في الطابق الثاني من قصر الصياد كانت كريمـة تردف بصوفت خافت موجهًا حديثها لتلك التى تدعى ندي الخادمة الخاصة لها قائلة: بتحبي الفلوس يا ندى؟
حركت طيف رأسها بالإيجاب لتقول: ومين يا هانم مبيحبهاش.
- أومأت لها كريمـة والشر ينطلق من عينيها، أخبرتهـا بأن تدلف بذلك الشئ إلى غرفة آدم وسوف تعطيها ما تريد من مال، كادت ترفض ولكن كلما زادت لها المبلغ كلما اطمئن فؤداها، ومن حسن الحظ كان آدم يتجول وسمع حديثهم، خطى خطوات ثقيلة إلى غرفته لا يعلم ماذا يفعل، هل يخبر جده ويدعه هو يتصرف! أم ماذا يفعل؟، بعد مدة من التفكير ليست بقليلة ذهب إلى المرحاض ليسترخي قليلًا من تفكيره.
بعد دقائق ظلت ندى تتابع خطواته، حتى دلفت بهدوء وبطئ شديد، ظلت تتطلع يمينًا وشمالاً لترى مكانًا محجوبًا عنه، ثم قررت أنه تضع داخل الأريكة أوشكت على انتهائها حتى سمعت صوته يصرخ بغضب فائًلا: بتعملـي ايه؟
تعثرت كلماتها وحروفها ولم تجيبه حتى هب واقفًا ليقول بجدية: ايه اللِ ورا ضهرك دا؟ والله اقتلك هنا.
- أشار إليها آدم بالسرد في الحديث حتى أردف بإرتجاف: والله، والله دا كريمة هانم اللِ قالتلي
ردَّ عليها آدم بقلق واضح: طيب بصي هتعملي ايـه وتنفذيه بالحرف، هتقوليلها انك حطتيه وكل اللِ قالتهولك حصل وتحطي عينك عليها بدل ما اقسم بالله هوريكي النجوم في عز الضهر فاهمه!
- برزت عينـاه ليعبر عن مدى غضبه حتى اعتقدت أن هناك إعصار سوف يصيبها، أومأت له بالموافقة وكضت للخارج مخافًة أن يثور عليها مرة أخرى.
همس آدم في ذاتـه قائلًا وهو على دراية تامة عن مراد لو علم ما تفعله والدته سوف ينكسر: انا هتسنى لحد ما تجيبـي آخرك يا كريمة هانم لأجل مراد بس.
في مكان آخر داخل غرفة كاتمة للصوت صرخ جاسر في هاتفه المحمول ليقول: ازاي؟ ازاي الشحنة تدخل مصر! وازاي يشحنوها في أجسام أطفال، شوية متخلفين، اغبياء.
أغلق هاتفه وضم شفتيه في قلة حيلة ليقول: للأسف، للاسف لم نستطيع.- بداخل منزل زين تحديدًا في غرفة نور غمزت مليكـة بطرف عينيها لملك لتقول: احم، عروستنا حلوه وجميلة.
ردت عليها ملك، ظلوا هكذا لدقائق وهم يثرثرون بهذا الحديث حتى أطلقت نور صرخة مرتفعة: يا ماما يا زين تعالوا شوفوهم.
أردف زين بملل: فيه ايه؟
ردت بتذمر لتقول: تعالى شوفهم بيعملوا ايه، ما أنا أصلًا ممكن ارفض ايه المسخرة دي.
أردف زين بعصبية مصطنعة: انتي يا بت منك ليا ما تحترمي نفسك، ثم أكمل ضاحكًا: بس عروسة قمر فعلًا.
ظلوا يضحكون عليها بشدة وعلى زين الذي استنجدت به للتو ماذا فعل! اوه.
- حاولت نور كبت دموعها ولكن كشوك بداخلها اخرجتها كشلال من البحر يسقط من عينيها، لم تدري تركض وتركض هاربة من هذا الكابوس والكل يعلم بها ام تنتظر هكذا معلقة ما بين السماء والأرض، لم تستطع الوجود هكذا ذهبت للخارج راكضة متعبة.
ظنوا اخواتها أنهم ضغطوا عليها حتى ذهبوا جميعًا خلفها ثم أردف زين قائلًا بحنين: نور، متزعليش احنا كنا بنهزر معاكِ والله.
اكمل حديثه مليكة بعيون دامعة: اه والله متزعليش واهو خدي بوسة.
: وأنا كمان اهو.
انتهت ملك من حديثها حتى دمعت نور فهي ليس من شأنهم فهي كانت تتمنى هذا، هي أرادت زوج رقيق كرقة زهور الربيع تحت زخاء المطر، كانت تتمنىٰ هذا الفرح حقيقةً وليس سرقة هكذا، كانت تريده يغنيها عن الجميع وكفىٰ هو د، كانت تريده شغوفًا، مهتمًا، محبًا، صادقٌ لها.
- بداخل الشركة تنهد مراد ثم قال بنبرة أثارت انتباه الجميع: احنا المفروض هنبني قصر لأكبر عميل عندنا، وكمان هندخل بيه زي صفقة كدا لو شغلنا طلع مظبوط زي ما أنا متخيل نجاحكم من دلوقتي، هنبقى احسن شركات المعمار في الشرق الأوسط ومش بعيد ندخل منافسة عالمية كتصميم وديكورات للمبنى، القصر دا هيتبني في دبي هنقعد هناك في فندق لينا وكل شخص واحتياجاته على الشركة، اهم حاجه نشوف شغلنا، واخيرًا هيبقوا قصرين في وش بعض مجموعة في القصر دا ومجموعة في دا واللِ هيبقى أحسن هندخل بيه الصفقة، ودلوقتي تقدروا تشتغلوا.
