَّاً في أواخِرِ العشريناتِ من عُمرِه؛ قامةٌ مُتوسطة؛ شعرٌ أسود؛ أعيُنٌ سوداءٌ ثاقِبةٌ تَنبَعِثُ منها رِسالةٌ غيرُ واضِحةٍ دوماً. رَفَعَت نَظَرها ورأَتهُ هناكَ بالفِعلِ بينَ جُموعِ المتفرِّجين.