تطلعت إلى نفسها في المرآة فخللت اصابعها بين شعرها..خصلةٌ بيضاء,ندبة..
مالذي ستحظى به منه ومن عالمه كذلك!..
فخذها الأيمن مضمد ,ساقها اليسرى تعرج بها..تبسمت عذراء متكدرة لحالها ..
هي الأن تعرج مثله وهذا مالم تحبه..ستسأله عن ماهيتهم ماأن يظهر أمامها..
كانت قد نامت يومًا كاملًا فإستقيظت لتجد نفسها مضمدة ..
وبجانبها قنينة دواء زجاجية سوداء علمت بأنها منه للونها..
تطلعت شيطعونة لعينا عذراء التي قد كساها الأسى,والإستياء..
أنى لبنت شاهين أن تتخبط بها الشياطين هكذا!..رأتها تزمجر غاضبة قائلة :قسمًا لم أكن لأهنئ يومًا قبل رؤيتي لرؤوسهم تفصل عن أجسادهم.
رأته عذراء يقتلهم .. يثأر لها , يحميها.. وأكثر ما آلمها أنها كانت بحاجته!..
لم يعلم أحدهم بتلك المجزرة التي حدثت بحجرتها..
لكن الساحران قد علما بوجود ذئب الشياطين ولّاس إبن خثعر الذي ترتعد فرائص السحرة والجان لمجرد ذكر إسمه..
وقف حينها شمعون مرتعبًا قائلًا بجزع وهو يحادث ميمون::كيف!..كيف تكون تلك هي عاتقة الأسير ..كيف إستضافها شمهمارش لديه على الرغم من كونه يعلم بأنها ستعلنه؟.
أجابه ميمون قائلًا :ذلك لأنه خشي لعنة ذئب الشياطين ففي الحالتان الاشمط سيلعن..ثم اهدأ فأنا لم أره يظهر لها يومًا كتابعاه.
توسعت عيناه تعجبًا قائلًا:إياك!..الشيطانان اللذان يرافقنها تابعاه؟.
اومأ له ميمون وهو يرفع حاجبًا دون الأخر قائلًا:نعم نعم وأرجو ألا تتوجس خيفة منها فتخبرني بأن نتركها وبأنها خطرٌ محدق ..شمعون أنا أخبرك بأنني لن أتركها لذا إخرس فقط.
قطب حاجباه وضيق عيناه..لن يترك رفيقه وأخاه ميمون !..
هما ساحران لكنهما لن ينجيا من شرٍ كشر ذئب الشياطين ...
تنهد شمعون فلطالما كان القرد عنيدًا ..سيبقى لكنه سيكون متيقظًا لن يقترب منها ولن يحادثها,لن يتطلع لها ..أجل سيفعل ولن يتطلع إلى عيناها فتلعنه كما لعنت ميمون ..
...
يحمل أوس همًا لايقدر عليه .. أخته العزيزة التي فُقدت لا أثر لها ,زفافه قد تأجل منذ موت والده وزاد عليه فقدان عذراء..
يعلم بأنها بخير لكنه لن يطمئن أبدًا مادامت بعيدة عن مرآى أعينهم..
حتى زوجة عمه التي ساء حالها بعد موت إبنها في المعركة تأتي إلى خيمتهم كل يوم فتصيح بهم قائلة :أختكم تلك أرجوا بألا تجدوها سوا ميتة !.
مات إبن عمها يونس أبين ولم تعلم عذراء بشأنه..مات لأجلها ,مات كي يثبت لها بأنه رجل له كل الأمجاد..
بنيامين الرجل الذي كانت تسألهم عنه قد علم من هو..شيء يفوقهم قوة ..كيانٌ هو سبب ماحدث لها قبل تسعة أعوام مضت..
ولم يكن الفارس بنيامين إنسًا!..كيف لم يعلم وهو يرى حجمه ذاك..
حتى حصانه كان يخالف أحصنتهم حجمًا ولونًا.. حصانٌ قاتمٌ أسود عيناه حمراوتان متوهجتان..
ياللحمل الذي كانت عزيزتهم تجاهده..في حين كان الدخيل يراقبها ..
ركل ماهو أمامه غاضبًا لعجزه عن حماية أخته العزيزة..
ليس بإمكانه إخبار أحد إخوته عنه فلن يصدقوه بل وقد يظنونها هرطقة ..
تعب أوس من ملاحقته لتلك الساحرة الرومية التي لافائدة ترجى منها فلم يرى أيًا مما يدل على كونها تعلم بمكان عذراء..
تزيده همًا ليلى التي باتت تنام بخيمة عذراء قائلة:قد تعود ذات يوم وتكون بحاجتي فلا تجدني.
هِماد!..هِماد يرعبه وهو يتوعدها..بالأمس قد تعارك هو وإخوته معه عندما أخبرهم بأنه ما أن يجدها سيقتلها ردعًا للفضيحة..
حينها صاح به أوس قائلًا: أي فضيحة ووالدي هو من ترعرعت بكنفه كيف تظن بأنها ستفعل مايجلب لنا العار أجننت ياهِماد!.
