-أتذكّر-
في ذلك النّهارِ البارد، كانت الثُلوج قد غطَّت الساحات، الشوارع، السيّارات، وأسقُفَ المنازل.
انني أسيرُ برفقةِ أحدهم، أشعُر بيدٍ دافئة تُحاوط كفّي اليُسرى، رفعتُ رأسي لأرى! اه .. هذا والديّ!، حدّقت بيدهِ مطوّلًا، إنّهُ يملك يدًا عملاقةً بِحقّ! أكانت يداهُ بهذه الضخامة دائمًا؟.
توقفنَا فجأةً أمام بوابةٍ ضخمة، رفعتُ رأسي لتأمل هذا الارتفاع الشاهق، إنهُ قصرٌ جميل، كمَا في الحكايات!
"يوجي، أتودّينَ أن نعيشَ في قصرٍ كهذا عندما تكبرين؟" نبَس والدي بينمَا يتأمّل معي التفاصيل المنحوتة على الجدران.
همهمت بتفكير .. وجُلتُ بنظري إليه، عيناه!! كانت نجوم عيناه برّاقة ولامعة، لم يسبق لي وأن رأيتُه هكذا من قبل.
فُتِحت لنَا البوابة ودخلتُ مع والدي .. سِرنَا مرورًا بالحديقة الفاتِنة، العُشب الأخضر يُغطّي مساحة شاسِعة، ونوافير صغيرة من حولنَا، يتوسّطُها حوضُ كبيرٌ قد ارتدَى ثوبًا ملونًا بأزهارِ الياسمين، التوليب، الكاميليا، وتبَّاع الشمس.
"وااه" نطَقتُ بانبِهار! أتأمّل المنظر الأخّاذ من حولي.
حينهَا ابتسمَ والدي، وقال مُبدّدًا شعور الحماس الذي شعرتُ بِهِ قبل لحظات "أتعرفين أنَّ هذا القصر ملكٌ للسيّد أوتشيدا؟".
أبرمتُ حاجِبايَ بانزعاجٍ وخوفٍ طفيف، لم أكُن على درايةٍ أنّنَا سنذهب إليهم!
"أبي..." قُمت بسحبِ يدهِ لإيقافهِ وأردفت بنبرةٍ باكية "أنا لا أرغب في الذهاب، لا أريد مقابلة ذلك الفتى".
ردّ مُحملِقًا بي بانزعاجٍ "هاه؟ مالذي تتفوّهينَ بهِ فجأةً!".
نظرتُ لموطئ أقدامي وتشوّشت رؤيتي بسبب تجمّع الدموع في محاجري وقُلت بارتعاش "ذلك الفتى مُخيف، لا أريد البقاء برفقته...." وجمتُ عن إكمال حديثي برهبةٍ عندما شدّ بقبضتهِ على يدي النحيلة، متبسّمًا في وجهِ السيّد أوتشيدا الذي قَدِمَ لتوّه.
"اوه! أهلًا بكَ سيّد ماتسودا، تسُرّني رؤيتك!" تحدّث الرجُل تزامنًا مع مصافحتهِ لوالدي، ردّ بينمَا يبادله التحيّة "مرحبًا بكَ سيّد أوتشيدا".
دنَا السيّد أوتشيدا إليّ وعبث بشعري الذي قد تعبتُ بتسريحهِ سابِقًا وقال مُبتسمًا "يالها من فتاةٍ لطيفة، لقد أحبَّك ليو كثيرًا، لهذا طلبتُ من والدكِ اصطحابك معه اليُوم، لتتمكّنَا من اللعب معًا".
صككتُ على أسناني بحنق، أكرهُ هذا المكان .. أكرهُ ذلك الفتى .. أكرهُ هذا الرجُل البغيض .. وأكرهُ والدي.
