تحت وطأت القسوة التي ولدتها الحروب...تحت عناوين القسوة...تحت المشاعر المبلدة...تحت موت ضمائر البشر...تحت ليلات الظلم...تحت مسمى رجل هو المسيطر...تحت وطأت الفقر و فقدان الاطفال...تحت تعب المرأة دون شعور زوجها بها...
جالسة خلف مكنات الخياطة تعمل تجني ياقوت يومها و تحمي اطفالها من الفقر فقد فقدت أحدهم بسبب الحرب ولاتريد فقدان الآخرين بسبب الجوع و الفقر...
عاد إلى منزلهِ وهو ينفث الهواء من فمهِ كَـ كل يوم...جاءت و جلست بجانبهِ...حاولت ان تقوم بتخفيف عنهُ...ولكنها لم تلقى سوى الضرب و الشتائم...
عادت إلى غرفتها تحمل دموعها...جاء صغيرها و وضع رأسهُ على قدمها...
لا تحزني ارجوكِ فأنتِ الأفضل لا تكترثي لهُ فأنا واخي بجانبكِ...
لولا وجودكما لكنتُ الآن في عداد الأموات يا صغيري...
لا تتكلمي عن الموت أمي فهو بشيء سيء...
قبّلت جبهتهُ و اعادتهُ لغرفتهُ لكي ينام بسلام...
تتالت الايام...و ظلمهُ يزداد...ضربات...تصنع كدمات...الوان البنفسجي و اخضر مزرق في جميع انحاء جسدها...لم يتوقف ضربهُ لها...و صبرها بدأ ينفذ ولكن تنظر الى اطفالها...وتطلب من الله الصبر...من اجل اطفالها فقط...
يعود من عملهِ ليضع مسدسهُ على الطاولة و يجلس ليأكل عشائهُ مع اطفالهُ...الصمت هو سيد المكان...نظرات الخرف بعيونهم...ونظرات السادية و الظلم في عيونهِ...لا احد يحبهُ...لا احد يتقبل وجودهِ...لا احد يكلمهُ...فقط يأكلون الطعام معهُ لا اكثر...ذهب ليلقي بجسدهُ المنهك على سريرهُ...وهي جالسة خلف تلك المكنة لتحيك طلبات الملابس...استدارت اليه وقالت...
ايمكننا ان نتحدث في موضوع مهم؟!..
لستُ متفرغ لسخافتكِ ام اشتقتي لضربي لكِ؟!
اريد الطلاق...لم اعد استطيع التحمل العيش معك...وسوف آخذ الاطفال لا تقلق لن تهتم انت بهم...
طلاااااااق ماذا ايتها الغبية؟!!!....انا بىلن اعطيكي اياه اتريدين ان تصبح سيرتنا على كل السن سكان المنطقة؟!...هل نسيتي بانني رجل شرطة؟!...انني معروف لا يمكنني ان اقوم بنزع سمعتي و شخصيتي امام سكان المنطقة...
وانا لا يمكنني العيش معكَ بعد الان...كل يوم كل يوم...ضرب و شتائم وانني اصبر من اجل اطفالي ولكنني لم يعد بمقدوري السكوت و الجلوس في هذا الظلم اريد الطلاق و اللعنة عليكَ وعلى مكانتك بالحي...
سوف اخذ اطفال و اذهب من هنا وانت ارسل لي اوراق الطلاق..انني موجودة في منزل عائلتي...
اخذت الطريق الى الخارج لتنادي اطفالها من غرفة الجلوس...
ولكن قبل ان تكمل مسيرها...صدر صوت الرصاص...ليختلط مع صراخها و صراخ اطفالها...صوت اقدامهم تتسارع اليها...
نظرت الى اطفالها و ابتسمت...لا تخافو فأن المكان في الاعلى هو الافضل...الان فقد رحمني الله...ابتسمو فانا لا احب حزنكم...انتبهو لانفسكم واهربو من هنا....
تعال صوت البكاء داخل البيت...ادخلو جسدها النحيل داخل القبر وهم يقولون هو من قتلها...الرجل الذي يحمي الحي...من لا يستطيع ان يحمي زوجتهُ و اطفالهُ منهُ لا يمكنهُ ان يحمي سكان الحي...تعالت الاصوات بِـ سورة الفاتحة على روحها التي ذهبت الى بارئها...
عادو الى المنزل يلقومو باستقبال المعزين...بعد انتهاء العزاء...
جمعو اغراضهم و وقفو على باب المنزل نظرو الى والدهم وقالو...
لقد قالت لنا ان نهرب منكَ وها نحن نقوم بتنقيذ وصيتها...متْ وانت وحيد لا احد يساندك فالظالم يموت هكذا...نحن سنبتسم دائماً و ابداً رغم اننا يتامى ولكن ايضاً هي وصية امي...
أنت تقرأ
همسات حرب
Actionحرب أهلية لم تتوقف الا عندما تأكدت بأننا تجردنا من انسانيتنا...حرب أهلية انهكت روحنا...زرعت الخوف بداخل قلوبنا...جعلت مننا مجرد آلات للقتل...سنعود يوماً إلى حالنا؟!... قصص واقعية عن آلام و مأسات الحرب الأهلية...