تحت مسمى العادات والتقاليد...تحت مسمى ليس لها سوى منزل زوجها...تحت مسمى نحافظ على شرفها...تحت مسمى هذا افضل وهذا هو مستقبلكِ...وما أشتد تحت تلكَ المسميات إلا في ظروف الحرب...فقت ظهرت تلكَ العناوين أكثر فأكثر...
قد جعلت الحرب من الأهلي وحوش تحت مسمى الستّرة...تحت مسمى الفقر...وهذا أفضل...
من هو الذي أصدر شريعة الغاب هذه؟!...
يجلسون حول الشيخ ويقومون بقول ما يجب قولهُ لعقد الزواج بينهما...
وفي الجهة المقابلة عيناها تبكي من حرقتها...فهي لا تريد...
لما هي مجبرة أن تقبل بهذا الزواج؟!...
أليس من حقها أن تكمل تعليمها؟!...أن تعيش مستقبلها كما هي تريد؟!...
دخل والدها لغرفتها وهو مبتسم....
هيا حان وقت ظهوركِ أمامهُ...
نظرت ببرود وبدأت تمشي بهدوء تام...اقترب والدها منها...
أنتِ هي العروس يجب ألا تبكي سوى دموع السعادة...وتذكري دائماً اننا بزمن حرب خلت فيه الاخلاق و الدين وهذا المصير وهو حفاظاً عليكي وعلى شرفكِ...
لم تتفوه بكلمة فقط أكملت طريقها بهدوء...يظهر هو الأخر بوجهها...كانت الابتسامة تعلوه إلى أن رأى دموعها...تلاشت تلكَ الابتسامة...
أخذ يدها وقبّلها بهدوء...أجلسها بجانبهِ...
تبدين رائعة...
"شكراً لكَ...وأنتَ أيضاً تبدو رائع..."
لمَّ تبكين؟!...
"دموع السعادة..."
ولكنني لا أظنها هكذا...فوجهكِ شاحب...
"مجرد أرهاق منذ الصباح وأنا أقوم بتجهيزاتي..."
نظر إليها وهو يعلم بأن هناك أمراً مخفى...لم يسألها مرة أخرى...سيعلم ما بها في وقتاً لاحق...
مضت الايام...
وهي كل يوم تجلس أمام النافذة لترى طلاب المدارس وهم ذاهبون على مدرستهم...وهم يعودون إلى منازلهم...تتمنى لو كانت هي بجانبهم فقد اشتاقت لايام مدرستها...اصدقائها...ولكن لا يوجد شيء تفعله سوى أن تبكي...
اقترب منها بلطف وجلس بجوارها...لماذا تبكين؟؟!...ماذا يوجد بالاسفل كلما نظرتي إليه تبكي؟!...
لم تقوم بأجابته سوى نظر للأسفل...ولكن لسوء حظها كانت هناك أمرأة برفقتها رضيع...فظن زوجها بأنها تريد طفلاً...
هذا ما يسمى بسخرية القدر...المضحك المبكي...
بدأت الايام بالهروب بسرعة كي لا ترى حزنها...ولكن حزنها كان يشتد يوماً بعد يوم...لانها تحمل طفلاً...فماذا عساها أن تفعل؟!...طفلة تحمل طفل...طفلة أصبحت مسؤولة عن طفل...طفلة أصبحت أم...
وقفت أمام زوجها...
"كنت أظن بأنك يوماً ما ستفهم ما هو الشيء الذي يجعلني أبكي باستمرار...كنت أظن بأنك لربما تفهم مشاعري...ولكن للأسف ماذا فعلت أنت جعلتني أحمل طفلاً وانا ما زلت طفلة...لم يتجاوز عمر السابعة عشر وأنت جعلتني أم بلا رحمة...لم أنهي تعليمي وجعلتني أم...كيف عساي أن أهتم و أربي وأحمل مسؤولية هذا الطفل وانا ما زلت طفلة؟!!..."
لا تضعي حزنك وانكساركي عليّ فأنا بريء من الذي تقولينهُ والدكِ من زوجكِ لي ليحافظ على شرفه وشرفكِ...وأنتِ جميلة وصغيرة...عندما فكرت بموضوع زواجنا رأيت من الافضل إنكِ صغيرة كي تقومي بطوعي ولا تتكبري أو تتمردي...
"حفاظاً على ماذا؟!!..لم ولن أخسر شرفي أن بقيت في المدرسة...لم ولن أخسر شرفي أن عشت طفولتي كما اريد...ولكن بزواجي هذا خسرت كل شيء وليس فقط شرفي...أنت تجعلني خادمتكَ لتلبية كل ما تريد ولكن هل سألتني يوما عن ماذا انا اريد؟!...ألم تراعي الطفلة التي بداخلي والتي انا عليها يوماً؟!...ألم تشعر بتأنيب الضمير أم ضميرك ميت مثل ضمير والدي عندما زوجني بك...أتعلم اليوم وغداً وبعد ألف عام عندما أرى طفلة من عمري وأهلها يريدون تزويجها وهي صغيرة تحت ذلك المسمى حفاظاً عليها وعلى شرفها سأنصحها بالهروب لانه هذا المسمى ليس سوى وهم للقضاء على طفولتنا..."
ولكن ما كان جوابهُ على كلامها سوى صوت راحة يدهُ على وجهها...وجرها ليحبسها في تلك الغرفة...
أنت تقرأ
همسات حرب
Actionحرب أهلية لم تتوقف الا عندما تأكدت بأننا تجردنا من انسانيتنا...حرب أهلية انهكت روحنا...زرعت الخوف بداخل قلوبنا...جعلت مننا مجرد آلات للقتل...سنعود يوماً إلى حالنا؟!... قصص واقعية عن آلام و مأسات الحرب الأهلية...