الفصل الثالث عشر - هلوسة -

13 0 0
                                    


يستمر المرء بالنكران في سبيل إستيعاب صدمته الخآصة التي لن يبوحها لأحد مهما زاد إقترابه، ولكن هناك من يتنبّه لأدق التفاصيل وإن إلتزم الصمت وغرق به، ذلك أن الصمت هو بالأساس عدة أفكار صيغت معًا لكنها حُجبت و لم يعلم أحد عنها شيئًا.

كان الجو باردًا رغم أن السماء صافية تقريبًا إلا من ناحية الشرق، كانت الشمس وحيدة بلا أي غيوم ترافقها.. بعض العائلات، لا بل أكثر العائلات خرجت للإستمتاع بدفء الشمس، إمتلأت الحدائق تقريبًا بالناس. إغتنم الخاطفون الذين يرغبون في المال هذه الفرصة لخطف البعض من الأشخاص لأجل سرقة أعضائهم بشكل همجي للغاية..

كآن دآنوفيس بين الجموع ولكنه كان يجلس وحيدًا تمامًا، سيكون فرصة لا تعوض بثمن لأولئك الخاطفين إلا أنه نهض وتابع سيره قبل أن يُلاحظه أحد، قضى بقية يومه في شقته دون أن يفعل شيئًا غير التفكير بتلك المهمة الجديدة وكذلك إستقبال المفتش له..

لا يعلم ماحدث ولكن لم يتم التحدث معه ولا مناقشته ولا ذكر الموضوع حتى بشأن العراك الذي حدث في أول يوم له، لدرجة أنه ظن الأمر حلم، هلوسة، شيء غير حقيقي.. لو أن أحدهم تحدث بشأن الأمر على الأقل كان سيتم التأكد من أنه حقيقي، كان مُشتتًا تمامًا.

رن هاتفه الموضوع على الطاولة أمامه، المتصل كان ستيفنسون، يود لو يخبره ماحدث له، يود لو يتحدث غير أنه لم يلمس الهاتف.. إكتفى بالنظر إلى الشاشة إلى أن أسودت.

حدثت جلبة كبيرة قرب شقة دانوفيس، لم يتحرك ليرى ماحدث، بقي ساكنًا مثل صخرة تضربها الأمواج، حتى بعد أن طُرق بابه لم ينهض ليفتح الباب، وكأنه غير موجود إطلاقًا.. لكن تلك الجلبة التي حدثت تم حياكتها بإتقآن لتوريطه في مشكلة ليس هو صاحبها، الذي خطط لهذا العمل هو من تعارك معه في اليوم الأول له في العمل إنتقامًا، ذلك أن مدير الشرطة وكبير المفتشين وكذلك المفتش المُشرف أجبروه على الصمت وكذلك طُلب من زملائهم ألّا يأتوا بذكر الموضوع إطلاقًا، إن دانوفيس قيّم لديهم، وكل مايرغبون به هو أن يُركز على المهمة الموكلة إليه فحسب، وبعد أن يُلقى القبض على المجرمين، سيتعاملون معه بحسب القوانين، لكن ليس الان..

انتفض زميله الذي تعارك معه والذي كان يُدعى دين مونز غاضبًا، إعترض، صرخ مُنفعلًا بأن كرامته قد أُهينت من قبل شخص غريب، إلا أن المفتش المُشرف قال له بكامل البرود " لم يعلم أحد بشأن إهانة كرامتك لو أنك إلتزمت الصمت.." غير أن دين مونز أصر على الإنتقام منه.

هدأت طرقات الباب، ومعها هدأ قلق ذلك الكائن المنعزل في العتمة.. إستمرت الجلبة لكنها تلاشت مع الوقت.. قرر دانوفيس أن عليه زيارة الطبيب النفسي في الغد، إن قلقه يتعاظم لدرجة إستحالة النوم !

ربما هذا تأثير الصدمة، تأثير ضربة الرأس، تأثير صدمة أنه مايزال يعيش بعيدًا عن جايكوب في أمانه الخاص، لايريد الإتصال بسميث غير أن رغبة داخلية إنفجرت داخله لكنها تسّربت ببطء نحو هاويته الخاصة، تقافزت أفكاره أمامه مُقيدة برغبة دفينة ليؤذي نفسه، يحرق جلده، أو يقتل نفسه غير أن هذا مستحيل، سيغضب جايكوب لو علم وسيأتيه رغم كل شيء حتى يتلذذ هو بتعذيبه..

العاصفة .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن