ذات مرة في حُلمٍ ما

2.5K 161 92
                                    




الطمع ,الجشع ,الحقد,الطغيان..أربع صفاتٍ إجتمعت بهما..لكن همهاف قد تغلب عليه جشعه..
مُنذ أن خلق وهو يكرهه ..يكره اسمه ويكره يدعج..يكرهها بكل شيوخها..
كل المجد له ..كل ماأراده كان له هو..إبن الجارية ولّاس..
لكنه لن يدعها له..لن تكون له ..تلك الحورية ستكون لهمهاف!..
كان يحلق بالروم..ثم حط حيث كانت ليراها ..
كوخ منتصف الغابة..حيث ترقد أجساد الساحرات اللواتي قتلهن هناك..
سيراها ..ثم سيأخذها ..ليحتفظ بها..
لم يجدها!..بحث وبحث ..لا أثر لها!..
كان يخدش ذلك الباب بمخالبه وهو يزمجر حتى حطمه ثم حطم الكوخ بأكمله...
جثى على ركبتيه ليضحك بجنون..ضحكاته المجنونة ملئت الغابة..
ضاعت ..ضاعت ..ضاعت حورية العرب ..لن تكون له..
سيأخذها إبن الجارية كما أخذ كل شيء من قبلها ..
....

ليلًا في مصر ..
كان يقف بالقرب منها , ومن أخويه...
يراها تداعبهما فسأل نفسه :مالفرق بيني وبينهما!.
تغضن ملمحه ليظهر نفسه امامها ..فهمس قائلًا بعد أن دنى منها:أوار بنت موسى.
تراجعت فزعًا لتسقط كونها لم تراه ..صاحت به قائلة وابنائها يقفون بجانبها:من أنت؟.
تطلع إليها قائلًا بإبتسامة ساخرة :القرد ميمون إبن خثعر..إبنك!.
أتسعت عيناها فشعرت بأنها لن تستطيع التنفس..
أنى له!..أنى له أن يحيا بعدما تركته لأربع أيام دون طعام وشراب ..
تراجعت أوار وهي ترشقه بالرمال قائلة تصيح به: إبتعد ..إذهب عني يا إبن الشيطان !.
إستاء ميمون ليزدرد مابحلقه مبتعدًا عنها ..لم يكن يظن بأنها ستعامله هكذا ..
ثم تبسم بتكلفٍ قائلًا: مابكِ يا أماه ؟,لستُ هنا حتى أقوم بأذيتك..هؤلاء إخوتي أليس كذلك؟.
هزت أوار رأسها تصيح به مجددًا قائلة: لا, لا ليسوا إخوتك و لست أنت إبني لم أنجب شيطانًا لم أنجب مسخًا إبتعد أيها الملعون الهجين .
تغضن ملمحه ...إبتعد ناظرًا إلى أخويه حتى إستدار..لكن شيء ما أوقفه ..شيء ما قد تشبث بأقدامه..
أخفض نظره ليجده أخاه ..تبسم بحنو ليرفعه إليه فيسأله قائلًا:ما إسمك؟.
أجابه عندها الصبي قائلًا: أدعى رعد..وأخي الأصغر هناك يدعى مناف.
كان صبيًا ذو عينان كهرمانيتان وبشرة حنطية.. له شعرٌ مموج ..
قد بلغ من عمره العشرة أعوام..
أنزله ميمون ليركض حيث والدته الغاضبة قائلًا: عد مجددًا سأكون بإنتظارك.
إستبشرميمون بأخاه..فشعر بأن كل مابقلبه من غلٍ قد زال ..
خطى مبتعدًا حتى تبخر عائدًا ..
رأته أوار التي أغمضت عيناها توجسًا منه ومن والده..
تمنت ألا يعود ..تمنت مُجددًا أن يموت هو ووالده ..
لها قلبٌ قاسي لايعمل إلا عليه..
لها قلبٌ أقسى من قلوب الشياطين على أبنائهم..
ثم على سطح السفينة ظهر ..على كتفه وضع عفريته يده..إستدار فأظهر له إبتسامة جانبية ..
دار ميمون بعيناه حول السفينة قائلًا يحادث عفريته: إجلب لي ماتستحقه صفيحة الخشب هذه وأكثر.
...
ظهر بصندوقها ..
فاردًا جناحيه ..
كتفه الأيسر ينزف..
يلهث وصوته متحشرجٌ كأنه يزمجر..
مخمورٌ هو و لم يعالج نفسه..
خطى نحوها حتى دنى منها جاثيًا على ركبتيه..
تطلع إليها ثم لامس ملمحها بظهر كفه ..
أمسك بيدها ..قبل أناملها فوضع رأسه على صدرها ليغمض عيناه..
