" اجتياح براءة جسد 4"
" كل شئ يتداعي من حولي و يتهاوى أنا عمياء مبصرة و صماء و لكني أسمع و بكماء و لكني أتكلم ، لا أكاد أشعر بنفسي , بأني قادرة على الإستمرار و السير في طريق تكتسحه الظلمة ، هل يمكن أن يموت الإنسان مرتين في هذه الحياة .
أنا بلحظة واحدة فقط مت ألف مرة ، تتفنن هذه الحياة بتعذيبي و أنا عاجزة عن المقاومة و كأنني أسيرة في يدي العدو ، أسرت بعد حرب دامية طالت و أهلكتني فكنت أنا الخاسرة بها بعد أن أستنزفتني تماما .
أسوء شعور في هذه الحياة هو عندما يأخذ منك شئ بالقوة و القسر و الغصب ، روحي تإن و تتآكل ، جسدي يهرم و يموت و أنا ، أين أنا أنا ضائعة في أوهام تتفنن الحياة في رسمها.
هل يتحرر العصفور من سجنه في يوم من الأيام ، من ذلك القفص الذي يجعله لا يرى شئ من هذه الدنيا سوى عواميد حديدية، يظل ينظر نحو السماء و لكنه غير قادر على فرد أجنحته .
بعد حبسه لمدة طويلة هل يستطيع أن يرفرف و يطير نحو السماء بحرية أو ربما قد تعود على حياة السجين و لو طار ربما يعود إليه مرة أخرى ظنا منه بأنه موطنه و بيته.أتخبط بين الكلمات و الحروف دون القدرة على الخط ، كلمات صماء بكماء لا تجد طريقها لتلك الورقة البيضاء. يجف حبر الأقلام و لكن لا يجف دمع العيون بل تظل تذرف و كأنها أمطار في فصل الشتاء ،تنهمر بلا توقف في ليلة حالكة السواد "
.............................................................ضحك عمر و هو يقول ، بينما كان يتجه نحو السور الأبيض العالي ليأخذ السلم الحديدي الذي إتكأ عليه، واضعا اياه على كتفه ليقف قليلا بتعب و هو يتنهد بينما أخذ يرتاح قليلا ثم نظر نحو أمير المتذمر كعادته رغم أنه لا يساعد كثيرا بل إن أغلب العمل عليه و على زميله الآخر .
" نعم، لقد هرب كالعادة ليحضر إبنته من الروضة و إبنه من المدرسة مسكين هذا الرجل و الله إني أتألم لرؤيته بتلك الحالة ، من بعد وفاة زوجته تحمل هو كامل المسؤولية، أبناءه و مصاريفهم من جهة ووالديه و مصاريف علاجهم من جهة أخرى فقد كبرا ، أمه مقعدة و أبوه كفيف و هو وحيدهما و الله اني أشفق عليه ضائع ما بين الإثنين ، حتى فكرة الزواج هو رافض لها في الوقت الحالي و لا أعرف السبب و هذه الحياة لا تكف عن خنقه و لف حبل المشنقة حول عنقه "
توقف أمير عن جمع بقية المعدات ليرفع رأسه و يتجه بنظره نحو عمر الذي إتجه بالسلم نحو الباب الخارجي للفيلا ليقول بتساؤل و هو يلحق به
" لماذا يرفض فكرة الزواج من جديد ، هذه سنة الحياة و هذا أمر طبيعي، على الأقل لمصلحة أطفاله فهم صغار و يحتاجون لأم تعوضهم عن فقدان أمهم، وهو بدوره يحتاج لمن يساعده على هم الحياة و مشاكلها فالبيت لا يقوم إلا وركيزته إمرأة، سبحان مغير الأحوال لقد كانت إبتسامته لا تفارق وجهه رغم كل المشاكل حتى ان حسدته في بعض الأحيان على صبره التي واجهها و لكن الأن حالته مزرية "
توقف عمر بعد أن خرج من البوابة ليضع السلم على السيارة المفتوحة من الخلف ، ثم تنهد بتعب و هو يقول بينما إتكأ على مؤخرة السيارة
أنت تقرأ
حب بلا عنوان
Romanceرومانسية .هل يمكن للحب أن ينجو في لعبة القدر هل يمكن لصبية يتيمة في ريعان الشباب أن تنجو في زمن الذئاب هل يمكن للإنسان أن يتغلب على ظلال الماضي