خرجت من المقهى وسارت على قارِعة الطريق، أبخِرةُ الغضبِ تتصاعد من رأسها كما المِدخنة، مُطبقةً على أسنانها وتضغط على فكّها متمتمةً بِغيظ "سُحقًا لذلك الرجل!، لو لم يكُن وليّ أمر يوجي للكمتهُ بِحقيبتي على وجهه".أحسَّت باهتِزازِ الهاتف داخل حقيبتها وتوقّفت لوهلة .. "نعم يا أمي!".
"بيلا! أينَ أنتِ الآن؟" نبرةٌ هادِئة لامرأة تُناهز الأربعين.
زفّرت بِعمق "قادمة حالًا" وقبلَ أن تُغلق المكالمة نطَقت باندفاع "أمي!! أريد أن أسألك سؤالًا".الصمتُ الصادِر من الجِهة الأُخرى يُخبرها بالمُتابعة.
"لماذا تزوّجتي من أبي؟"
"هاه!" أجابت مذهولةً من حماقة السؤال.
"أعني!!! لقد نعتني أحدهم اليوم بالأجنبية!" أصبحت الطفلة بيلا هيَ المُتحدّث الرسمي الآن، لِتصدح ضحكاها من الجِهة المُقابلة "هذا لأنكِ تُشبهينني! هيّا هيّا المُهمّ أنها لم تكُن إهانـ..."
"إنَّها إهانةٌ بالنسبة لي!!"
صمَتتْ لِثوانٍ .. وتنهّدت بعد أن فرّغت نوبة غضبها الغير مألوفة، والتي سبّبها رجُلٌ قابلتهُ لِدقائِق معدودة، واضعةً راحة يدها على جبينها وأردفت بتهذيب "أسفة أمي، سآتي حالًا".
أغلقت هاتِفها، ورفعت رأسهَا مُتأمّلةً حُلكة السمَاء القاتمة "أن تكون نِصف يابانيّ! لهوَ صعبٌ حقًا!".
-
-السّابعة صبَاحًا-
شيءٌ ما يتحرّك بِسرعة يُسبّب زعزعةً للسرير، تركض وتقفز في كلّ مكان، تذهب لمُضايقتهِ مرةً أُخرى، تختبئ بينَ الملابس، وتعود للانقضاض عليه.
"اه .. هذا يكفي!!"
نطَق بِنفادِ صبر، ثُمّ جزءٌ من الثانية واستأنَف الشخير .. لأوَّلِ مرةٍ مُنذُ زمنٍ طويلٍ يحظى بنومٍ عميق، عميق وخالٍ من الكوابيس.فتَح عينيه مقشعِرًّا بعد إحساسهِ بالرطوبةِ على قدميه، فقد كانتا مكشوفتين لها، وبطبيعة الحَال ستبدأ باللعق واللعب كأنُهما دُميتانِ أمامها.
طَاق ذرعهُ ونهَض أخيرًا باستسلام، حدّق بِها مطوّلًا .. وما لَبِثَ ثانيةً حتى انقضّ عليها وراح يُدغدغها بيديه دونَ توقّف عقابًا لها.
صبَاح اليُوم وبشكلٍ غريب، هوَ يشعُر أنهُ أفضل حالًا، على الأقل شعورٌ طفيف بالتحسّن أفضل من عدمه.
بيدَ أنّ هُنَاك ما يشغل تفكيره، جهلهُ لِنوايا المدعوّ ماتسودا تؤرّقه، وعودتهُ المُفاجِئة للعيش معه سبّبت لهُ التشتت، ليسَ وكأنهُ مُهتمٌّ بأمرهِ، جُلَّ ما يريدهُ هوَ الاستقرار، الاستقرار لا غير.