بدأت تتساقط الأيام كَـ أوراقِ الخريف لتعلن اقتراب شهر رمضان المبارك...
ولكن ماذا أن كان هذا رمضان تحت وطأت الفقر...الذي كان وليد الحرب...ماذا أن كان هذا رمضان...يعاني من أرتفاع أسعار المواد الغذائية...التي كانت نتيجة الحرب الأهلية في البلاد...من أين سيعيش الفقير؟!...كيف يمكنهُ أن يصوم و يأمن الغذاء لأطفالهِ...
ذهب بثيابهِ المهترءة إلى الدكان الموجود في نهاية الطريق...ليجلب لأطفالهُ الطعام و المؤن لشهر رمضان المبارك...ولا يوجد معهُ سوى معاشهُ القليل...
أخذ يتبضع الأمور الأساسية...و يفكر ماذا سيجلب من الكماليات الغذائية ببقيت النقود و هو يبتسم أثر تفكيرهُ بأنهُ يسرُ قلب أطفالهِ...وضعهم أمام صاحب الدكان...نظر إليه وقال لهُ: يا عمي أتعلم كم سعر هذه الأشياء؟!...هل تملك ثمنها...
نظر إليه بخوف وقال: لم لم أتبضع الكثير فقط الأساسيات يا بني...من المأكد بأن معاشي يكفي هذه الأشياء...
تنهد صاحب الدكان وقال: حسناً يا عم أعطني ما تملكهُ من نقود لأرى...
أخرج نقودهُ ووضعها على الطاولة...ليقوم بعدها صاحب الدكان...تنهد و ابتسم بلطف قال: خذها يا عم انها تكفي مع نقودكَ...وخذ بعض من هذه البسكويتات لأطفالكَ...سيسعدون بها...و أرجو من الله بأن يكون رمضان رحمة و غفران لنا...
ابتسم الرجل و نظر بصاحب الدكان وقال: أعلم بأن النقود لا تكفي ثمن هذه الأشياء...و أنكَ أعطيتني أياها رحمة و رئفة بي...ولكن أعد بكل معاش أخذه سأسدد من ثمنها...
صاحب الدكان: لا يا عم لا أريد فقط أدعي لي بأن يرحمني الله و يغفر لي ما سبق و ما تأخر من ذنوبي وهذا أفضل من ثمن الأشياء...
الرجل: سأدعو لكَ قياماً و قعوداً يا بني بارك الله بكَ و بمن رباك...
خرج الرجل مسرور من صاحب الدكان و عاد ليروي لزوجتهِ ما حصل معهُ...
ذهبت الأيام مع هبوب الرياح لندخل في شهر جديد...وربما حياة جديدة...سيئة أم جيدة و الله أعلم بذلكَـ...
ذهب الرجل إلى دكان يقرب من عملهِ ليتبضع بعضاً من الخضراوات...أخذ حاجتهُ و ذهب إلى صاحب الدكان...
الرجل:تفضل يا بني قل لي ما ثمنها...
صاحب الدكان:مهما كان ثمنها لن تملكهُ أنظر لنفسكَ و لثيابكَ يا هذا...
الرجل:من فضلك قم بأعطائي ثمنها...
صاحب الدكان:****هيا قم بأعطائي أن كنت تملك...
تسللت الدموع إلى عينا الرجل لتصبح عيناه تلمع...
الرجل:الفقر ليس بعيب...العيب هو أن ترى أحد عليه ملامح الفقر و تستهزء بهِ...العيب أن ترى أحد يحتاج صدقة و أنت ترفض أن تعطيه أياها...العيب هو أن تستهزء برجل كبير في العمر مهما كانت أفعاله...العيب هو بوجودك في مجتمع شرقي مسلم و شهر رمضان على أبواب الدخول وأنت قلبكَ أقسى من ذلكَ الحجر...أن الحجر لين أكثر من قلبكَ...فالحجر ينفجر في أوقات ليجعل الناس تشرب من عطائهِ...خذ نقودكَ و اللعنة على من رباكَ...كن رحيماً بالناس...لنساعد بعضنا الآخر على العيش...أياك أن تستهزأ بالفقير...لكي لا تلحق والديكَ الشتيمة...ساعد الآخرين لينهضوا...ليرفع عنا الله الوباء و الحروب و الاضرار...
أنت تقرأ
همسات حرب
Actionحرب أهلية لم تتوقف الا عندما تأكدت بأننا تجردنا من انسانيتنا...حرب أهلية انهكت روحنا...زرعت الخوف بداخل قلوبنا...جعلت مننا مجرد آلات للقتل...سنعود يوماً إلى حالنا؟!... قصص واقعية عن آلام و مأسات الحرب الأهلية...