الفصل الأول

14.2K 255 12
                                    

في مدينة التاريخ والحُب والجمال، التي تنام شواطئها الطيبة على صدر البحر بلا خوف، وتناجي الأمواج الهادئة رمالها اللازوردية برحابة  فهناك بتلك الساحرة تبدأ قصتنا ليسجل الزمان لهما أجمل قصائد الحُب واروع همساته 

بأحد المقاعد الرخامية  القابعة على كوبري ستانلي بمدينتنا  عروس البحر المتوسط  الأسكندرية نرى ذلك الجالس بِهدوء ورزانة يراقب الأمواج المتلاطمة بشرود تام، فبعد عودته مباشرتًا من سفره الذي دام لأسبوعين اتى الى هنا،

حقًا لا يعلم سر ذلك المكان بالنسبة له فهو يفضله  كثيرًا و عندما يريد الاختلاء بنفسه دون شعور ينساق إليه كأنه مغيب دون ارادة، مهلًا ربما لأنه يذكره بها تلك صاحبة اللألئ الفضية الذي يقسم انه  لم يرى مثلهم طوال حياته فمنذ تلك الليلة وهي تراوده في أحلامه، هو لا يؤمن بتراهات الحب  ويظل دائما يتجنب الوقوع به يعلم ذاته جيدًا انه متلبد المشاعر  ولا يتأثر بسهولة  ولكن لايعلم ما الذي أصابه في ذلك اليوم ربما لعنة!

ابتسم باتساع وهو يتذكر ذلك اليوم منذ ثلاث سنوات 

ففي إحدى ليالي الشتاء الممطرة

كان يسير بلا وجهة محددة تحت المطر   ليستوقفه تلك الحسناء الواقفة تتأمل الأمواج المتلاطمة وعبراتها منسلة على وجنتها تمتزج بزخات المطر التي تغرق وجهها، تابعها بعينه وهي تتقدم من السور تحاول أن تقفز ليهرول بذعر وهو يصرخ بها ويتمسك بملابسها بقوة: 

- انتِ مجنونة عايزة تعملي ايه؟

-سيبني ملكش دعوة انا عايزة أروح لماما ماتت وسبتني  انا مش هعرف اعيش من غيرها 

 لف يده حول خصرها بأحكام وجذبها  اليه بقوة وتحدث بنبرة هادئة:

- استهدي بالله واسمعي الكلام انزلي معايا الموت مش حل

 ليستأنف بخفة مصطنعة عكس طباعه الصارمة:

-الموتة دي مش حلوة صدقيني  دي الميا هتلاقيها تلج اسمعي الكلام واهدي ليضيف بجدية:

-وبعدين ربنا مش هيسامحك وهتموتي كافرة  اهدي  وادعي لأمك بالرحمة..

حديثه أيقظ ذهنها فهي تخشي المياه وتلك النبرة الحنونة بصوته بثت بها الأمل من جديد لتهدأ دفعاتها وترفع  رأسها اليه تنظر له بتشوش أثر غيمات عيناها وهي بين يديه، أما عنه فقد تجمدت اوصاله وهو يطالعها فهي فاتنة بحق تلك اللألئ الفضية النادرة وبشرتها  الحليبية المتشربة بالحمرة وذلك الفم المنفرج بأغراء مهلك، مما جعله يبتلع ريقه ويتيه بها لثوانِ قبل أن  يشعر بثقل جسدها بين يديه وسقوطها بأحضانه فاقدة للوعي، فما كان منه غير أن ينحني بجزعه ويحملها ويتوجه بها إلى سيارته 

فظل طوال الطريق يتطلع لها ويتساءل لما يا ترى فتاة بجمالها ورقتها تقبل على  الانتحار تنهد بعمق وهو  يتوقف أمام المشفى ليحملها من جديد ويدلف بها إلى الداخل.

إغواء قلب (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن