"عطر الماضي وأسراره الجزء الثاني "
وصلت ليلى بشق الأنفس إلى الطابق الأول أمام مكتب رضوان لتستند على الحائط وهي تمسد بيدها اليمنى على قلبها لعلها ترتاح قليلا وتتنفس بصعوبة من شدة الجري والخوف معا وهي تقول في نفسها بينما يد تطرق على الباب والآخرى تعدل من حجابها الذي إنزاح قليلا عن مقدمة رأسها ليظهر بعضا من شعرها الذي تلون بالأبيض والأسود معا . فكانت تلك الخصلات التي إمتزجت بين اللون الأسود و لون الشيب الابيض الذي شق طريقه ليغلب ذلك اللون الأسود فكون إنعكاس لمعنى الحياة والموت ، تلك الرحلة أو بالأحرى تلك الحرب التي يخوضها الانسان إلى أن تاتي كلمة الخالق لتقبض تلك الروح
" منك لله يا سميحة منك لله آخرة هذا الرجل المسكين سوف يجلط على يدك من أفعالك المشينة و المسودة للوجه "
عادت لتطرق الباب مرة وإثنين وثلاثة ولكن لا رد مما زاد من توترها خوفا من حدوث شئ للسيد رضوان فهذه العائلة مشاكلها ومصائبها لا تنتهي كما أنه منذ عودتهم من المستشفى بريم والتوتر يسود المكان
دفعت الباب بدون إستىذان هذه المرة وهي تتمتم
" رحمك الله يا شيخ علي لقد كنت ركيزة هذه العائلة "
لتلفحها تلك البرودة في غرفة المكتب ما أن خطت لتدخلها , وتلك الظلمة جعلتها لا ترى شئ. فكل الستائر كانت مغلقة وراىحة السجائر تعبق في المكان مما جعلها تكح مرة وإثنين و ثلاثة ... ولكن رغم تلك الحرقة التي إندلعت في صدرها من رائحة السجائر القوية ، إلا أنها تحاملت على نفسها لتضغط على زر تشغيل الضوء وعينيها تقع على جسد رضوان الذي تكوم فوق تلك الكنبة السوداء وامامه كانت هناك طاولة زجاجية صغيرة ملىت سجاىر وبقايا تساقطت أيضا على تلك السجادة السوداء
" إلى متى سوف يتحمل صدرك يا إبني ، وأنت تحرق نفسك حيا حتى عمرك لم يعد يسمح بهذه الكمية "
إقتربت منه قليلا وهي تخطو فوق تلك السجادة السوداء لترى ذلك التعب والحزن الذي بان على وجهه المرهق ويده التي إرتمت على الأرض والآخرى كانت تقبع فوق عينيه ... ترددت قليلا في إيقاظه فمنظره و ذلك الشخير القوي الذي يخرج من بين شفتيه جعلها تشعر بالشفقة عليه ، ولكن ذلك الصراخ والتكسير داخل غرفة سميحة جعلها تنادي عليه بصوت قوي
" رضوان ، ولدي يا رضوان أرجوك إستيقظ "
ولكنه كان كجثة هامدة فقط إرتفاع صدره وإنخفاضه كان دليل على الحياة
تنهدت ليلى وهي تأخذ نفس لتقترب منه ثم تربت على كتفه بينما أخذت تقول بصوت حنون
" بسم الله بسم الله رضوان يا أبني أفق أفق "
ولكن كان رده أن تحرك قليلا ليمسك بيدها وهو يقبلها بينما يقول
" أمي إبنك متعب ، دعيني أستريح لقد تعبت والله تعبت "
ترقرقت الدموع في عيني ليلى و هي تقول بصوت خفيض
" رحمك الله يا ألماس رحمك الله ، خوفك على رضوان كان في محله يا بنت الأصول "
تركت يدها في يده لتربت بيدها اليسرى على كتفه ، وقد تحرك هذه المرة ليفتح عينيه وهو ينظر نحو ليلى بفزع ، حيث إنكمشت ملابسه وتشعث شعره الخفيف ليقول وهو يترك يدها
" أعذريني ليلى هل هناك شى "
ثم أخذ يمسح بيده على وجهه ليذهب تأثير تلك الغفوة القصيرة التي أخذت بروحه الى حيث حب عمره التي حرم منها وهو يعتدل من رقوده ... ليقول بصوت بح يغلفه تأثير النوم
" هل ريم بخير يا ليلى ، هل حدث لها شى "
ردت ليلى بصوت متوتر وهي تقف بجانب الكنبة
" ليست ريم بل السيدة سميحة "
تنهد رضوان بقوة ، وهو يشعر بعجزه مع سميحة لقد تعب ولم يعد يهمه شئ . ليقول وهو ينزل رأسه قليلا ليضغط باصابع يده على جبينه
" ماذا بها "
لترد ليلى وهي تشعر بذلك الألم الذي يشعر به ولكن كل معاناته كانت نتيجة إختياراته
" لا أعرف ، عندما ذهبت إلى غرفتها لكي أسألها عن تجهيزات الحفلة لم أجدها بغرفتها
، ثم سمعت صوت صراخ وتكسير بغرفة السيد عمر رحمه الله ، أظن بأنها إحدى نوباتها ولكن هذه المرة اقوى من سابقاتها "
نظر رضوان إلى ليلى بجمود وهو يضع يده اليسرى خلف رقبته ليحركها يمينا ثم يسارا بارتياح .. ليقول أخيرا بعدم إهتمام
" و ما الشئ الجديد في هذا يا ليلى ، ساعة ساعتين تنفس عن براكين غضبها وبعدها تهدا"
نظرت له ليلى بعتاب لتربت على كتفه بحنان امومي
" لم أعرفك قاسي يا رضوان ، إنها زوجتك وأم أولادك ، تعوذ بالله من الشيطان يا أبني ، إصعد لها و هدئها والله يا أبني لن يحملك الله ما لا طاقة لك به ، فقط إصبر عليها "
أنت تقرأ
حب بلا عنوان
Romanceرومانسية .هل يمكن للحب أن ينجو في لعبة القدر هل يمكن لصبية يتيمة في ريعان الشباب أن تنجو في زمن الذئاب هل يمكن للإنسان أن يتغلب على ظلال الماضي