سيقتله قبل أن يفعل ويجعلهم يفقدون عزيزة نمر..
واأسفاه ..أبناء شاهين قد بدأو بالتفرق..
...
لكزتها خنساء قائلة: معلمتي ..فيما أنتِ شاردة؟.
شبح إبتسامة قد ظهر على ملمح الرومية قائلة: بالأمس ترجلت عذراء من السفينة ..ولستُ أدري بأي أرضٍ هي الأن.
آهٍ منكِ ياعذراء!..تشقين كل من حولك بشقاوتك..
تكتفت خنساء قائلة : أهذا مايضنيك؟ ..معلمتي هل نسيتِ بأن العثور عليها الأن يسيرًا أكثر من السابق!..بالطبع اذا لم يتلاعب بها الأسير .
اومأت لها الرومية قائلة ولم يخفى عليها ذلك: هو بالفعل قد تلاعب بها.
عبست خنساء ثم ودت لو أمكنها قتله ..وكم من أقوام أرادو قتل ذئب الشياطين..
تطلعت إلى المنزل ..لم يعد كما كان ولن يعود ..
تسائلت قائلة :ترى مالذي ستفعله عذراء إذا ماعلمت بشأن هذا؟ .
..
أنى لها أن تستدعيه كأن شيئًا لم يكن..
ستموت حياءًا إذ رأته ..ليس خجلًا فلمَ تخجل منه وهو يثير حنقها وإشمئزازها!..
ستتخلص منه يومًا,تطرد تابعاه ثم ستحرر شيطعونة ..
ستعود إلى أرضها الحبيبة ..لكن!..مالذي ستقوله لإخوتها لدى عودتها؟..
إخوتي أنا ذهبت لآخذ بثأرنا!..
هم قد يظنونها خُطفت..إن لم يكن من أعدائهم فلربما كان أحد شيوخ القبائل الذين تردهم هي!..
همست عذراء قائلة بملمح متجهم:ليتكم تعلمون أنني هنا أسيرة الأسير!.
لفح رقبتها هامسًا لها وقد بدا لها همسه كفحيح أفعى:وستظلين أسيرته حتى موته.
أغمضت عيناها فجزت على أسنانها..أنى له أن يسمعها فيظهر لها..
حتى موته؟.. أعنى بها إلى أبد الابدين !.
حادثها كمل يفعل عندما يكون ثملًا..
بحيائها الذي فُطرت عليه كمكمت شعرها ليغطي شفتيها ثم إفتتحت عيناها التي أراد أن يقبلها..
لم تكن تراه في المرآة أمامها ..عقدت عذراء حاجبيها قائلة بخفوت:أنت وهم.
تبسم ولّاس ساخرًا لما قالته فأدارها إليه ممسكًا ذفنها بمخالبه السوداء قائلًا:هل من وهمٍ يلثم شفتاك ويتوغل ببحر عيناك؟.
تجهمت فزمجرت أيجرؤ ويغازلها أيضًا!..
رفعت راسها تنظر إليه قائلة وهي تبعده عنها: أنت تتمادى وأنا قد ضقت ذرعًا لا حاجة لي بك ولا حاجة لك بي خذ خاتمك وتابعاك فارحل عني!.
تحسس شفتيها بإبهامه ثم بمخلبه فخدشها لتنزف شفتيها ..إستفزته كما تفعل دائمًا..
نفضت يده فصرخت عذراء بجنون:إغرب عن وجهي!.
تكرهه , تمقته , تبغضه وتشمئز منه..
تمقته كما لو كان عبدًا..
تضنيه وتشقيه ,تهلكه وتعميه!..
مشاغبة لا تعرف كيف تحادثه..
فيما أذاها هو !..
أراد أن يعود به الزمان إلى ماقبل عامين فيعيش طيلة لياليه بين جارياته دون أن يشغل نفسها بها فتهلكه ..
فذة ياعذراء أنتِ..
فذة للحد الذي جعله يبتعد عن جارياته يومان ..
مُلكهُ ياعذراء أنتِ..
ملكه للحد الذي جعل قبائل الشياطين كلها تلقبك بعاتقة الأسير ..فإرتبطتِ بإسمه!..
دنى منها واهنًا فعادت إلى الخلف متوجسة ,حذِرة..
لاتثق به!..لاتثق به!..
لمَ يضنيه كل هذا منها!..لمَ يحس بما لم يحس به قبلًا..
غدر إخوته , موت حقيال , أسره , جلده..كل مامر عليه ليس كالذي تفعله هي به..
تبخر بعد أن إستقام فغرز مخالبه بكفه لينزف ..
تبخر ودمائه تلطخ سجاد حجرتها , يخبر كل شيطان سيمر بأن هذا المكان ملكية ولّاس إبن خثعر..
ياللإهانة التي شعر بها ..ذلٌ وإهانة..هو شيخ الشياطين وذئبهم تهلكه إنسية!..
أيقتلها فيسترد حقه المأخوذ!..
تنهدت ثم سرعان مابكت ..
رأت وهنه..أتراه نادمٌ على فعلته أم أن هناك أمرٌ أخر!..
كفكفت دمعها فاستدعت أمير الجنة الذي ظهر أمامها يحدجها بنظره لتسأله قائلة:هل ياترى عثر شيخك على أعدائه؟.
أجابها سريعًا قائلًا: ماشأنكِ؟.
ثم تبخر سريعًا كإجابته...توسعت عيناها ..أتجاهلها تابعه للتو!..
لكمت الحائط أمامها ..تظاهرت بعدم الاهتمام فأخذت سيفها وإرتدت خمارها لتتلثم به ..
أغلقت حجرتها ..إستلت السلالم ثم زفرت ..
خاوٍ هذا المكان..ولافوانيس تضيء الطريق أمامها بعد أن خرجت ..
نادت شيطعونة التي ظهرت بجانبها من فورها قائلة بإبتسامتها البلهاء:هل علمتِ بأنني كنتُ ألاحقك؟.
أومأت لها عذراء التي سكن طرفها ..شتاتٌ , شتاتٌ , شتات..
لاتدري في أي وقت ستكون خالية البال مرتاحة الفؤاد ..
سمعت شيطعونة تحادثها قائلة:إنظري هناك.
أشارت إلى ماهو يسارها ..ظلامٌ دامس لكنها رأت نارًا موقدة وحولها من يدور ..
إنس؟..يرتدون السواد كالغربان ولولا ضوء النار لما إستطاعت رؤيتهم..
قطبت حاجبيها..مالذي يفعلونه بتحلقهم حول النار في بستان كهذا..
لم يكن بستانًا بل غابة , لكن عذراء قد إعتادت على أن كل مكان يكسوه اللون الأخضر هو بستان ..
اجل ..الأن علمت..تلك طقوس شيطانيه وياترى من يحاولون إستدعاءه!..
أحكمت بيدها على خمارها الأسود ثم توارت خلف شجرة وهي تتلو تعاويذها حتى لا يصيبها ماقد يصيبهم من أذى إن فشلوا..
تطلعت إليهم ..بعيدون لكنهم واضحون..همست لشيطعونة قائلة:إذهبي إليهم لتعلمي من يحاولون إستدعائه.
اومأت لها شيطعونة قبل أن تتبخر فتظهر بأعلى السماء محلقة تسترق السمع..
لم تكن عذراء فضولية يومًا ..لكنها الأن وبكل جوارحها تود معرفة الشيطان الذي يودون إستدعائه..
سحرة الروم..هل هم كمثل معلمتها الرومية !..
شيطعونة تأخرت..أأصابها أذى ,ربما قتلوها؟..
ستناديها فإن لم تظهر ستحرقهم جميعًا..
ظهرت شيطعونة تصفق أمامها لتتنهد عذراء التي تطلعت إليها تنتظر إجابتها عندها قالت:أربع روميات ساحرات بالرغم من قلة سحرة الروم ..يرددن إسم شيطانٍ يدعى همهاف.
ضيقت عيناها ..لم يكن بالإسم الغريب..أين سمعته؟..أين, أين.!.
أسيظهر لهم؟..هم يدورون حول النار ويرددون إسمه فقط..
أيًا كان ذلك الشيطان فلابد من كونه ضعيفًا هزيلًا أبلهًا كي تكون طقوسه هكذا..
لن يظهر..لن يظهر ورائحة دماء ذئب الشياطين تلوح في الأفق..
إستدارت عذراء لتعود لكنها تذكرت الجارح فرّقت عيناها شوقًا لتركض إليه ..رأته ..
جوادها الحبيب أمامها يقف شامخًا ..تطلع إليها فبدأ يصهل ويركل فرحًا برؤيتها لكن عيناه كانت تعاتبها لإهمالها إياه ..
ربتت على رأسه ثم كشفت عن ملمحها لتقبله تهمس بإذنه قائلة: أسفة..سامحني لن أهملك مجددًا.
...
مُباعدًا لركبتيه يجلس..عاري الصدر كعادته ولا جارية بقربه..شرابه بيده اليمنى يتجرع الكأس تلو الأخر ..خيمته فارغة من سواه..
يحرك مخالبه ببطئ على أطراف مقعده..
همهم بصوته الغليظ الأجش متوعدًا : همهاف.
تبسم بتشفيي فثأره لنفسه ليس ببعيد..
كتيبة جيش كاملة من شياطينه قد إنتشرت في الأرض لتبحث عنهم ..
الويل لعرافج ومدلج ..الويل لهم..
سيقتل همهاف , يبيد القبيلتان ثم يقتلها ويتخلص منها ..
أنت تقرأ
•||عذراء الشيطان||•
Historyczneوفي ظلام الليل رأته يبتسم .. لا! كان يزمجر فظهرت أنيابه ثم زأر , إنه غاضب عيناه تقدحان..رباه أتهرب!. لمَ كل هذا الرعب منه .. وقفت بثبات وهي تكاد تخور.. شفتيها ترتجفان لكنها تصر على إظهار ثباتها أمامه .. طرفت بعينها كي تستمجع قواها وقبل أن تفتحه...