الماضي ..
في وقت متأخر من الليل .
تبدل ملابسها بحركات عنيفة , وتمسح مكياجها بقوة أيضا .
ترمي القطن جانبا وهي تنظر إلى المرآة بوجه محمر وغاضب , تلهث من شدة الغضب :
- مين تحسب نفسها عشان تشك فيني وتأخذ جوالي , ناكرة المعروف بعد ما وقفت معاها كل هالوقت ودعمتها تجي تشك فيني بكل سهولة ؟ هين يا رؤى أنا بوريك .
قالتها ورمت المشط أيضا بقوة , وتصرخ بغضب .
حين انتبهت إلى رنين هاتفها داخل الشنطة , وقفت وأخرجته .
غضبت أكثر وهي ترى اسم رؤى , ردت بحدة :
- نعم يا بنت أختي العزيزة , وش تبين مني بعد ما بغيتي تتهميني وتقولين إني أنا اللي سويت كذا بفهد الحمار .
لانت ملامحها حين أتاها صوت رؤى الواهن والضعيف :
- تعالي افتحي الباب أنا برة , ما دقيت الجرس عشان لا أصحي أولادك .
عضت حنين شفتها بحيرة , وهي تغلق الخط وتضع الهاتف جانبا .
اتجهت إلى الخارج لتقترب من الباب وتفتحه .
انصدمت من مظهر رؤى .
التي بدت وكأنها على وشك السقوط , وسرعان ما تلاشى غضبها وهي تراها بهذا الشكل .
عيناها محمرتان بطريقة مفجعة .
- بسم الله رؤى إيش فيك ؟
أمسكتها من ذراعها وساعدتها على الدخول .
حتى استقر جسد رؤى على السرير في حجرة خالية من أبناء حنين .
ساعدتها في خلع حجابها , ثم جلست بجانبها لتتحسس جبينها وتشهق مفجوعة :
- لا إله إلا الله , إيش فيك مسخنة كذا ؟أغمضت عيناها بوهن , وقالت بصوت منخفض للغاية وشفتاها ترتجفان :
- تكفين حنين اطلعي وخليني أنام , أنا تعبانة حيل .
نظرت إليها حنين بحزن لبعض الوقت , ثم وقفت وغطتها جيدا .
خرجت بعد أن أطفأت الأنوار , مسحت دمعة نزلت من عينها دون إرادة .
يا للمسكينة .
يبدوا عليها التعب الشديد , هي بالتأكيد …
استرجعت ما حصل مع أخيها لتتعب هكذا .
كيف غضبت منها بسرعة وتركتها بمفردها وعادت إلى المنزل دون أن تبقى معها ولو قليلا ؟
فزعت حين سمعت صوت الباب وهو يُفتَح , ابتسمت لزوجها .
الذي اقترب منها متفاجئا من وقوفها هنا , أمام غرفة خالية .
- وش تسوين هنا ؟
ابتسمت بارتباك :
- آآآه رؤى بنت أختي , جات تنام عندي اليوم .
عقد الآخر حاجباه بحدة , ليقول وهو ينظر إليها :
- صحيح .. سمعت عن اللي صار في الاستراحة اللي رحتِ لها , مو منعتك في البداية وعاندتيني ورحتي ؟ الحين مبسوطة بعد ما صار فيها جريمة ؟ صدقيني يا حنين لو حصل وجات الشرطة لبيتنا عشان تحقق معك ما راح يحصل خير , مفهوم ؟
ازدردت حنين ريقها وهي توميء بإيجاب , ليكمل هو :
- وهذي بعد أبي أصحى الفجر وما ألاقيها , أكيد إنها متورطة في القضية بما إنه المصاب مشتبه بقتل أخوها ولا أنا غلطان ؟ الود ودي أطلعها الحين من شعرها بس الوقت متأخر .قالها وولاها ظهره وابتعد , لتعبس حنين بشدة , وتشتمه في سرها هذا العديم الإحساس .
تعلم جيدا كم يكره زوجها عائلة أختها عبير , ماهر ورؤى .
لأنه طلب رؤى سابقا للزواج , ولكنها كانت منذ مراهقتها مفتونة بابن عمها زين فلم توافق .
وحين أصرّ زوج حنين وطلبها عدة مرات , غضب منه ماهر .
فكرههما منذ ذلك الوقت .
وتزوج بحنين لينتقم منهما .
خطبها وهو واثق من أن والد حنين لن يرفضه , بما أنه ابن عمها .. وهو أولى بها من الغريب بالتأكيد .
تزوجته مرغمة , لتكتشف نواياه الخبيثة المكشوفة أساسا .
كان يقهر ماهر بها , لأنه متعلق بها بشدة , ويحبها كثيرا .
تتذكر كيف غضب ماهر ذات مرة , حين ذهبت لزيارة والدتها .
وأتى ماهر أيضا لزيارة جدته .
كانت هي تغطي جزءا كبيرا من وجهها بشعرها .
راود ماهر الشك .
لذا حين جلست تتحدث إليه , أمسك بتلك الخصلات .. وأعادها إلى خلف أذنها .
لينصدم من وجهها وخدها المتورم والمحمر بطريقة مفجعة , سألها , فضحكت :
- طحت على وجهي وأنا أغسل المطبخ .
صرخ بها بغضب :
- لا تكذبين , راشد سوى فيك كذا صح ؟
ارتبكت حنين , وظلت تهز رأسها نفيا عدة مرات وتحاول أن تقنعه بالكذبة االغبية التي اخترعتها .
إلا أنه لم يصدقها أبدا , زادت النار اشتعالا , حين قالت أمها بحقد وغل :
- مو بس هالمرة يا ماهر , هذا اللي ما يخاف ربه ضرب بنتي أكثر من مرة من بداية زواجها .
شهقت حنين ثم تفوهت بعتاب :
- يمه .
أكملت أمها بقهر :
- كم مرة حاولت أخليها عندي وأرفع عليه قضية وأعطيه درس ما ينساه , لكن جدك يرفض .. يقول إنه بنتي مدللة وتحتاج من يربيها …..
وقف ماهر بغضب وهو يصرخ :
- إلا هالحيوان اللي يحتاج من يكسر رأسه .
خرج والأرض لا تحمله من شدة غضبه .
ركضت خلفه تحاول إيقافه عما ينوي فعله وهي حتى لا تدري على ماذا ينوي .
ليأتيها في المساء خبرا عن إصابة زوجها ورقوده في المشفى .
أنت تقرأ
الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح
Bí ẩn / Giật gânقصص جديدة، وأخرى مكملة لقصص من الجزء الأول 💜✨