أردف عمرو قبل رحيل الجميـع متسرعًا ليقول: حضرتك تقريبًا نسيت ما تقول مين المجموعات، يعني مين هنا وهيبقىٰ هنا.
رد مراد باتزان: أنا منستش، انا لسه هرتب وأشوف مين هنا ومين هنا.
أردف آدم بنبرة خبيثة ذات مغزى: انا عندي فكرة، احنا نعمل قرعة ونشوف مين هنا ومين هنا واحنا كمان هتبقى معاكم بس طبعًا مراد مشرف عام برا القسمة.
هتف مراد بغضب مكتوم من ذلك الغبي: احم، هو احنا هنلعب ولا ايه يا آدم؟
رد عليه بمرح: والله كدا احلى صدقني بدل ما نختار.
قاطعه جاسم مؤيدًا له: تمام، وانا هعمل دا وهكتب اسامـي المهندسين في ورق، ثانية وجاي.
لم يزد مراد في رفضه لعدم إحراجه لهم فرحل لمكتبه.
- بداخل مكتب مراد هتفت دعاء تلك السكرتيرة بصوت يثير الإشمئزاز وهي تتلوى بإثارة: مستر مراد صافي هانم عايزه تدخل.
قبض على ذراعها في غفلة وعيناه تطلق الشرار: انا قولتلك مية مرة الطريقة الحقيرة دي والحركات البيئة مش معايا، ثم أكمل بصوت خافت حاد: ولآخر مرة بحذرك.
هتفت بنحيب وهلع قائلة: إيدي ارجوك، انا آسفة مقصدش.
- همس بداخله ليقول: انا بس سايبك عشان توديله التصميمات اللِ انا عايزك توصليها بس اخد المناقصة واوريكم نفر نفر، ثم أومأ مراد وهو يبتسم بشراسة: خليها تدخل.
لم يكمل حديثه حتى دلفت متعلقة بجسده، التي ذُعرت من هيئته المرعبة التي شاهدته عليها ثم هتف هو ليقول: آخر مره الحركة دي تتعمل، فاهمه!
أدركت مدى حدته حتى هتفت قائلة: فاهمة فاهمة، ثم أكملت برقة مبالغ فيها: المهم أنا سمعت انك مسافر دبي انت والجروب انا جايه معاكم.
رد بنفاذ صبر: هو احنا رايحين نلعب؟ ثم أكمل بصوت خبيث:؛وبعدين ابوكِ عدوي الوحيد في السوق ومنافسي، اضمن منين إنك هتحافظي على أسرار شغلنا؟
تبعثرت حروفها حتى تحدثت بصوت مبحوح: ايه! هو أه، يعني شاكك في انا؟
رد بنبرة ماكرة: أنا بسأل بتردي عليا بسؤال؟ ما علينا جهزي نفسك بعد بكرا هنسافر.
اردفت بفرحة ليس لا مثيل لتقول: انا بحبك اوي.
رد بجدية متجاهلًا حديثها: تقدري دلوقتي تمشي عشان انا معايا إنترڤيو.
-قبلته في إحدى وجنتيه، حتى دخل جاسر رأها سعيدة حتى أردف مستغربًا: هيا مالها دي؟
رد مراد بصوت يشبه فحيح الأفعى في رعبها: بنت اللذينة عايزه تاجي وبتدحلب فكراني مش عارف انها بتاخد مني معلومات لابوها، بس انا اللِ معصبني إن هيا وأبوها أهبل من بعض فاكرين إنهم ممكن يلعبوا معايا، بس يلا خليهم كدا لحد ما اضربهم بالقضية.
زاد جاسر بتفكير: طب ودعاء؟ هتعمل معاها ايه! ما كنت مشيتها وخلاص.
رد مراد بدهاء: دعاء أنا بس شافعلها عندي إن أنا مخليها هنا عين لخالد التهامي، بديلها التصميمات والأوراق اللِ أنا عايز اوصلهالوا.
اكمل جاسر حديثه وعلى شفتيه ابتسامة منتصرة: وهوبا تاخد المناقصة اللِ هو دافع فيها شقى عمره ولو بإذن الله مخدهاش هيتصفى وشركاته كلها هتقع، ودا غير اللي نعرفه عنه.
: هو غلط لما فكر يلعب مع شركات الصياد.
- بالخارج عند دعاء هتفت بطمع دفين: انا هوريك يا مراد، أنا هكسر غرورك الأرض وفي وقتها مش هتلاقي غيري يساعدك ما هو فلوسك ليا أو ليا في الحالتين هاخدها سواء منك او من خالد التهامي، انا مش هطلع من المولد بِلا حمص.
- لم تنتهي من حديثها حتى جائتها مكالمة واردة من خالد التهامي قائًلا: عملتي اللِ قولتلك عليه؟
اردفت بغل: انا نفذت اللي قولت عليه بالظبط واخدت نسخ من تصميمات القصر، بس انا معرفش هيغيرها ولا لا إنت عارف مراد داهية ومحدش يعرف يمسك عليه حاجة.
اكمل خالد بغل زاد عنها: تمام وخلي بالك،وفتحي عينك وشدي من بقه الكلام.
اردفت طامعة: من عنيا يا باشا، ايه مش هنتقابل قريب عشان اظبط مزاجك.
- نفض حديثها بكلل من تلك الغبية التي تعتقد أنه من الممكن أن يتجوزها وهو يفض شهوته بها لا اكثر، وها هي وقعت في الحرام وفعلت ما يغضب الله وظنت أن الله لا يراها ولا تعلم بأن الله يهمل ولا يمهل وأنها سوف تتحاسب على أفعالها وظلم عباد الله في الدنيا قبل الآخرة.
أردف بشهوة: تمام يا قمر، هقابلك بالليل.