سأُرمّم الشقوق التي تكسو جُدران قلبك|١٨|.

719 112 62
                                    


هذه الشمس لا زالت تتسلّق السماء
وتمنح دفئها بِمقدارٍ متساوٍ

لكن!

ماذا عن القلب الذي لم تبرح رجفته!
أما مِن طريقةٍ ليُمنحَ بعضًا من ذلك الدفء أيضًا!.

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

كصباحٍ اعتياديّ رتيب، قضَى جُلَّ وقتهِ في مُراجعةِ الدروس، والتي لم يكُن بِحاجةٍ لِمُراجعتها في الأساس، وإنّمَا هيَ عادةٌ مُلتصقةٌ بهِ لا أكثر.

بينَ فينةٍ وأُخرى يسترق النّظر إلى هاتفه، على أمل أن يُضيء بِرسالة، بعد أن ألقى بهِ على السرير قبلًا لئلا يُشتت تركيزه، بيدَ أن ذلك لا طائل منه.

مكث على حالتهِ تِلك 'المُثيرة للشفقة' من وِجهة نظره حتى طفَح صبره ولم يَعُد قادرًا على الدراسة، أو حتى الانتظار!

التقف الهاتف على عجل فيما ينقر بِضعة نقرات حتّى استقرّ على أذنه، بقيَ على تِلك الحالةِ لبضعةِ دقائق، لكنهُ لم يتلقَّ أيّ رد.

خرج من منزلهِ متراكضًا، ألفُ سؤالٍ يعتصر بعقلهِ، وأطيافُ القلق لم تفتأ مُفارقته، كان لديهِ حدسٌ مُسبَق بأنّ هُناك أمرٌ خاطئٌ معها، ولا سيّما بعد تِلك المُكالمة عند ظهيرة يوم أمس، لكنهُ بِبساطة لم يُدّقّق النظر.

طوال ركضهِ المتواصل لم يبرح شعورٌ لاذع بمُفارقته، ويُحاول دفع الأفكار المُعتكِرة التي راودت عقلهُ خِلال جُزءٍ من الثانية.

لم يكُن الطريق قصيرًا البتّة، لا بُدّ لهُ من استقلال الحافلة إن لم يُرِد الركض لخمسة عشر دقيقةٍ متواصلة، لكنّهُ قد فوّت الرحلة بالطبع، فمرورها بالمحطة القريبة من منزلهِ يتزامن مع اصطفاف عقارب الساعة بشكلٍ عموديّ.

ومع ذلك تجاهل بُعد المسافة ولم تفتأ ساقيهِ عن الحراك، استمرّ على ذات الوتيرة حتى خطَت قدماهُ ذلك الشارع الذي يقع بهِ منزلها، حينها قد تداعى مُرهقًا، أخذ يتلقط أنفاسهُ الضائعة، ويُحاول تبليل شفتيهِ اللتين قد لفحتهُما الرياحُ الباردة.

أكمل المسير بِضعة خطوات حتى أصبح الباب الحديديّ أمامه، كان ينوي قرع الجرس لولا أنهُ لاحظ قفلهُ المفتوح، تسائل ما إن كانت قد خرجت إلى مكانٍ مّا، بيدَ أنهُ لم يُطِل التفكير، فقد قرّر انتظارها ريثما تعود.

دلَف بِهدوء وأصدر البابُ الحديديّ صريرًا يُبدّده، مشى نحوَ الداخل ومدّ يدهُ بِفضول نحوَ مقبض الباب الآخر، ارتفع حاجباهُ بِمزيجٍ من الغرابة والدهشة حينما فُتِح له، فلم يكُن مُغلقًا من الأساس!

الصّحوةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن