يدعي بعضهم أن الفرق بين القرية والمدينة هو أن القرية يتفق أهلها كلهم على شيء واحد مثل الكفر.. وبمجرد وجود مؤمنين في القرية تنقلب القرية إلى مدينة بغض النظر عن المساحة وعدد السكان! أي أن المنطقة التي تضم مؤمنين وكافرين تسمى مدينة..
والمنطقة التي تضم نوعاً واحداً : إيمان أو كفر تسمى قرية! فهل هذا المفهوم صحيح؟
دعونا نسرد الحقائق التالية..
الحقيقة الأولى:هذا التحليل متناقض مع القرآن ومع المنطق.. لأننا نعلم عبر التاريخ أن هناك مؤمنين يعيشون بين ظالمين.. فهذه قرية ظالمة ولكن فيها بعض المؤمنين يسألون الله تعالى أن يخرجهم من القرية الظالمة.. والمقصود هنا حكامها ظالمون.. قال تعالى: { الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا } [النساء: 75]. فلماذا لم يقولوا ربنا أخرجنا من هذه المدينة؟ مع العلم أنها تضم كفارا ومؤمنين؟
الحقيقة الثانية: أن كل قرية لابد من وجود مؤمنين فيها ينجيهم الله كما أنجى سيدنا لوط عليه السلام.. فالنبي يكون عادة أخاً لهم ومن قريتهم وليس من خارج القرية قال تعالى (وإخوان لوط) ليدلك على أنه من قريتهم وليس من خارجها.. تأملوا معي هذه الآيات: { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) } [العنكبوت:31-32].الملائكة تتحدث عن إهلاك أهل قرية (إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) فاعتبروها قرية.. ولكن إبراهيم عليه السلام قال لهم: (قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا) فيها : أي في القرية.. وبالتالي سمى القرآن هذه المنطقة بالقرية على الرغم من وجود لوط عليه السلام فيها وهو مؤمن يعيش وسط كفار وفي نفس القرية!
الحقيقة الثالثة:كل قرية يكون فيها الخير والشر ولكن الشر أكثر.. فينجي الله المؤمنين ويهلك الظالمين.. قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } [الأعراف: 94]. هذا يدل على أن الأنبياء كانوا يعيشون في القرى وهم جزء منها (فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ).. فكيف يسمي القرآن منطقة يعيش فيها كفار ومعهم نبي ... يسميها قرية؟
الحقيقة الرابعة:النبي عليه الصلاة والسلام عندما خرج من مكة ترك فيها بعض المؤمنين منهم سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.. وبالتالي وصف الله تعالى مكة هنا بالقرية على الرغم من وجود مؤمنين فيها... قال تعالى: { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ } [محمد: 13]. هذه الآية نزلت على النبي في طريق الهجرة بين مكة والمدينة... أي في لحظة نزول الآية كان هناك كفار ومؤمنين في مكة المكرمة..ومكة المكرمة لم تخل يوماً من مؤمن قبل الهجرة وبعد الهجرة.. وعلى الرغم من وجود مؤمنين وكفار في مكة المكرمة سماها الله قرية بل أم القرى..
أنت تقرأ
ليهدينا الله
Разноеالانسان احيانا ينشغل بأمور الدنيا لدرجة تجعله ينسى الآخرة هنا سأضع لنفسي بعض النصائح و الأدعية و القواعد لأتشارك و إياكم فضلها و ثوابها ... لعل الله يهدينا و يغفر لنا ذنوبنا