مَـشهـد •10• خُيوط دُمـية

249 26 3
                                    

السَّاعة الثـامِنة صَباحا || بِتوقِيتِ الـصَدَى

تَـستعِد تـلك الفـاتنـة صـبَـاح يـوم الجـمعَة ، تَـردِي طًقمًا أسودً عَـاكِفة شـعرها لخَلفـها ، حـيث و بـعد سَاعةٍ ستـحضر حَـفل تَوقـيع خَـاص بكـتابِها "دِمـاء قُرمُزِية " .
سـمعت رَنـة هـاتِفهَا تَعلُو أنـحَاء غُرفتـها لِتزفُر بِمـلل ، أَ عَلى البـشرِ تعكِير صـفو صـباحِها بـعدَ ليلَة أقـل مـا يُقال عـنهَا تَزهُو بالألـوان الفَـاقعة .!
حـملتـه محدِقة بالاِسـم الذِي يـظهَـر عـلى شـاشتِها _السَـيد آصلان _ ، وَالدها لَا ينـفكُ يـزعجُها باتِصالاتِه الصَباحـية و التـي لا تَخلو مِن صِـياحه المُزعج لأذنـيها .
وضـعت يدها عَلى خـصرهَا تُجيبُه بطَريقتِها الغَـريبة فـي الرَّد منتـظرة كَلامه .
=" خَـيرًا ، فـي هَذا الصَـباحِ البـاكِر "
سـمعت كَلامهُ الذِي يُقال عَنه بَذيئًا وراءَ سمـاعةِ الهَاتف ، لـيتحَدث بـعدها قَـائلا بصَوت مرتفع نِسبيًا
-" أَ لَم أُرسِل البَـارحَة لـيلًا لِحضـورِك مَع أونـور ، أيـنَ كـنـتِ جلالَتك"
تـذكرت أنها أخـبرَت أونُور أن يتَوجه لِمنزِلها متَحَججة بِالتـعب ، لَكنها كـانت تـحتاجُ عُزلَتها و أورَاقهـا لِتعبـر عـن مَشاعِرها لِتلك اللَّيلة
تنهدَت للمَرة الثـانية هَذا الصـباح متسائِلة عـن رَدة فِعله إن عَلم أنـها كَانت مَـع إيـان .
=" كـنتُ أعِـيش حَياتي ، لِما السُؤال ؟"
-" ابـنة عـمتِك لَـيلَى الكُبرَى أتَـت مِن سَفرِها البَـارحة ، و جَدتك طلَبت حـضُور الكـل ، إلا أنـتِ"
=" أَ أنَا أعـمَل فـي مَكتـب الاستِقبالِ فـي منزِل أمـك و جدَتـي ، أمْ أنَـا حـارس البَوابة ! لِـما أستَقبـل فَتاةً من العَـائلة ، كَـما قُلت (جَـلالَتكِ) لَستُ أنـا مَن يـقطع مَسافةً لاسـتقبَال طـفلَة مـدللَة أخرَى ، و أنَـا أكبـر منها ، تَحديدًا عـمرًا و عـقلا أبتَاه  !"
-" بَـعد حَدثِ توقـيع خَربـشاتِك أحـتاجُك فـي البَيت عـلى الغَذاء ، لَـنا حـديثٌ طـويلٌ حِينها"
أقـفَل الخَطَّ فـي وَجهـها لتَفتـحَ عـيناهَا بِدهشَة ، مِن أيِّ طـينَة صُنعَ وَالدها ! هِـي مَن تَقفل الخَطَّ فـي وَجهِ الآخَريـنَ عَـادةً .
_______________________________
بَـعد سُوَيعات : 12:34pm

انتَـهت مـن التَوقـيع عـلى كتبِ معـجبيهَا البُؤَساءِ و أخذِ صوَر مـعهم ، لِتتوَجه بَعدها بِسيـارتِها إلى مَـنزل جَدتـها لأخذِ حَديث عَقيم مـع وَالدها و مُقابَلة ابنَة عَمتهـا ، لَارَا .
لَم تَسمع عـنها مَا يُقارِب التِسع سَنوَات ، لـكن لا زالَت تتذَكر أنها مُدلَلة العـائلة .
فُتحت البَوابـة لِتدلُف بِسيارَته ، ثـمَ دَاخل المـنزل بَعد رَكنها للسَيـارة ، هـي حَتما لـيست من مُحِبي الاجتـماعات مَع عائلَتها ، لـكنها تـحتاجُ للأَكل حـالا.
مَـع أولِ نَظرَةٍ دَاخل قـاعةِ الأكـل لاحـظت كـلّ عَـائلتِها يـجلسُون بِصمـت ، احتِرامًا للجدة بَينـهم ! تَبًـا للِعادَات ، هَذا مـا قاَلـته فـي ذِهنهَا قـبل أن تدخُل ، صـوتُ كَعـبِها يـَسبِقها و رَائحَة عِطـرها خَـلفها .
-" أصَـابني الشَّك لِوَهـلة أنـك لَن تـحضـرِي ، سـيـرَا"
مَن نطـق كـانَ ابـنَة عـمتِها لَـارَا مَـن  تَـجلِس جَـانبَ جَدتِها ، بِمـقعَدها ...أتُريد التَخلـي عـن مُؤخِرتهَا لـهذِه الدَرجة !
تَـجاهـلتها الأخرَى مُحدقَة بِها بِعيونٍ تَكتسِحُ نَظرَةٍ بَاردة ، متجِهةً إلى مَقعدِها بِخطًى ثَقيـلة و صَدى كـعبِ عَـالٍ .
=" انـهَضِي"
نَـطقَت سِـيـرَا بِـلُغَة فَـرنـسية بـحتَة ،كَون لارَا أكمـلت دِراسَة الطـبِ بفِرنـسا و تَدربـت هُناك .
جَذبَ سمـعها صـوتُ وَالـدها و هـُو يخـبرهَا أن تـختَار مَكانًا آخر مـن تـلك المَأدبة الكَـبيرة .
هـي فَقط تَـجاهَلته ، أسـقطَت حَقيبَتها أرضًا ، وَضعت يَداها عـلى كَتفي لَارا ضـاغطَة عـليها ، بـيـنما الأخرَى ظـهرت عـليها أمَـاراتُ الأَلم .
=" أنَـا ، أبدًا لا أكـرِر الكَلامَ لِـمن لا يُصـغي ، نَفـذي أَو ستَجدِين مُؤَخِرتك مُنـفصِلة عـنك بِشكل بَشع ، حَـاولي وقتَها الحُـصولَ عَـلى حَبيب دُونها"
دَهشـت العائلة ، مـن جَدتِها المُوقِرَة إلى كـل أعمَـامها السـتة، زَوجاتِهم و أولادِهم .
_" كَـعادتك المَـجنونَة، فلتُخبرينـي كَيف جَرى الأمـر مَع طـبيبـك النـفسِي  منـذُ سِنـين"
قَـالت لاَرا و هـي تنزَع يدَي الأخرى عَـن كَتفيها ، دَوما مـا كَانت تَصلُها الأخـبارُ عَن طَريق أمِها ، و قَد تذكَرت أنها أخبرتها يومًا أن ابنَة عمِها ، الحَفيدة الكـبرى للعائلة عَـلى عَلاقةٍ بطَبيبها و النَفسِي أيضًا ، فاستَعملت الخَبر لِرد الصَّـاع لِسيرَا لِحديثـها عَـن حَبيبها و مُؤخرتها ، لَكنها لَيست عَلى دِراية أنها لَمست أرْهَف نُقطـة بِداخِـل أكـبرهِم .
=" أتَقـصديـن مَـن تَـجاهلتُ اسـتقـبالَك بِسَببِه البَـارحة ! لَا زَال مَوجودًا و أفـضَل مـن سِبعـينَ رَجلٍ عَرفتِه . "
ردَت سـيرا ، و أكمَلت بـعد أن قَربت أظَـافرها مـن أعيُن الأخرى .
=" لا تَـلعـبي عَلى أوتَـاري ، سأخنـقكِ بِها يا فَـتاة ... تَبًا أبـدو كَقـاتلة"
سَخرت آخر كَلامـها ، و قـد حمـلت حَقيبتَها متخَطية الطـاولة مُعلِنة عـدم حُضورِها بعد جَعـلهم ينـتظِرون ، غَـافـلة عـن أعـين وَالدها لـو كـانت النـظراتُ تَقتل لـكانت ابنـته مُعـلقة عَـلى خَازوقٍ خَشبـي
.
.

ابـنَـةُ الـعَـين | Fille de l'oeilحيث تعيش القصص. اكتشف الآن