التحرير و خدعته

16 3 2
                                    

توبة الكاتبة الليبرالية
مشاعل العيسى

من لم يقرأ مقالها فلن يعرف معنى التوبه بمفهومها الحاضر

"نبش الأسرار"
اليوم أقلد قلمي شرف نبش أسرار الضياع
لم تكن توبتي نتيجة ظروف قاسية أو محنة عارضة،
بل كنت انعم بكل أشكال الترف والحرية في كل شيء، وكنت أجسد العلمنة بمعناها الصحيح،
وكانت أفكارها نهجي ودستوري، وكتبها مرصوصة في مكتبتي، وقلمي تتلمذ على أشعار نزار قباني،
ورمي الحجاب حلم يداعب خيالي، وقيادة السيارة قضيتي الأولى أنادي بها في كل مناسبة، واستغل ظروف من هم حولي لإقناعهم بضرورتها.

تمنيت أن أكون أول من يترجم فكرة القيادة إلى واقع ملموس، ولطالما سهرت الليالي اخطط فيها لتحقيق الحلم.
أما تحرير المرأة السعودية من معتقدات وأفكار القرون البالية وتثقيفها وزرع مقاومة الرجل في ذاتها فلقد تشربتها وتشربتها خلايا عقلي.
وسعيت لتسليط الضوء على جبروت الرجل السعودي وأنانيته.

وقدمت الرجل المتحرر على طبق من ذهب على أنه يفهم المرأة واستخراج كنوز أنوثتها وقدمها معه جنباً إلى جنب.
وشوهت صورة الرجل المتدين على انه اكتسب الخشونة والرعونة من الصحراء وتعامل مع الأنثى كما تعامل مع نوقه وهو يسوقها بين القفار.
كانت الموسيقى غذاء روحي و نديمي من الصباح إلى الفجر التالي،
أما الرقص بكل أنواعه فقد جعلته رياضة تعالج تخمة الهموم.
ونظريات فرويد كنت ادعمها في كل حين بأمثلة واقعية، وأنسب المشاكل الزوجية إلى الكبت، والعقد إلى آثار أساليب التربية القديمة التي استعملها أهلنا معنا.

وكانت أفكاري تجد بين المجتمع النسائي صيتاً عالياً ومميزاً ، سرت عليها سنينا عديدة.

وفي يوم من الأيام كنت جالسة في ساحة أحد الاسواق لفت نظري شاب متدين بهيئته التي تدل على ذلك؛ ثوب قصير وسير هاديء وعيون مغضوضة،
أظنه في سن ما فوق العشرين
أعجبني هدوؤه، وطرأت علي بعدها أفكار غريبةٌ جداً علي!

علامات الرضى بادية على محياه، خطواته ثابتة رغم أن قضيته في نظري خاسرة هو والقلة التي ينتمي إليها .. يتحدون مارداً جباراً اسمه التقدم ولا يزالون يناضلون!
سخرت بداخلي منه ومنهم،
لكنني لم أنكر إعجابي بثباته، فقد كنت احترم من يعتنق الفكرة ويثبت عليها..

حاولت أن أحلل الموضوع فقلت في نفسي:
(ربما هؤلاء الملتزمون تدينوا نتيجة الفشل فأخذوا الدين شعارات ليشار إليهم بالبنان)
لكن منهم العلماء والدكاترة وماضي عريق قد ملكوا الدنيا حيناً من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب)

أو ربما هو الترفع عن الرغبات!
وعند هذه النقطة بالذات اختلطت علي الأمور _ الترفع عن الرغبات معناه الكبت_ والكبت لا ينتج حضارة!
حاولت أن أتناسى هذا الحوار مع نفسي لكن عقلي أبى علي ولم يصمت ومنذ ذلك الوقت وأنا في حيرة.

قصه ..وحكمه.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن