طالعها جاسم بذهول شديد ليقول: وانتي بقى تقربيله ايه؟
- وضعت مليكة يدها على صدرها لتتحسس قلبها النابض بعنف، استدارت للخلف لتقول له بنبرة اقرب للهلث: يبقى والدي، للاسف يبقى بابا لما عملت الفحص اتأكدت أنه والدي بس هو يعرف من زمان اوي.
_ رد عليها جاسر وهو يمسك بكفيها ليحثها على استكمال حديثها ليردف متابعًا حديثه معها: اسمه ايه؟ اسمه الحقيقي مش لقبه، انتي لازم تساعديني عشان اجيب حقك وحق غيرك.- تخللت أصابعه بداخل كفيفها مما زاد من ردجة نبضها وزاد توترها من حركته تلك لتقول بصوت يكاد يوصل الى مسامعه: ماكس.. اسمه ماكس، هو ميعرفش إن أنا عارفه اسمه الحقيقي، لأن أي حد بيعرف اسمه، شهقت هنا شهقات باكية فاكملت بصوت مبحوح متحشرج: لاما بيأكلوا لحيوان مفترس ولو رحمه بينهي حياته برصاصة.
- بعد حديثها لما تعلمه، تركت جسدها الهزيل يجلس في سبات عميق، متغافلة عن تشوش عقلها وتفكيرها وماذا سيحدث مستقبًلا، حركها زين ترتمي بداخل أحضانه بمزيج من المشاعر الغضب والحب والشفقة والحنين، قاطعه حديث جاسر بنبرة هادئة: عايزك يا زين برا.
- سحبها زين برفق نحو السرير الخاص بها، ثم قام بتغطيتها لتجلس بأريحية.
- في الخارج ألقى جاسر كلماته كالفاجعة لزين ليردف بصيغة آمرة: انا لازم اتجوز مليكة.
أجابه مستفهمًا ببلاهه: نعم!
رد عليه وقلبه ينقبض بقوة، شعر وكأنه يُقتلع من ضلوعه، ليقول بتشنج: مليكة كدا في خطر كبير جدًا من المنظومة دي مش هتسيبها لو حصل ايه، أنا لازم تبقى تحت حمايتي.
هتف زين بحزن وهو يرى في ملامحه تعبيرات الخوف والقلق عليها: أنا موافق بس يا ترى هي هتوافق؟
- أجابه بإطمئنان أن يذهب إلى نور بالغرفة الثانية، وأنه سوف يتولى هذه المهمة مع مليكة.
- دخل جاسم لمليكة بهدوء، شعرت هي بأن أحد ما فوقها، رتعبت أوصالها معتقده أنهم رجال الماڤيا، اردفت برعب مع تشوش عقلها: انت مين؟ سيبني في حالي.
رد عليها وهو يزيل خصلات شعرها بحنان عن وجهها: اهدي، دا انا جاسم متقلقيش.
_ رغم رجفها الذي يعتريها هدأت قليلًا من روعتها لتهدر بارتباك ونظرات متوترة: حضرتك عايز ايه؟ وازاي تدخل لوحدك.- تابع حديثه بسرعة فائقة وكأنه يريد أن يفجر قنبلته ويهدأ ليقول: مليكة، احنا لازم نتزوج.
- وكأنه غاص بها إلى جرح لا تريد ذكراه، صرخت بقوة تجاهد عدم التذكر، لتردف بنبرة مُرة مع شهقاتها المستمرة: لا، لا انا مش عايزة اتجوز..انا عيزاكم تسبوني في حالي.
- لم يكن له أن يستمع لها دون أن يدخل بها إلى احضانه، ظل هكذا لدقائق يمتص من انهيارها وهو يقبض عليها بداخل صدره، حتى ارتعش بدنها من لمساته وزاد ارتباكها، خرجت من داخل أحضانه بسرعة شديدة حتى ادرف بنبرة باكية هو الآخر ليقول: أنا لازم اتجوزك، عشان مش هيسبوكي في حالك هيقتلوكي أو أي حاجه بشعة تتوقعيها هتحصل فيكي.
ردت عليه بوجه شاحب وملامح خالية كجثة هامدة تنتظر دفنها: هو ليه هيحصل؟
: ازاي!
نطق بهذه الكلمة وقلبه يخفق من توقعاته التي جاءت في مخيلته، ويتمنى لطف القدر وان يختار أقل بشاعة مما جرى بها، لتكمل بملامح صامتة: اغتصبوني، لما رفضت اغتصبوني.
- أصبح وجهه كالموتى، تنفس بسرعة هائلة وكأنه يلهث، ظل يحدق بها مذهول لا يصدق ما سمعه للتو، نظر أرضًا بنظرات مشتعلة تنذر بالاندلاع، تدافعت دمائه بعنف في عروقه على وشك افتراس من امامه، أكملت حديثها ببكاء مرير وكأنها لا تريد ما تتفوه به: وعشان كدا هنتحوظ على ورق وبس.