وحدها على ضوء القمر حول شجرة التفاح كانت ترقص..
ترقص حولها ضاحكة مستبشرة بخضارها ..
مرتدية زينة جبينها وثوبًا مطرزًا ثم على وسوسة خلخالها تمايلت طربًا..
ضربت يداها ببعضهما ليصدح صوت رنين اساورها..دكت الأرض بقدمها الحافية...
كانت تنادي أحدهم..لكن صوتها لا يخرج..
دُنياها خالية من سواها..
شيءٌ ما هي تنتظره..شيءٌ تحبه تأخرعليها..
شعرها الأسود يلتف حولها معانقًا إياها..الأسود..كم تحبه!..
رقصت ورقصت ثم رقصت حتى إصفرت أوراق شجرتها..فهزت رأسها غير مصدقة..كانت تصرخ رعبًا كلما زاد إصفرارها..تصرخ مرردة: كلا!.
جثت على ركبتيها تمزق شعرها ..تنتحب وتندب حظها..
إستدارت عندما لامستها أنامل منمنمة..تكفكف لها دمعها..
تساقطت أمامها أوراق شجرتها..
تساقط تفاحها الميت جميعه..ماتت شجرتها..ماتت!..
تبسمت بجنون بين شهقاتها تتطلع لشجرتها التي ببطئ تحولت إلى حطامٍ خشبي جاف!..
صاحت مجددًا ..صاحت حتى بح صوتها.. جنُت!..شجرتها الحبيبة قد ماتت.. أرادت أن تمزق شعرها لكنها رأت خنجرًا بين يديها..لم تترد للحظة..حتى طعنت فؤادها به..
فتحت عيناها..شهقت جالسة..كان حُلمًا!..لا بل كابوسٌ أخر..قلبها يؤلمها..ليس لكونها قد طعنته..بل لأجل تلك الشجرة الميتة!..
ماذا تكون؟..وماالذي تعنيه!..لمَ قد كانت تنوح عليها؟..
ثم راودها إحساسٌ ما..يإحساسٌ غريب يُخبرها بإقتراب النهاية!..تغضن ملمحها حائرة تسأل نفسها وإحساسها:نهاية ماذا!.
أحلامها..كانت دومًا تُنبئها..تُخبرها,وتُعلمها..بداية من حلمها الذي به تعلمت هي كيف تكون صانعة سموم وإلى اللانهاية!..
رأت معلمتها تنام قربها..أبعدت عنها غطاءها فغطتها به..
نهضت متنهدة تبحث عن شيطعونة فلم تجدها .. نادتها عدة مرات بصوتٍ خافت لتظهر لها ضاحكة تصفق قائلة:أنتِ بخير..أنتِ بخير!.
أشارت لها بأن تصمت فوضعت كفها على فمها تقهقه بخفوت..سألتها هامسة :منذ متى وأنا نائمة؟.
أجابتها شيطعونة هامسة تقلدها:يومان وهذا نصف الثالث..كنتِ محمومة تهذين.
تنهدت مجددًا فتلقفت خمارها مُرتدية إياه ثم خطت نحو النافذة تتطلع إلى البدر بعد أن فتحتها..توارد إلى سمعها صوت شيطعونة التي قالت:غدًا سيٌفتح سوق ساحر القمر..كما أن هذه هي الليلة التي ولدتِ أنتِ بها..أصبحتِ الأن في السابعة عشرة من عمركِ.
تغضن ملمحها وتثاقلت أنفاسها..أختنقت بدموعها ولوعتها..لم تُظهر ذلك لشيطعونة..لكنها شعرت بالبؤس,باليأس وبالندم..شعرت بأنها أفنت من عمرها أيامًا دون جدوى..بأنها لا تستحق الحياة..وبأنها بعيدةٌ عن إخوتها الغاضبين..واقعة في عشقٍ مٌحرم لا طائل منه..
لمَ لا يرغب الموت بها..كلما إقتربت منه يبتعد عنها..
ضمت خاتمها إلى قلبها ..قبلته خلسة حتى لا تراها شيطعونة التي تقف خلفها..تشتاق له!..أفلا يشتاق هو لها كذلك!..
رفعت رأسها بعد أن قبلته مجددًا ..فإلتفتت تحادث شيطعونة متبسمة بوهن:قد أُقتل!.. إن عدت لحمى القبيلة..حيث إخوتي الذين أحبهم..ربما يرأفون لحالي كوني مدللتهم فيزوجونني..لستُ معترضة على قتلهم لي فأنا إن لم أخبرك أرغب بالموت..سامحيني حينها لترككِ لكن بإمكانكِ البقاء مع معلمتي هي سترحب بكِ..سيتخلص مني ذلك الشيطان إن مُت..سيحيا هو قرونٌا عظيمة..أنتِ كذلك..لكنني لا أرغب سوا بالموت حتى لا أرى مالا أريده.
رباه!..عيناها تدمعان..شيطعونة التي لم تبكي يومًا..الأميرة المنفية التي لم تبكي حتى عندما نفاها والدها..تبكي لحزن ساحرة أضناها عشقها حتى تمنت الموت..
كفكفت دمعها..ولم تجبها..لم تعلم بمَ قد تجبها فآثرت الصمت..
اتكأت عذراء على كفها الأيمن تُحدق بالقمر..تٌحادث نفسها قائلة:بعيدٌ أنت..بعيدٌ جدًا وجميلُ جدًا..مثله تمامًا..أتسائل كيف أصل إليك!.
بقيت على حالها إلى أن سمعت ضجة خلفها فإلتفتت ترى مصدرها لتجد خنساء تحرك يديها مُلقية طلاسمها كي تعيد ترتيب المنزل ..منزل الرومية الذي بنته هي وحدها بعد إحتراقه..
تطلعت إليها خنساء متبسمة بعد أن أنهت تنظيفها ثم توجهت نحوها لتجلس قربها قائلة تحادثها:عمتِ صباحًا ايتها الباسلة..لم أُحادثكِ منذ أن عدتِ.
تبسمت لها عذراء متلحفة بصمتها لكن خنساء كانت تود سماع صوتها فقالت:هل سمعتِ يومًا بمخطوطة النبؤة الأعظم؟.
أنت تقرأ
•||عذراء الشيطان||•
Ficción históricaوفي ظلام الليل رأته يبتسم .. لا! كان يزمجر فظهرت أنيابه ثم زأر , إنه غاضب عيناه تقدحان..رباه أتهرب!. لمَ كل هذا الرعب منه .. وقفت بثبات وهي تكاد تخور.. شفتيها ترتجفان لكنها تصر على إظهار ثباتها أمامه .. طرفت بعينها كي تستمجع قواها وقبل أن تفتحه...