كان أطفال الشوارع بالنسبة لمحمد علي باشا كارثة ، كان عددهم حوالي 300 الف مشرد في شوارع مصر من الاسكندرية الى أسوان . أدرك ان هؤلاء سيكونون السبب في انهيار الدولة المصرية العظمى التي يحلم بها ...لكن محمد علي لم يهدأ له بال حتى قرر اعتقالهم جميعا و وضعهم في معسكر بالصحراء بالقرب من الكلية الحربية التي انشأها في اسوان و ظلوا بها ثلاث سنوات او يزيد .
امر محمد علي سليمان باشا الفرنساوي بأن يأتي بأعظم المدرسين و المدربين الفرنسيين في شتى العلوم و المهن و الحرف اليدوية ليدربوا هؤلاء المشردين و بالفعل نجحت تجربة محمد علي و بعد ثلاث سنوات تخرج لمصر براعم علماء و مدرسون و أطباء و ايضا الصناع المهرة الذين يجيدون الحرف و الصناعات و يجيدون اللغة الفرنسية و العربية و لغات اخرى ايضا..
استعان محمد علي بنوابغهم في بناء الدولة المصرية و أرسل الباقين كخبراء لدول أخرى مطلة على البحر المتوسط و التي تفتقر لتلك الحرف .
و جدير بالذكر أن المتفوقين منهم أرسلوا فى بعثات للخارج على نفقة الدولة (دون واسطة او كوسة كما يحدث الآن) لطلب المزيد من العلم لكى يعودوا به لوطنهم الحبيب و يعملوا على رفعته و تقدمه فى شتء المجالات...
هكذا كان يفكر محمد علي باشا كيف تصنع من كارثة نهضة و بناء و انتاج فدولة متحضرة بل أمبراطورية وقتها كان يهابها الكل ...فقد أحتلت جيوشه يوما جنوب تركيا و فرض سيطرته على الشام كله و الحجاز فكان ابنه ابراهيم باشا واليا على مكة و المدينة و الشام كله من اول فلسطين و حتى الأردن حاليا قبل ان تكون هناك أردن من الأساس ..
و كان فى وقت ما يقال عن البحر المتوسط أنه بحيرة مصرية لسيطرة الأسطول المصرى عليه بكامله ....
كم كنا عظماء بحق و عن أستحقاق و ليس بالكلام فقط ...
