قلبٌ مُندثر|١١|.

818 125 21
                                    


لطَالما وعيت
صوت احتكاكِ خطواتي المُثقلة على الأرض
أحفِرُ آثارًا على الطريق
وكأنّني أريد إيصَال رِسالةٍ إلى أحدهم

"أنني يا صَاح
قد مررتُ من هُنَا
فهل يا تُرى كُنتَ قادِرًا على استشعار آثاري؟"


-


أقِفُ قُربَ شجرةِ الصنوبرِ العملاقة، بانتظارِكَ حتّى تنتهي من التخطيط، بجِذعٍ نحيلٍ تَرسم على التُربة، تُخطّط لِترتيبنَا في لُعبةِ الغُمّيضة اليُوم.

وكذلك البقيّة، المُزعج هيدي، بالطحالب السوداء المُجعّدة على رأسهِ، لطَالما رأيتُها هكذا، تُشبهُ كُومة من الوحل.

والآخرُ الذي كُنتُ قد نسيتُ اسمه تمامًا، رُبما لأنّ لا أحَد يُناديهِ به، فدائمًا ما كُنتَ تنعتهُ بالأخرقِ البدين حتّى أصبَح الجميع يُناديهِ هكذا.

وأخيرًا... ساكُرا، الفتاةُ التي انتقلت حديثًا إلى مدرستنا، دعَاها هيدي إلى اللّعب معنَا اليُوم، لابُدّ أنهُ أرَاد العبَث مع شخصٍ جديد لا أكثر، لا أدري لمَ وافقت على المجيئ، رُبمَا لأنَّها أرادت الانخراط مع بقيّة الطُلاب بسرعة كي لا تُصبح منبوذة.

وبِصراحة!... كُنتُ أفضّل أن أكون منبوذة على أن أُحاط بِعددٍ غفيرٍ من الوحوش، ستكون الوِحدة مُلازمةً لي في كِلتَا الحالتين، بيدَ أنني في الأولى سأكون رفيقةً لها.

تجتاحُني الرغبةُ في التقيّؤ
كُلَّما رأيتك .. أنت وأولئك المجانين معك
لستُ أدري لمَ يتبعونك من الأساس!

أكُنت تُهدّدهم بشيءٍ ما
أم أنهم مِجرّد حفنة من الحمقى .. يرونك شيئًا مُذهِلًا!


-

يسيرُ في الرواقِ بِشرود عائِدًا إلى الفصل، يخوضُ جِدالًا حادًّا مع سيّد أفكارِه، عقله الذي يستمتعُ بِتضييقِ الخِناق عليهِ، كُلَّما سرح بِخيالهِ بعيدًا أحضَر لهُ ذِكرى عقيمة على طبقٍ من ذهب.

"يوجي!"

سكنت خطواتهُ رافِعًا ناظِريهِ إليها.

"أيُمكنك القدوم لِلحظة؟" قالت بابتسامةٍ شوّبها العبوس، بطريقةٍ سيئة عَجِزَ عن تفسيرها، ليتبعها مُرتابًا بِذهنٍ قد أعلن حالةَ تنافِرٌ في جُزيئاتهِ ليكون متأهّبًا لِمواجهةِ شيءٍ مجهول.

"يُمكنك الجلوس هُنَا" وأشارت لهُ على الكُرسي مُقابل مكتبها، جلَس على طرفهِ ويداهُ استقرّتا على رُكبتيه، في حين زفّرَت هيَ بِضراوة وتصَادمت فيروزيّتيها مع خاصّتهِ الباهِتة.

الصّحوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن