مرت ثلاث أشهر تعملت بها عذراء الكثير في عالم السحر العجيب ,كانت الرومية دوماً ماتثني عليها لفطنتها وسرعتها في تعلم السحر ..كانت عذراء تهرب دوماً من أسوار القبيلة إن لم يوافق لها والدها بالذهاب فتُلبس إحدى جارياتها السمروات عمامة وثوب لترتدي هي ثياب تلك الجارية ثم تتركها في خيمتها وتختفي ساعتان فتعود دون أن يقوم بالإمساك بها أحدٌ أو يعلم هويتها...وقبيل الشهر الثالث أرسلها والدها بمهمة إلى أحد القبائل لقتل أحد الجواسيس الذين كانو يحومون بين أسوار القبيلة ثم يعملون لدى والدها كخدم فيعلمو كل شاردة وواردة تُحدث في نمراً... فما كان من عذراء سوى أن لحقت بذلك الجاسوس وقطعت رأسه قبل أن يدرك كونها خلفه....ثم عادت وهي تمسك برأسه لقبيلتها التي رشقتها بالورد واحتلفت بنصرها على جاسوس أحد أعدائهم الذي لم يعلمو من هو تحديداً ولكنها تعلم أنهم سيعودون للثأر وحينها ستقتلهم جميعاً بسمومها الفتاكة... تلك هي عذراء بنت شاهين نمرة شرسة تهشم أعدائها ومن يقلق والدها فتقطعهم بمخالبها..
في منزل تلك الساحرة الرومية التي أصبحت تحتضن ساحرة من سحرة هرجاء تلك الساحرة هي عذراء...التي أصبحت تدعى بالباسل فهي تخفي هويتها...وعلى الرغم من كون الرومية لم تعلم عذراء سوى أصول السحر وأقوى الطلاسم دون الطلاسم الثانوية إلا أن صيتها قد ذاع بين السحرة وخصيصاً في سوق ساحر القمر كونها أصبحت تبيع سمومها النادرة ,لم يكن ينقصها المال ولكنها كانت تبيعها في سوق الساحر القمر كهاوية وتساعدها بذلك الرومية وخنساء أما خولة وريحانة كُن يسافرن كي يجلبن لها مُتطلبات سمومها بأمرٍ من الرومية....كانت خولة تقف على مقربة من عذراء التي تقوم بإختبار أحد الطلاسم كي تستدعي لها عفريتاً يخدمها ولكنها لم تنجح على الرغم من أنها حاولت عدة مرات فتطلعت إليها خولة ثم أردفت ساخرة: ياللغباء أهذه هي الباسل العاتية ؟...أنتِ حتى لا تسطتعين إستدعاء عفريت صغير!.
أردفت عذراء ببرود دون أن تنظر إليها: لكنني أستطيع قتلك تعلمين؟.
تراجعت خولة متوجسة فأردفت بِحدة تُحاول الدفاع عن نفسها: أنتِ مجرد طفلة مدللة لا شأن لكِ بالسحر.
وتلقت صفعة من الهواء لم تعلم مصدرها وعندما كادت تشتم عذراء لظنها بأنها من صفعها دلفت الرومية إلى الحجرة قائلة: إخرسي حتى وإن لم تستطع إستدعاء عفريت لا تزال اعتى منك هل نسيت ياخولة أنني أُعلمكِ منذ خمس سنوات ولم تفلحي حتى الأن بإستدعاء عفريتك هذا!.
أنزلت خولة رأسها وصعدت لتذهب إلى حجرتها لكن قبلها إلتفت عذراء لتتطلع إلى خولة بنظرة خاوية وكادت لتُخرج من المنزل كي تعود إلى قبيلتها فإستوقفتها الرومية قائلة بصرامتها المعتادة: عذراء أود منكِ الذهاب إلى منزل ساحرة قريبة من هنا .
ثم مدت إليها أقراطاً تحمل زبرجداً وأحجاراً كريمة في نهايتها وقالت: إنها صديقة عزيزة فلتعطيها هذا وأبلغيها تحياتي الرومية أجابي.
تطلعت عذراء إلى الاقراط التي مدتها إليها الرومية فتناولتها منها بعد أن رفعت عيناها بتعجب إلى الرومية: إسمك ِهو أجابي يامُعلمتي؟...لمَ لم تخبريني بهذا قبلاً.
إبتسمت الرومية قائلة: هيا إذهبي الأن وعودي سريعاً كي أعلمكِ طلسم رحيل ..ولمعرفة أين يقع منزل تلك الساحرة فلتسعملي طلسم الإستدلال.
تحركت عذراء لتمتطي الجارح بعد أن تلثمت بعمامتها وقرأت طلسماً ثم ركلت الأرض بقدمها فتطاير الرمل ليتشكل أمامها ككرة متوهجة بيضاء بدأت تقفز أمامها وتهرول بعدها فلحقت بها عذراء لتتوقف أمام منزل طيني بحديقة جميلة فتعجبت عذراء ذلك وحادثت نفسها قائلة: يمكن للساحرات حُب الورد إذاً !.
ثم طرقت باب المنزل لتفتح لها طفلة صغيرة تطلعت إليها عذراء وتساءلت: أين الساحرة التي بهذا المنزل؟.
كانت الطفلة ترفع نفسها لتوازي طول عذراء فقالت بسخرية بعد أن ضحكت: أنت قصير جداً ..معلمتي في الداخل سأناديها لك إبقى هنا.
زفرت عذراء ثم حادثت نفسها قائلة: ياللتفاهة عذراء إبنة شاهين تعبث معها طفلة مشاغبة كهذه.
وقفت أمامها إمراءة بيضاء بجسد سمين ممتلئ ترتدي العديد من المجوهرات وتحمل عكازاً بيدها فأردفت عذراء قائلة بحزم كما لو أنها قد ذهبت بمهمة أرسلها والدها لها: أنا تمليذ الرومية أجابي الساحر المُلقب بالباسل جئت بطلب مُعلمتي كي أسلمكِ هذه العطية والرومية تبلغك تحياتها.
إبتسامةٌ جانبية أظهرتها تلك الساحرة التي قالت: تقصدين تلميذة؟.
قطبت عذراء حاجبيها ولم تكن تود أن تُجيبها فمدت صندوق الاقراط لتلك الساحرة قائلة: إنها من الرومية أجابي.
أمسكتها الساحرة وقلبتها بين يديها فقالت: حسناً أبلغيها تحيات رقاش ...إنتظري سأعطيك شيئاً.
ذهبت تلك الساحرة رقاش وهي تجر أقدامها السمينة إلى حجرة تغطيها ستارة خضراء متدلية كانت حجرة مظلمة فلم تستطع عذراء رؤية مابداخل تلك الحجرة وماهي سوى ثوينات حتى أقبلت عليها رقاش وهي تمد لها زهوراً سوداء فقالت: إنها المفضلة لمعلمتكِ.
أخذت عذراء تلك الزهور منها قائلة: قلت لك أنني تلميذها مايعني بأنني صبي.
ثم استدارت وامتطت جوادها فسمعت تلك الساحرة رقاش تقهقه وتغلق الباب..أنطلقت عذراء سريعاً كي تعود إلى منزل الرومية وعند قدومها منزل الرومية ربطت الجارح ثم تحركت لتدلف إلى منزلها ... رأت أجابي تُجالس خنساء وريحانة وهي تضحك معهما فأقبلت عذراء نحوهن ومدت الزهور إلى الرومية التي تطلعت إلى الزهور ثم إبتسمت وقالت: إنها زهور رقاش المعروفة ...ياهٍ كم إشتقت اليها على الرغم من كون منزلها قريبٌ إلا أنني لا ألتقي بها إلا في سوق ساحر القمر .
إبتسمت عذراء لها ثم تطلعت إلى ريحانة وخنساء اللواتي ألقين أحجاراً كريمة فوق المنضدة فتفرقت ومن ثم إلتصقت ببعضها وشكلت دائرة تحمل نجمة بداخلها تساءلت عذراء عن ما يفعلنه فأردفت الرومية: أتودين تعلمه؟..إنها تُخبرك بشأن المستقبل لكن ليس بشكلٍ مفصل وغالباً لا يكون صحيحاً... تهتز المنضدة في بعض الأحيان عندما يكون ماقالته تلك الأحجار المسكونة صحيحاً لكن لا يحدث هذا دوماً فسُميت بأحجار المُغفل.
حملقت بها عذراء وقد لمعت عيناها شغفاً لتعلمها ..وضعت يدها بجانب قلبها ثم أردفت : لا ..يكفي ماسأتعلمه, أيضاً لا طائل من معرفة المُستقبل أو شيئاً منه فهي أمورٌ غيبيه مقدرة لنا.
إبتسمت الرومية لها وأبهرها ماقالته عذراء من كلام متزن فنظرت لريحانة وعذراء مردفة: باسلة أيتها العذراء ماقلته كان معتاداً منك ..تعلمن منها.
إبتسمت عذراء ببرود ثم قالت ممازحة: لا تُقارنيني بهما أخشى أن يكرهنني.
تبسمت ريحانة لها وضحكت خنساء فقد كُن عكس خولة يُحببن عذراء ومن ثم أردفت خنساء قائلة: يستحيل ذلك أنتِ مدللة معلمتنا وأصغرنا سناً .
إهتزت الطاولة فجأةً فإحتدت نظرات خنساء والرومية ثم تبعثرت تلك الأحجار وسقطت من أعلى الطاولة لتشهق ريحانة فإنحنت لجمعها ولكن خنساء نهتها عن ذلك ثم مدت يدها إلى الأرضية وألقت تعويذة سريعة ولم يحدث شيئاً ليتنهدن جميعهن عدا عذراء التي كانت تقطب حاجبيها متعجبة فهي لم تفهم ماحدث لتقول: مالذي حدث الأن هل أحجار المغفل تؤذي من أمامها عندما يكون ماتقوله صحيحاً ؟.
زفرت خنساء وأردفت: نعم يحدث شيئاً كهذا لكن ليس دائماً,إن أحجار المغفل مسكونة بجان العبث الذين يحبون مضايقة الانس وتخويفهم.
اومأت عذراء لها وهي تشعر بأن هناك مايُخفى عنها ولفطنتها فهمت ذلك سريعاً ..علمت بأنها تأخرت ثم إصطنعت إبتسامتها وقالت: تأخرت كثيراً ...أود تعلم طلسم سفر غداً ..ألقاكن قريباً.
لوحت لها خنساء واومأت الرومية لها فخرجت عذراء من منزل الرومية بعد أن تلثمت بعمامتها السوداء التي تعشقها ,ثم حلت رباط الجارح وامتطته وقبيل عدوِها لحقت بها ريحانة ونادت عليها فإستدارت عذراء بالجارح ونظرت إليها دون أن تتحدث فأردفت ريحانة وهي تلتفت فبدا وكأنها متوجسة قلقة:خولة..إنها تود قتلك إحذريها,منذ أن أهليت علينا وهي لا تكف عن شتمك بالرغم من أنها كانت لا تفعل ذلك في بداية الامر.
تطلعت عذراء إلى الأفق أمامها فأردفت بصرامة بعد أن تنهدت: أعلم ..ولكنني لست بنت شاهين إن لم أقتلها قبل أن تقتلني.
ثم إبتسمت عذراء بسخرية فزفرت ريحانى وقالت: أرجوك خذي حذرك إنها تتصنع الغباء لكنها قوية وقد تعلم أيضاً أنني أخبرتك بشأنها!.
صهل الجارح وهاج فهدأته عذراء ثم قالت: إطمئني إن من تقفين أمامها لم تُصب بخدش واحد في حياتها...
ثم لمست ندبتها أعلى غمازتها وأكملت بشبه إبتسامة: عدا هذه فإنها إستثناء.
ضحكت لها ريحانة ثم لوحت لها وعادت إلى داخل المنزل فإنطلقت عذراء بالجارح عائدة إلى أسوار قبيلتها...واستنشقت عبير رياح هرجاء ورمالها الذهبية إنها صحرائها التي تعشقها ببساتينها وبِركها ونخيلها..
ووصلت إلى أسوار القبيلة فنزلت عن جوادها وبدأت تجره خلفها بهدوء ثم أعادته للاسطبل ورفعت ثوبها فأزالت عمامتها لتضع ثوبها بين أسنانها رأت جارياتها يمشين أمامها فدخلت بينهن وأشارت لهن بالسكوت ففعلن لتأمرتهن بالذهاب نحو خيمتها فإمتثلن لأمرها وعند ولوجها إلى خيمتها أغلقت دفت الباب خلفها فظنت بأنها قد نجحت بالتسلل دون أن يرها أحد ,
ثم ذهبت بين الظلام الدامس كي تنير المشاعل وكادت لتستعمل سحرها ولكن شئٌ بداخلها أبى ذلك فأنصتت له وما أن أنارت المشاعل حتى وجدت أخاها أوس يجلس ماثلاً فوق إحدى المراكئ وهو ينظر إليها عاقداً يداه إلى صدره منتظراً تفسيراً منها كي تخبره أين كانت...
أنت تقرأ
•||عذراء الشيطان||•
Historical Fictionوفي ظلام الليل رأته يبتسم .. لا! كان يزمجر فظهرت أنيابه ثم زأر , إنه غاضب عيناه تقدحان..رباه أتهرب!. لمَ كل هذا الرعب منه .. وقفت بثبات وهي تكاد تخور.. شفتيها ترتجفان لكنها تصر على إظهار ثباتها أمامه .. طرفت بعينها كي تستمجع قواها وقبل أن تفتحه...