أسأتمكّن يومًا مّا! من رؤية النُّور؟.أسيقشعُ الظلامُ خيوطهُ الحالكة التي تُحاوِطُ قلبي؟.
تجتاحُني رغبة عارِمة في أن أصرُخَ بِكامل قِواي حتّى تتقطّع أوتاري!
أصرخ قائلةً
أنني... لا زِلتُ على قيد الحيَاة
لا زِلتُ أتنفّس
أعيش
رُغمَ أنني قد متُّ ذاتَ مرة، أنا فقط أُحاول أن أكون على ما يُرام
أحاول استغلال الفُرصة التي حصلتُ عليها للبقاء على قيد للحياة حتّى آخر رمَق
ولكن!...
ألا بأس لي بِهذا؟.
ألا بأس لي في أن أُحاوَل النجاة بِشتّى الطرق؟.
ألا بأس لي بالعيش؟.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.في طريقهِ إلى المدرسة يسيرُ بتلكّؤٍ وتثاقل، قد أُنهك عقلهُ من فرطِ التفكير، وعيناهُ مُجهدتان قد حاوطتها ظِلالٌ سوداء، كان ينوي التغيّبَ عن الحضورِ اليوم بيدَ أن هُنَاك من أرغمهُ على المجيئ، تحجّجت بكونهِ رئيسًا للفصل وتغيّبهُ سيؤثّر على مكانتهِ، هيَ في الحقيقةِ أرادت قضَاء فترةِ الصبَاح بِمُفردها في المنزل، رُبمَا لتحتسي الكحول بأريحية!.
وفي الجانِب المُقابل يمشي القصير، يعدّ الخطوات واحِدة تليها الأُخرى، مشغول البال بذاك الحُلم الذي يأبى مُفارقة عقله، يعبثُ بأصابعهِ بتركيز ويُفكّر فيمَا إنْ كان سيتحدّث عن هذا، أو يدفن الأمرَ في جوفهِ .. كمَا اعتَاد أن يفعل.
بِحُجّة أنّهُ لا يُريد التسبّب في المتاعب، أو الإثقال عليهِم بمشاكله، فوجودهم حاليًا إلى جِوارهِ أكثر من كافٍ بالنسبة له.
هوَ باتَ يعرف أنّ هُنَاك من يهتمّ لأمره، لكنّ شعورَ العجزِ والضعف لا يفتأ مُفارقته.
مُغمِضًا عينيهِ، مُتّخذًا قرارهُ أخيرًا، قرارٌ بِحاجة للتحلّي بِبعضِ الشجاعة.
بينمَا يسيرُ خلفهُ بِبضعة أمتارٍ لمَح ظِلّهُ الطويلَ يتمايلُ على الأرضِ أمامه، أخذَ يُراقبهُ كمَا اعتَاد أن يفعل دومًا عِندمَا يسيران معًا في كُلِّ مكان، يُعجّل بِخطواتهِ وراءه ويُلاحق رأسَ ظِلّهِ على الأرض، أشبهُ بِقطة تُلاحق كُرَةَ صوف.