بَـعد شَـهرين || شَـهر نُوفمـبر :
=" إيـان ، مَـا الحـُب بِـنظَرك ؟"
نَبست بِخفوتٍ تسـأله حـيث تُشير بإصـبعها نَحو صدرِه مـنتظرة إجابتـه ، بَينما هـو استَدار يُحدق بلَوحةٍ فَنية مَعروضَة على حَائط المَتحف ، يُحاول تَنـظيم أفكـاره المشَوشة ، نَـظر للاَرض يُغلـق أعـينَه الكُحـلية يقـاطع لَـحظـات انـتظَارها بِـاعتِرافٍ سَلـب لُبَّها
_" أتَـعلَمين مَـتى بَدأ الـحُب ؟ . بَـدأ الحُـب بِنظَري عِندَما اقـتحمتِ مَكتَبي بِـعفوِية أضَـافت بِضع دَقاتٍ سَريعـة عَلى نَبضـي الهَـادِئ ، بَـدأ الحُب عِندمَا ألقَيت عَليّ إحـدى ابتِساماتـك السَاخرة ، بَدأ الحُب مِنكِ ، مَن تَـضحك بَدل أن تَنتـحب ، مَـن تُعطـي يد النـور لِمن يَحتاج مُتغاضِيةً عن غَرقـها بِهاوِية الظَلام ، بِنَظري بَدأ الحُب مَعكِ و انـبَثق مِنك حَتى لَو خُلق قبلـك و بعـدك مـليـار أنـثى .
سَـتبقينَ الحُب و لَوعته ، الحُـب و لَهفـته .
أنتِ هِي الحُـب "
أغلـقت حـدقَتيها تَستـقبل وَصفـه لَها و لِحبهِما حَديثِ الوِلادة بـكل نَبرةٍ رَزينة و نَظـرة هَادِئة .
=" الـحُب ، كُـل مَا أحبَبته قَبلا وُجد بِك أدْعَجي ، أهـيم بالفَـن ، أرَاك كَـلوحَة ألوانُها تَتراوَح مـا بَين أبيضِ السَّلام و أحـمر الدٓماء ، أهيـم بالأحـرف و الكُتب ، وَجدت بِك قَصائدي و خَـواطري ، وَجدت بـك كـل ما يَنقصـني لأكـتمل ، أنت تَجعـلني كـاملة.
أنـتَ هُـو الحُـب "
.
.
الحَـاضِر :أغلـقت أسوَار رُموشها تُخفي خَلفـهم أعيـنًا دَامـعة ، تَـستمِع له و هُو يَروي لَها لَحظة اعتـرافِهم بالهِيام .
أخذ يُمَرر كَف يدِه عَلى وَجنتيـها مُرورًا بِرُموشِها حتى خُصلات شَعرها المُسترسِلـة ، تُرهـقه ... كل خَلية بـه تُنـادي بـاسـمها فِـي كـل لَحظةٍ تَـغيبُ بِها عَن نـاظِرَيه .
لـم يَعتـقد يَومًا أنَـه سَـيقَع بالحـب بِشدة ، حَـتى بـعد أن تَركـته بِدواخِل مُرهـقة لَم يَقل حُبه لَها بـل ازدَاد ، يزدَاد و يكـبر و لَن ينتـهي .
قَرأ مَـرة أن الحُـب ينتَهي و الحَبيب يـرحل و لا يَـبقى إلّا الذِكـريَات ، إلَّا أن الأنثَى القـابعة بَين يَديـه في عُقر مَنـزله حَالِيًا أكدَت لـه أن أيّ حُب حَقيقـي لا يَنتـهي و لا يُمَل مِنه .
=" إيـان ، هَـل وَالـديك عَلى عِلم بِعلاقـتنا ؟"
استَيـقظ مِن غَفوة تَفكـيره عَلى سُؤالـها ،هُو قـد أخـبر وَالدَته مَـرة أنه بِعلاقـة ، لا يدْري إن لازَالت تتذَكر أم لَا .
_" لا اعلم إن لازَالت أمـي تتذَكر حديثـي عنكِ و هَل أخـبرت أبِي ، لَكنـني أخَطط لِلقاءٍ بَينكم ، رُبمَا غَدًا "
استَقـامت مُـسرِعة تَفتح عـيناها عَلى مِصرَعيهمـا بِدهـشة .
=" و مَـتى كُـنت تَنوي إخـباري ! غَدًا قـبل دَقائق من لِقاءِنا ، إنـي هُنا منذُ شَهـرين يَا رَجل ، وَيحك"
أحـاط يَديه بِخـصرها يَجذُبها لَه يَستنـشق عِبقها الطَـاغي عـلى جَو غُرفـته .
_" احـتفظـت بِك لِنَفسي لِهذه المُـدة ، فِداءًا لِسنـين البُعد و الغِـياب "
ابـتسمت تَتكِئ بِرأسـها عَلى صَدرِه تُـفكر فـي أشيَاء تُنافِي منطـق النـاس .
=" إذَن بَعد غـد لَك لِقاءٌ مَـعي ، رُبما فـي متحَف أو في مَكتـبة ..."
_" و مَـا سَببه ؟ هـل ستَختطِفينني"
ضَحكت بِصوتٍ عالٍ تُجـيبه بـإجابـات اعتادَها
=" احـتمالٌ مُمكـن .."
.
.
.
الثَـالث عَشر مِن نوفَـبر || الثَـامنَة لَـيلًا :
أنت تقرأ
ابـنَـةُ الـعَـين | Fille de l'oeil
Short Storyتَـجلِـس تلـگ الأنـثًَى ، يَفوح مِـنها عَبق الحُزن مُلتَحفَةً غِطَاءَ الـألَمِ ، شَـارِدَة فِي سَودَاوية حَياتِها. تَغوصَ فِي عَالمٍ شَيدَته يدَاهـا الطٌَاهِرة. غَـائِرَةٌ أعـيُنها بِلَونِ البُّن ، مُـبتَسمٌ ثَغرها ابـتسامَةً تُخـفِي صَدعًا ، انـكِ...