لاشيء قادِر على المواساة الفعلية سوى عيش المواساة نفسها مرارًا، لربما الصمت هو أفضل وسيلة للتعبير عما يواجهه المرء من شعور، أو ربما يختار عُمق الكلمات للوصول إلى دقة الشعور،ربما مع الموسيقى،أو أي شأن آخر يجهله المرء، ولكن عليه ألّا يقاوم اللحظات التي تسبق المواجهة، عليه أن يختزنها بالشعور، بالصمت إن أمكن لتبقى خاصة بالمرء، في أمان لايجرؤ أي أحد المساس بها مهما حاول.
لم يرفع دانوفيس يده بعد، لم يوّجه المسدس إلى خصمه حتى، خرجت الرصاصات من مكان آخر خارج الغرفة، بعد لحظة واحدة كان دانوفيس في حضن جايكوب، أمسك به من الخلف وقد أمسك المسدس الذي في يده، صوبه على رأسه، خرجا من الغرفة، بشكل خفيف للغاية، لامس المسدس عنق دانوفيس، إرتعش الأخير و وقع في هاوية سحيقة من الرعب المتزامن الذي ينهشه، أدخله في سيارة كاديلادك و أغلق الباب، ثم صعد إلى السيارة.. بعد صمت قصير ..
" رفيقك بخير، لقد حرصت على ألّا يتأذى، لكنه الان في مكان لايمكن الوصول إليه "
" لماذا تفعل بي هذا جايكوب؟ "
" أعطيتك سلاحين، توسلتُ إليك لقتلي، لكنك لم تفعل "
" أنت تستحق أن تتعذب طيلة حياتك في غرفة مُغلقة و أنت على قيد الحياة "
ضحك جايكوب " لن أتعذب وحدي، بما أنك .. "
" أصمت"
حدق جايكوب بذهول إلى دانوفيس، كانت هناك نظرة محمومة من الغضب والحقد والكراهية .. نظر جايكوب بعيدًا ضاحكًا، ساخرًا " أنت جميل عند الغضب، تتضح بك القوة التي أريدها لي "
" أنت مثير للشفقة "
" نعم، أنا المثير للشفقة هنا، لأنني لا أعاني من فرط السلطة، و لأنني مُنعزل جدًا، ولأنني خائف "
حرك السيارة و إنطلق بها، شعر دانوفيس بالضعف الشديد تجاه نفسه، كان عليه أن يقتله حينما أتته الفرصة، و لكنه لم، ولن يرغب في قتل أحد. خشي أن يتم إجباره على القتل. لقد أُجبر مرارًا على القتل، لدرجة أن فكرة تصويب المسدس على أحدهم تخيفه، وهذا الرجل هو السبب، بل ضعفه و عدم قدرته على إتخاذ قرار تجاهه وتجاه حياته .
يعلم تمامًا أين سيأخذه هذا اللعين، هناك إحساس يُلح عليه بقتل جايكوب، لايهم ماذا يفعل بجثته أو كيف سيتخلص من هذه الآثار، المهم الان هو قتله، كان جسده ساكنًا وكان عقله يحثه على مواصلة ما يود فعله. في يده سكين، وفي عقله مُحرضًا عنيفًا للقتل.
لن يُنقذه أي أحد ولن يُعالجه أي أحد من الآثار التي ستأتي لاحقًا.. لم يقم بأي ردة فعل.
" أنت أناني جدًا، لم تتعلم بعد كيف تهتم بالاخرين، هذا مؤسف"
تساءل ماسبب تلك الطلقات النارية في ذلك المبنى، لا توجد إجابة، ولا يستطيع تخمين شيء.
أنت تقرأ
العاصفة .
Mystery / Thriller{مُتأخرّة في الكتِابة جدًا، إنما أبذلُ جُهدي..} الجليد يُخفي نار براكين لا تُرى إلا في بدايتها. مُجرد قصة مكبوتة بداخلي منذ سنوات، والآن أُخرجها للنور. إستمتعوا..