مر يومٌ يليه يوم.. لم يكن الشيطان الأسود يظهر بها أمامها ولم تكن تشعر بوجوده أُتراه عاد لمجونه وعربدته!..
اخبرها العازر بأن قبيلتها قد رأت رأس اخنس !..
كانت تقف أعلى السفينة وميمون هو من يتسلّم القيادة ..
ترتدي عمامتها التي أخفت بها ملمحها وعن يسارها سيفها...
كرهت عذراء كونه قد فعل ذلك من تلقاء نفسه ..أتراه يريها أنه يفعل مايريد!,أم انه أراد ان يظهر لها سطوته.. لكنها في الوقت ذاته مستبشرة فلا خزي سيحملونه إخوتها !..
تطلعت إلى زرقة البحر تُناجي نفسها..
عدو الأمس حليف اليوم!..
كيف إنتهى كل ذلك سريعًا,ظنت بأنها لن تأخذ أقل من عام لكن كل شيء بدا لها كطرفة عين ..
كسحرٍ وهي الساحرة!..أطلعها على بيانه وعلى ماكان له ثم جلب لها ثأرها حتى تصدقه ..
رفعت عيناها إلى السماء علها تراه لكنه لم يكن هناك .. العازر وأمير الجنة هنا يحادثان الربان..
تبسمت ساخرة!..ألم يقل بأنها مادامت قد إستدعته فلن يرحل!..ولمَ لا يرحل؟..أليس هو الشيطان الأسود ولّاس إبن خثعر خليفة والده وأمير قبيلة يدعج العظيمة !..
يقول مايريده ويفعل ماأراده ..
لم يأبه حتى بكونها بنتُ الشيخ ..يحملها بين يديه ..يقبل شعرها , يراقب نومها ..
وترى عذراء خبثه بعيناه المشتعلتان ..
...
لم يكن ظنها خاطئًا بل أصابت!..
يجلس الشيطان الأسود ولّاس بخيمته التي ستكون عرشه ..
جارياته يتحلقن حوله .. شرب شيخ الشياطين وذئبهم حد الثماله ..
عاد لمجونه كونه قد رغب بجارياته وبشرابه ..
لكنه قبل ذلك كان بهرجاء بعدما جاءه أحد عبيده يخبره بأن الساحرة الرومية قد علمت بشأنه وعذراء..
زمجر حينها ثم زأر ..تجهم ملمحه وعلم بأنها ستحاول إعادتها ردعًا له..أتجرؤ الرومية وتتحداه!..
ظهر أمامها بمنزلها فإختباءن تلميذاتها خلفها رعبًا ..
إبتسامة ساخرة تحمل خبثًا بملمح الشيطان الجلمود تقابله الرومية التي كانت تتلو تعاويذها ..
لم ينتظر كلمة واحدة منها .. بل أشار بسبابته فأحرق منزلها..
أحرقه أمامهن ..وبينما كانت النيران تشتعل قال الشيطان ببرود وجمود صوته: ستبتعدين عنها,لن تلتقي بها ولن..
قاطعته خنساء التي أرتمت أمامه تتوسله قائلة: أرجوك أيها الشيخ أتوسلك..ليس لأجلنا بل لأجلها و لإخوتها وقبيلتها أتوسلك ألا تؤذي معلمتي أتوسلك .
تطلع إليها ساخطًا ثم رفع عيناه إلى الرومية قائلًا متوعدًا: إني أحذرك!.
تبخر الشيطان الأسود عائدًا مُخلفًا وراءه خرابًا..
تطلعت الرومية بعينان ملئتها الحيرة إلى منزلها ..منزلها الذي قد إبتاعته منذ مايزيد عن عشرون عامًا يتهاوى أمامها !..
قرأت ريحانة تعاويذها وخنساء طلاسمها لعلهما يخمدان هذه النيران ولا يريان ملمح معلمتهن حزينًا مُكدرًا..
لم تكن خولة تقل حالًا عن معلمتها ..لطالما أحبت هذا المنزل حبًا جما..
أغمضت الرومية عيناها عل هذا ينتهي ثم فتحتهما فرأت رقاش أمامها ..رقاش التي تلت طلاسمها بينما تسكب دلال الماء على النيران بمساعدة تلاميذها ..
أُخمدت النيران أخيرًا بين ضحكات تلاميذ رقاش السعداء ..
تبسمت ريحانة وخنساء فإحتضنتا معلمتهن ...
دارت رقاش بعيناها حول المنزل قائلة وهي تضع يدها أعلى خاصرتها المليئة بالشحوم : مضى زمن منذ أن أتيت إلى هنا ..لايزال هذا المنزل صالحًا للعيش لاعليكِ.
دمعةٌ يتيمة قد سقطت من عين الرومية التي تنهدت قائلة: لم يعد هذا هو الشيطان الأسير..أصبح المجنون الأسير!.
لكنها وبعزمها وإصرارها الذي قد اخذته من العرب لن تستمع إليه ولن تلتفت لوعيده..
كل هذا يذكرها بالذي قد سلف ..بالرومية الصبية التي شببت بالروم ثم هاجرت لتشيخ في بلاد العرب ..
وُلدت أجابي ماغنوس في ليلة ماطرة ..كانت إبنة تلميذة ساحرة تتوارى خلف مسمى كاهنة..سرعان ماكُشفت لتحاكم فكان جزاءها الإعدام ..هي وتلاميذها ..
هربت والدة اجابي المسماة أولجا إلى منزل ساحرة قضت عمرها بالعزلة والزهد لتترك ابنتها لدى تلك المرأة ثم ذهبت للكنيسة وعندما ولجت إليها صاحت قائلة: انا ساحرة ,انا خادمة الشيطان , انا تلميذة الساحرة صوفيا .
فعلت مافعلته كي تحمي أجابي وتمنت قبل محاكمتها الا تصبح ابنتها ساحرة مثلها ومثل والدها..
حوكمت أولجا ومعلمتها الساحرة صوفيا فتلاميذها الست ..
تلك كانت محاكمة الساحرات..
كبرت الرومية لدى الساحرة التي أخذتها ظنًا منها بأنها ستكون ذات منفعة ..فإن لم تكن..ستبيعها وتتخلص منها..
لكنها أجابي التي كبرت كساحرة باسلة..
كساحرة إبنة ساحر وساحرة ..
والدها ساحرٌ يدعى رازفان إغتالته شياطينه بعدما أراد أن يتخلى عن سحره ..
لم يكن يرغب بأن يحيا طفله بين الشياطين .. لكنه قُتل قبل أن تولد وهاهي ذا تحيا بينهم !..
أنت تقرأ
•||عذراء الشيطان||•
Historical Fictionوفي ظلام الليل رأته يبتسم .. لا! كان يزمجر فظهرت أنيابه ثم زأر , إنه غاضب عيناه تقدحان..رباه أتهرب!. لمَ كل هذا الرعب منه .. وقفت بثبات وهي تكاد تخور.. شفتيها ترتجفان لكنها تصر على إظهار ثباتها أمامه .. طرفت بعينها كي تستمجع قواها وقبل أن تفتحه...