انني على حافّة الانهيار دائمًا
أنتظر الفناء... لا أُحرّك ساكِنًا
أدركتُ أنَّ ما كُنت أحاول التشبّث بهِ طوَال هذا الوقت ما هوَ إلا قطعةٌ بالية من القش سرقتها الرياح من يدي.-
-السابعة صباحًا-
انقشَع ظلامُ الليل الدّامس لتتجلّى خيوط الشمس الذهبية ناشرةً شُعاعها الوضّاء، بينمَا تُشرق طوكيو معهَا كُلَّ يوم، بئرُ قلبهِ العميق يزداد عُتمة.
نهَض مُتضايقًا حالَ انعكاس الضوء على أهدابهِ الطويلة، فرك عينيه وسَار بتثاقل نحوَ المرآة، أخذ يُحدّق في تقاسيم وجههِ الذابل، عيناهُ تورّمتا إثر بُكاءه المتواصل البارِحة، والكدمة على خدّهِ إثرَ إصابتهِ التي لم تُشفى بعد.
رش المَاء البارد على وجهه مُتجاهِلًا تعبه، ارتدى ثيابه وحمل حقيبتهُ خلف ظهره، وبينمَا ينزل من السلالم تسلّل إلى أُذنهِ صوتٌ من غُرفة المعيشة، توقّف لحظةً .. ضاقت قزحيّتهُ وبدَى كأنهُ يُحاول تخمين مصدر هذا الصوت.
أكمَل مسيرهُ مرورًا بغُرفة المعيشة، وكان الأمرُ مثلما توقّع.
الصوت صادرٌ من التلفاز، الأضواء مُضاءةٌ مُنذ ليلةِ البارِحة، وزُجاجات الساكيّ مفتوحة بجوارِ الأريكة، وهوَ كالجثّة الهامدة نائمٌ عليها.
حملق بهِ بحنق لِبضع ثوانٍ، ثم مضى في طريقه غيرَ آبهٍ لأمرهِ، أو هذا ما كان يُحاول فعله، مضَت فترة لا بأسَ بِها مُنذ أن صَار يعيشُ وحيدًا في هذا المنزل، كادَ أن يعتاد على الأمر، لذلك من الصّعب عليهِ تقبّل فكرة أن هذا الرجل سيعود ليعيش معه.
طوال طريقهِ إلى المدرسة كان شاردُ الذِهن، تُعرض حلقَاتٌ مُكرّرة داخل مسرحِ عقلهِ الخاوي، أطلَق تنهيدةً عميقة مُحمّلة بِما بداخلهِ من أوجاع.
-
صوت وقعِ خطواتها المُتسَارِعة يتردّد في الرِّواق، تنعكسُ أشعّةُ الشمسِ على خُصلاتها الكستنائية لِتمنحهُ بريقًا ساحِرًا، فورَ اقترابِها من الفصل تضع يدَيها حول شفتيها لتصرخ باسمه غير آبهةٍ بِمَن حولها "شيــن" مُطيلةً نطقَ الياء.