كان يصارع والده ما أن علم بكونه قد قابلها ..
رآها ..لمَ رأها!..هل فكر بها ؟..أراد لو أمكنه أن يفقأ عيناه لكنه لم يستطع ..
مزق وجنته لكونه قد أخطأ هدفه..مزق والده كتفه في ذات الوقت..
شدها إليه محاوطًا خصرها...عذرائه البهية ..أنى له تركها في سفينة ملئى بالرجال ..
أنى له الإبتعاد عنها ..
أنى له حتى ألا يترك تابعاه معها !..
إستقام الشيطان كي يتبخر فترنح ..جثم فوقها مجددًا ..ضمها إليه .. ضمها بكلتا يديه الغليظتان...أراد أن يأخذها فيخبئها ..
تطلع إلى شفتيها ..أراد أن يقبلها لكنه يعلم بأنها ستستيقظ ..
لن يدع ذئب الشياطين إنسًا أو جنًا يراه بحالته تلك..
مخمور , هائم , واهن...
تبخر راحلًا..
لكنه لم يكتفي منها ..
ولن يفعل..
...
تململت عذراء في نومها لتفتح عيناها..
نهضت ثم قطبت حاجبيها عندما رأت ماحولها ..
لمَ هي ليست بسفينتها!..مالذي أتى بها إلى خيمتها ..
نادت شيطعونة فلم تجبها ..
نادتها مرة تلو الأخرى لكنها لم تجبها..
جارياتها وليلى ولجن إلى خيمتها ..
تحلقن حولها سعيدات..يخبرنها عن زفاف أخاها خبيب..
خفق قلبها وإرتعشت يداها..
إرتابت عذراء كل ذلك ..
ليلى..جارياتها وخبيب!..
تزوج خبيب عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها ..أي قبل سنتان ونصف ..
تطلعت إلى أعينهن علّها ترى مايثبت بأنهن لسن إنسًا..
لكنها لم ترى..
لامست خاتمها فلم تجده ..
تعرقت عذراء لشدة خوفها ..شعرت بالدوار ..
خاتمها , ولّاس , قلادة العقيق الأحمر...
تلقفت خمارها لتركض خارج خيمتها ..دارت حول نفسها تتطلع إلى أفراد قبيلتها..
شعرت بالضيق ..أرادت أن تبكي ..نادته بصوتٍ متحشرج قائلة: ولّاس ..أين أنت؟..أنا تائهة.
لم يظهر فإزداد ضيقها ..قلبها كاد يقتلها ..
نادت العازر ثم إبن عمه علهما يظهران ..
لكن أحدًا لم يظهر..
أكانت حياتها اوهامًا!..
أكان عشقها وهمًا!..
أكان سحرها وشيطانها الأسود حلمًا!..
إنسابت دموعها ..غطت ملمحها بخمارها كي لا يرى أحدهم دموعها ..
تكاد تجن!..أنى لكل هذا أن يكون وهمًا !..
أمسك أحدهم بكتفها فرفعت رأسها حتى تراه ..
كان والدها ..نمر النمور شاهين وبجانبه أجهر يتبسم متطلعًا إليها ..
تبسمت غير مصدقة ..مدت كفها إليه كي تتحسس ملمحه..كان هو ..والدها الحبيب ..
لم يكن سرابًا ..
ربت على رأسها أخاها أجهر ضاحكًا قائلًا : مابكِ؟.
ثم تطلع إلى ماهو خلفها قائلًا: هاهو ذا ..فارس الفرسان خطيبكِ عارف.
إتسعت عيناها فإزدردت مابحلقها لتستدير كي تراه ..
مُتلثمًا يحمل سيفه ..عمامة بيضاء , جلبابٌ ابيض..
عريض المنكبين , فارع الطول , أبيض البشرة .. ذو عينان بنيتان..
تراجعت عذراء بينما كانت تضع يدها على قلبها حتى ركضت عائدة إلى خيمتها...
قهقه الاثنان ظنًا منهما أنها هربت لخجلها منه...
جثت على ركبتيها تجر شعرها ..حادثت نفسها قائلة : هذا حلم !.
ليس كذلك ..
لم تكن لتشعر بالألم إذا كان حلمًا..
جبل صخيبة !..كهف جبل صخيبة..
وقفت لترتدي خمارها ثم عدت خارج خيمتها مجددًا تبحث عن الجارح حتى وجدته...
رأت ليلى تعدو بإتجاهها لتسألها قائلة: إلى أين ياصغيرتي؟.
أجابتها عذراء قائلة: إلى جبل صخيبة ..لا تخبري أحدًا سأعود سريعًا.
قطبت ليلى حاجبيها فظهرت الحيرة جليًا على ملمحها قائلة : لاوجود لجبلٍ إسمه صخيبه ياعذراء..هل هذه إحدى ألاعيبكِ أيتها المشاكسة؟..ستبقين هنا لن تخرجي الليلة .
قالتها فقهقهت ..
لم ترَ دموع عذراء وشهقاتها ..لم ترى كيف كانت تضع يدها بجانب فؤداها الذي اختنق..
كانت سعيدة لكون والدها وأخاها على قيد الحياة ..
لكنها لم تكن تكن كذلك مع ولّاس..
لايمكن أن يكون وهمًا ..
لا يمكن لشيطانها الأسود أن يكون وهمًا ..ولا يمكن أن تكون هي خطيبة ذلك الفارس..
علمت بأن ماهي به الأن غير حقيقي..لكنها لا تعرف كيف تخرج منه..
صاحت قائلة بعلو صوتها المتحشرج مرددة: ولّاس !.
صدى صوتها ملئ أسوار القبيلة ليتطلعو جميعهم نحوها حتى تحولوا إلى كثبانٍ رملية ..
دارت بعيناها حولهم تقرأ تعاويذها ..
أحدهم لم يفعل !..أحدهم لم يتحول..
كان يقف بعيدًا.. أبيضٌ كاللبن.. ذلك هو الفارس عارف الذي ما أن طرفت بعيناها حتى ظهر أمامها...
رأى إرتعاشها فمد كفه إليها لكنها تراجعت تسأله : من أنت؟.
لم يجبها فتبسم متبخرًا...
عندها استيقظت عذراء والعرق يملئ جبينها ..ازدردت مابحلقها الذي قد جف ..
نهضت تتلمس خاتمه لتطمئن ..
كانت ترتدي قلادة العقيق الأحمر ...
نادت شيطعونة التي ظهرت أمامها من فورها ..ضحكت عذراء محتضنة إياها ..
لم تكن وهمًا!..
إحتضنتها شيطعونة تضحك متسائلة: مابكِ؟.
إبتعدت تخطو نحو نافذة صندوقها ..تطلعت إلى شروق الشمس متنهدة قائلة: حلمٌ حيث كنتم فيه جميعًا أحلام..انا على أرض قبيلتي.. لا وجود للسفينة ولا لكِ , لاوجود لخاتمه ولا لتابعاه,لاوجود لجبل صخيبة ولا له..كنت خائفة ..كيف لايكون له وجود !..لكن أجمل مافي هذا كله أن أخي ووالدي كانا أحياء..كنتُ خطيبة فارس شديد البياض حتى حسبته مشعًا..قرأت تعاويذي لكنها لم تفلح كعادتها ثم رددت إسمه هو فتبخر كل شيء .
شرد ذهن عذراء ...ذلك الفارس عارف ..كان جنًا..هي أكيدةٌ من ذلك..من يكون! ..أنى له أن يعلم بكل ماكان لها ..
كيف لم تشعر به إن كان جنًا ..أتُراه كان أحد أولئك!...
تلمست خاتمها..أما آن لها أن تستدعيه ؟..
هزت رأسها ..لا لن تفعل ..
رباه كيف تفعل!..ستطرح بكبريائها أرضًا..
تراقبها شيطعونة... تبسمت ببلاهة لتضع قدميها على الأرض ..رأت بأن عيناها كانتا تلمعان عندما تتحدث عنه..
بأنها لم تكن تتقبل كونه وهمًا..
رأت شيطعونة بأن عذراء تهيم فيمن كانت تظنه جلادها ...
أرادت أن تسألها قائلة: أنتِ تحبينه أليس كذلك؟.
لكن قبل أن يخرج صوتها ..خطت عذراء خارج صندوقها بعد أن تلقفت خمارها لتتلثم به قائلة تسألها: أليس بإمكانك رؤية ماتبقى من طريقنا إلى حضرموت؟.
هزت شيطعونة رأسها تجيبها قائلة:لا.. لكن الأكيد أننا نقترب.
قطبت عذراء حاجبيها ما أن شعرت بأن أحدهم يقترب ..لم يكن إنسًا..
تراجعت تضع يدها على سيفها تترقب..
رفعت رأسها تتطلع إلى السماء بعد أن سمعت صوت نعيق فرأت غرابًا يُحلق فوق السفينة لتتوسع عيناها..
ماهي إلا ثوينات حتى هبط أمامها ..
كان ذلك هو العازر إبن معزار الغراب الأسود تابع ولّاس ويده اليمنى...
إنحنى أمامها يُقدم إحترامه لها..
تبعه إبن عمه أمير الجنة الثعبان الأبيض قائد الثمان والثلاثون كتيبة جيش ..
تابع ولّاس الخاضع.. تابعه منذ أن وُلد..
