"ألم يتجدد"
بعد أن خرج سامي من غرفة ريم بلحظات وقد تركها نائمة وهي تعاني من الإجهاد و الألم , وصلت سيارة رضوان أمام باب المستشفى العمومي لتنزل نجوى بسرعة و هي تسرع الخطى, بينما لم يتجرأ رضوان على الدخول ورؤية ريم وعذابها الذي سيتجدد مع قدوم سميحة, ولكن يجب أن يتخلى عنها في سبيل نجاة إبنه فرغم كل ما فعل يبقى إبنه هذا ما لا يستطيع إنكاره أو تغييره. كانت سميحة تجري بين الأروقة الضيقة لهذا المستشفى وكل مناها هو رؤية وجه ريم وهي تعاني و تتألم , وورائها نجلاء التي تكاد تفقد أنفاسها من سرعتها , كانت تزلزل الأرض بكعبها العالي الذي من الممكن أن ثمنه يمكن أن يعيد ترميم هذا المستشفى المتهالك , خطواتها الواثقة و القوية هيئة جذبت نظرات جميع المتواجدين , بينما كانت كل ملامح وجهها توحي بالإشمئزاز و التقزز من وضع هذا المستشفى الرديئ الذي ملئ بروائح الموت , الفقر , العوز و الحاجة . لتقف سميحة في منتصف قاعة ملئت مرضى وهي ترى الناس متممدة على الأرض هذا يتأوه وذلك فاقد للوعي وتلك الأم تجلس على ذلك الكرسي المتهالك الذي يكاد يقع بها ودموعها تسيل كالأنهار على إبنها الذي يتألم بين أحظانها وهي عاجزة عن مساعدته ومع بكائه كانت تعانقه أكثر وكأن أحظانها ستخفف من ألمه وهي تتلو أيات قرآن ملئت أخطاء ولكن رغم هذا لم تتوقف عن الترديد , في الجانب الآخر كانت الممرضات وكأهن في مكان آخر بعيد كل البعد عن هذه المجزرة , هذه تضحك وتتحدث مع زميلتها وتلك تضع مساحيق تجميل و أخرى تصرخ في وجوه المرضى كي يسكتو , لم يهتمو بحالتهم أو بمعاناتهم كأنهم قد أعتادو على رائحة الدماء و الموتى وتلك الأوساخ المتراكمة و الروائح الكريهة التى تقشعر لها الأبدان و التي إنتشرت بكل مكان . شعرت سميحة بأنها قد دخلت مقبرة أحياء
لتتوالى عليها مشاعر غريبة قلبت دواخلها رأسا على عقب جاعلة منها في لحظة ضعف تشعر بالأسى و الشفقة على هؤلاء الناس الذى ظهر على وجوههم ونظراتهم المنكسرة , التذلل , الفقر المعاناة وظلم الحياة و قسوتها عليهم . تجمدت شعرت بأن جسدها قد تعطل عقلها يأمر هذا الجسد بالتحرك ولكن هذا الأخير يأبى أن يرضخ لهذه الأوامر لتمتلئ عينيها سواد وظلام ماحية بذلك شعور الشفقة فهذه الصور تذكرها بماضيها الذي دفنته و أخفته حتى عن أولادها وقررت أن تأخذه معها إلى القبر, لن تسمح بما إعتبرته عار طيلة حياتها بأن يظهر للناس .. لحظات سكون إرتفاع دقات قلب, صعوبة في التنفس لم تعد تستطيع أن ترى أي شئ وهي تغرق في بحر ذكرياتها , توالي صور موت أمها بين يديها وهي مرمية و لا أي طبيب أو ممرضة قبلو أن يعاينوها و كل هذا لأنها لم تمتلك المال حينها لتغوي الممرضات , في هذه الثواني التي إنسلخت فيها عن جسدها عن هذا الواقع المزري وسبحت روحها في بحور ماضيها , لم تشعر بدموعها التي تهاطلت كالأمطار أو بنجلاء التي كانت تناديها وهي تتمسك بيدها بقوة بينما كانت تغطي أنفها بيدها الأخرى من شدة الروائح الكريهة وهي خائفة على أمها التي كانت ترتعش , لتناديها بصوت غلب عليه البكاء
أنت تقرأ
حب بلا عنوان
Romantikرومانسية .هل يمكن للحب أن ينجو في لعبة القدر هل يمكن لصبية يتيمة في ريعان الشباب أن تنجو في زمن الذئاب هل يمكن للإنسان أن يتغلب على ظلال الماضي