إنحنى أمام عذراء ثم قال بإبتسامة ساخرة يُحادث العازر: مافائدة تحليقك حول السفينة أيها الغراب ؟.
رفع العازر حاجبًا دون الأخر ليجيبه: أوامر الشيخ أيها الأهوج!.
سكت أمير الجنة ثم أنكس رأسه ..
حلقت شيطعونة حتى دارت حولهما قائلة تقهقه: عليكما أن تبجلاني أيضًا.
زمجر أمير الجنة قائلًا: خسئتِ أيتها المنفية!.
قهقهت ثم صفقت بيديها ..سعيدة لكونها تعلم بأن هذا ماتريده عذراء..
تقدمت عذراء حتى تخطتهم قائلة تسألهم ببرود: أين كنتما ؟.
اجابها العازر قائلًا: كنا برفقة أمورٍ استوجبت حضورنا.
ازدردت مابحلقها ..أحاطت يدها بقلادة العقيق الأحمر التي أخفتها أسفل خمارها..
استيقظ الربان مُحدثين ضجيجًا فأشار العازر لأمير الجنة الذي أومأ برأسه ليظهرا بهيئتهما..الفارسان سالمٌ وجرير ..
رحبوا بهم ما أن رأوهم ..
لم يتعجبوا وجودهم على حين غرة كونهم قد علموا بأنها سفينة يملئها السحرة ..
ظهر ميمون يمشي الهوينى خلفه تابعه الحارق ...حدق ميمون بهما فحدقا به ..
تبسم ساخرًا ..أنى للصدفة أن تكون كذلك حتى يكون هو حول أتباع أخاه طيلة ذلك الوقت..
حدجا الحارق بعيناهما ولأول مرة يفعلانها فلطالما تجاهلاه كونه عفريت..
اضطرب ظنًا منه بأنهما قد علما أنه الدخيل لكنه ادعى الطمأنينة ..
فلن ينقض شيخ يدعج الأكبر كلمته التي أعطاها إياه!...
تطلعت شيطعونة إلى ميمون مقطبة حاجبيها..
هناك ماهو مختلفٌ به!..عيناه مظلمتان ..
ميمون..لم يكن ميمونًا!..
عادت عذراء إلى صندوقها..إستدارت شيطعونة المرتابة تتطلع إليها ..
خلعت خمارها لتقعد أمام نافذتها ..تنهدت..
إتكأت على يدها تتطلع للأفق ...
كانت سعيدة بعودتهما ..وجودهما يعني قرب شيخهما..
لامست خاتمها ..سألت نفسها قائلة: هل ما أفعله خاطئًا؟.
وضعت كفيها بجانب قلبها..
دمعت عيناها...
هي تتألم لبُعده...يؤلمها فؤادها لبُعده عنها!..
رفعت عذراء عيناها اللتان كانتا تلمعان حيث السماء ثم همست قائلة : والدتي رملة بنت الحارث..أرشديني أرجوكِ..ماظننتُ أني سأحبُه..أنا أخشى حتى قول هذا!..
ذرفت دموعها لتكمل:ماظننت حتى أن بعده سيحرق قلبي..كنتُ لا أطيقه فأنى لي عشقه!..أنا حتى كدت أُجن عندما ظننته وهمًا ..أنى لي عشق شيطان ماجن عربيد لا يملك قلبًا ..جنيتُ على نفسي يا أُماه ..جنت إبنتكِ على نفسها.
سيبقى سرها وحدها..
لا أحد سيعلم .. لا أحد!..
لماذا لا يظهر لها !..لماذا كان ياتيها عندما كانت تكرهه والأن قد ابتعد!..
أتُراه يعلم !..أتُراه يقرأها ويعلم فيما هي تفكر!...
طأطأت راسها حياءً حالما فكرت بهذا..فيالخزيها إن صح ذلك...


حسنًا .. أعلم بأنني قد تأخرت لما يقارب التسعة أشهر وهذه حقًا مدة طويلة جدًا جدًا جدًا لكن بالطبع هناك أعذار جما أولها هي أن حاسوبي قد تعطل لذلك أعدت كتابة الفصل بعد أن كنت قد شارفت على إنهائه ثانيها أن الجامعة تسحب طاقتي ووقتي كله حقًا ثالثها هي أنني أسفة ... أحبكم كثيرًا جدًا وشكرًا لكن يا آنساتي على إطمئنانكن علي ..

هذا فصلٌ قصير كوني لم أنهه ولما أصل حيث توقفت قبل أن يتعطل حاسوبي لكنني قلت لنفسي لمَ لا أنشره ثم أكمل الباقي !

•||عذراء الشيطان||•حيث تعيش القصص. اكتشف الآن